شيخ العقل: نريد بناء الدولة العادلة الجامعة والحاضنة للجميع
عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز اجتماعها الدوري في دار الطائفة عصر اليوم، برئاسة شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي أبي المنى وحضور رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال القاضي عباس الحلبي والنواب: فيصل الصايغ، وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن وقضاة ورؤساء لجان وأعضاء المجلس، وذلك لمناقشة قضايا اجتماعية ومسائل داخلية ووطنية عامة.
شيخ العقل
وكانت كلمة افتتاحية لشيخ العقل قال فيها: “الحمد لله على ما أنعم به علينا، حمدا دائما في كل حين وعلى كل حال، والدعاء موصول في ثالث الأيام المباركة من العشر الأوائل من شهر ذي الحجة إلى عيد الأضحى المبارك في العاشر منه أعاده الله عليكم وعلى مجلسكم الكريم وعلى عائلاتكم وعلى إخواننا الموحدين والمسلمين واللبنانيين بالخير والأمن والسلام.
في هذه الأجواء المعبرة برمزيتها والحاملة معاني التضحية والترفع والعودة الصادقة إلى الذات ومحاسبتها، نرى من واجبنا الدعوة إلى العمل المحقق لا إلى الكلام المنمق، ونحث المسؤولين على الإسراع في القيام بمبادرات مخلصة وفعالة لإنقاذ البلاد من التخبط والانحدار، والوطن من الضياع والتشرذم، وليكن انتخاب رئيس للجمهورية أولوية تؤكد على احترام الدستور ومشاعر اللبنانيين الوطنية، ولتكن معالجة الشأن الاجتماعي والمعيشي بداية الطريق لاستعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها. هذا الشأن الاجتماعي على مستوى مجتمعنا التوحيدي هو ما نجتمع اليوم لبحثه بطلب من اللجنة الاجتماعية، وهذا الأمر مرحب به لنتشاور ونتعاون في مواجهة الصعوبات والتحديات الاجتماعية، لعل هذا النوع من الاجتماعات للهيئة العامة يتكرر مع أكثر من لجنة وفي أكثر من شأن، أكان في شأن الأوقاف أو في الشأن الثقافي أو الديني أو في الشأن الاغترابي أو الشأن المالي أو غيرها من الشؤون ذات الصلة بمجلسنا”.
أضاف: “نحن وإياكم في مؤسسة مذهبية لها أهداف واضحة ومحددة، وعملنا يجب أن يكون قائما لخدمة هذه الأهداف، لسنا مؤسسة سياسية، ولكن لنا دورنا الوطني إلى جانب القيادة السياسية لحفظ وطننا، وحيث تدعو الحاجة لحفظ حقوقنا الوطنية، ودار الطائفة هي دار الجمع والتواصل والتلاقي، وهي دائما دار المواقف الوطنية الثابتة، ولسنا جمعية خيرية مصنفة لكي نصب كل طاقاتنا في هذا المجال، ولكن لنا دورنا الاجتماعي الخيري المساند الذي لا يمكن أن نتخلى عنه إلى جانب الجمعيات الخيرية وإلى جانب أهلنا المحتاجين الذين أوصى بهم الدين وأوصت بهم الإنسانية، ولسنا منتدى ثقافيا تربويا، ولكن علينا مسؤوليات تربوية وثقافية من خلال مواكبة العمل الثقافي والتربوي ودعمه ماديا ومعنويا بما يساهم في تثبيت هويتنا وتأكيد حضورنا وحفظ تراثنا وتأكيد انفتاحنا وضمان مستقبل أبنائنا، ولسنا خلوة دينية أو مجلسا روحيا، ولكن تقع على عاتقنا واجبات دينية لا يجوز التقصير بها في عصر غلبت فيه المادية على الروحانية وتضاعفت فيه التحديات العلمية والمعرفية والأخلاقية، مما يوجب تعزيز الإيمان في القلوب والتنوير الروحي وإقامة التوازن بين الثابت والمتغير، كما بين التقليد والتجديد، والمحافظة على ثوابت العقيدة وعلى القيم الفردية والعائلية والاجتماعية وفتح الآفاق للمسافرة في درجات التعاليم والمعارف التوحيدية”.
وتابع: “ولسنا مؤسسة اغترابية متخصصة، ولكننا معنيون بالشأن الاغترابي ومسؤولون عن لم شمل أبنائنا وإخواننا في بلاد الاغتراب والانتشار بما يعني ذلك من إفادة واستفادة، ومن تمتين أواصر العلاقة معهم لتمتين أواصر الطائفة بتعزيز ثقافة الانتماء للوطن والأرض وللعقيدة التوحيدية وللقيم المعروفية، ولسنا مؤسسة مالية استثمارية، ولكننا قادرون بالتعاون والتنسيق والإرادة على رعاية طاقات أبنائنا وإخواننا المتمكنين فكريا وماديا و?حتضان أية مجموعة قادرة على المساهمة في استثمار الأوقاف وبناء الشركات المنتجة وخلق مجالات العمل للشباب للمساعدة في ترسيخ ثقتهم بطائفتهم وبوطنهم وفي تثبيت أهلنا بأرضهم، ولسنا هذا وذاك، بل نحن مجلس مذهبي نفتخر بوجوده ونعتز بشخصياته ونأمل أن يكون دائما مجلسا جامعا للنخب الكفوءة من أبناء الطائفة القادرة على التضحية والتفاعل الإيجابي، مجلس محكوم بقانون يلحظ وجود لجان متعددة، لجنة الأوقاف واللجنة الاجتماعية واللجنة الدينية واللجان الثقافية والاغترابية والمالية والإدارية والقانونية، مما يدل على طبيعة عمله واهتماماته. هو مجلس طائفي مذهبي بمظهره، وطني بمضمونه، في وطن تتنوعفيه الأديان والمذاهب والثقافات، وتكثر فيه الهويات الروحية والمذهبية، ويتشارك ويتكامل أبناؤه في تكوين هوية وطنية واحدة، والجميع أخوان في المواطنة، لنا ما لهم من حقوق، وعلينا ما عليهم من واجبات. انتماؤنا الوطني لا غبار عليه، وتضحيات أجدادنا وآبائنا يعرفها القريب والغريب، وأهدافنا تصب في مصلحة المجتمع والوطن. نفتخر بأصولنا العربية وعمقنا العربي ونعقد ولاؤنا الوطني للدولة لا لسواها، فلا مطمع ولا مطمح لنا إلا بناء الدولة العادلة الجامعة والحاضنة للجميع”.
وأردف: “أما الموضوع المطروح اليوم فيتعلق بالشؤون الاجتماعية، وهو موضوع الساعة وموضع الاهتمام الأول في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية، وفي ظل غياب الدولة عن كثير من قضايا الناس ومعاناتهم، ولولا القيادة الراعية المتمثلة بدار المختارة ولولا الدعم الاغترابي لكان الوضع لا يحتمل، فما قدمه وليد بك في هذه السنين العجاف لا يضاهى، ولكنه لا يمكنه تغطية كل الحاجات، فهناك أحمال لا يستهان بها، وهناك ضرورة دائمة لتغذية صناديق الدعم وعلى الأخص الصندوق المركزي الذي أطلقه وليد بك بحسه الأبوي المرهف مع نخبة من الخيرين الكرام، ونحن من جهتنا نقوم بالواجب في المجلس المذهبي من خلال اللجنة الاجتماعية، وفي مشيخة العقل كذلك، وكلانا معني بالمساعدة واحتضان أهلنا، وذلك على قدر ما تسمح به الإمكانيات وما يردنا من تبرعات. وهنا بيت القصيد، والسؤال المطروح: كيف يمكننا تنسيق العمل وتفعيله؟ كيف يمكننا استثمار طاقات أبنائنا العلمية لرسم الخطط الاستراتيجية للمستقبل القريب والبعيد؟ كيف يمكننا استثمار الأوقاف لزيادة المداخيل؟وكيف نعزز الثقة بالصندوق الخيري الإنمائي الذي أطلقناه في آذار 2022 وكيف نغذيه؟ وكيف يمكننا دعم وإنجاح البرامج الاجتماعية والدينية التي بدأناها؟ وكيف يمكننا تنمية العلاقة مع الميسورين من أصحاب الأيادي البيضاء والتوسع في جمع التبرعات؟ وكيف يمكننا تنظيم برامج المساعدات وترتيب الأولويات؟ وكيف يمكننا متابعة شؤون المجالس والخلوات وإعزاز الشأن الديني بما يتطلبه من سعي دؤوب للارتقاء الروحي وجمع الشمل وتوحيد الكلمة؟”.
واضاف: “اسئلة كثيرة تحتم علينا تحمل المسؤولية والتفكير معا والتعاون في جو من الإيجابية والاندفاع. لسنا بعاجزين عن وضع الصيغة المناسبة للعمل، ولا نحن ضعفاء لنستسلم أمام تحديات الأزمة، فإلى جانبنا قيادة حكيمة مسؤولة ومشايخ أفاضل أجلاء وأصدقاء وأخوة مقتدرون ومجلس مذهبي متماسك، ومن حولنا مجتمع معروفي وفي، ولدينا نماذج من البدايات الناجحة تنتظر منا تطويرها ودعمها، كالكلية الدينية في عبيه ومركز الرعاية الصحية في عاليه وعقود الأوقاف الجديدة كعقد المدرسة المعنية في بيروت، وبرنامج “سند” للتعاضد الاجتماعي وبرنامج الثقافة التوحيدية لأبنائنا المقيمين والمغتربين وغيرها من النماذج والبرامج، ولعل خطة اللجنة الاجتماعية التي نحن بصدد عرضها ومناقشتها اليوم هي الأولى في الجهوزية والأولى بالاهتمام، بما تتمتع به رئيسة اللجنة من حس اجتماعي وفكر متقدم وقدرة على العمل بتضحية واندفاع، وأعضاء اللجنة كذلك، ما من شأنه أن يضعنا أمام خيارات دقيقة وجدية تستوجب استنهاض الطاقات والهمم لدعم تلك الخطة، دون أن ننسى المهام والخطط الأخرى لبقية اللجان، كما للمجلس مجتمعا ولمشيخة العقل التي تمثل ما تمثل من موقع معنوي وعملي ووطني جامع ومسؤول نحرص وتحرصون عليه كمجلس متكامل وكأعضاء دائمين ومنتخبين”.
وختم: “النوايا طيبة والرؤيا سليمة والإرادة صلبة والورشة مفتوحة للعمل من قبل الجميع، ولن أزيد لأترك المجال للجنة الاجتماعية لعرض ما لديها، ولكم للمداخلة والاستيضاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
غادة جنبلاط
ثم عرضت رئيسة اللجنة الاجتماعية في المجلس المحامية غادة جنبلاط لبرامج اللجنة الاجتماعية وإنجازاتها والصعوبات التي تعترض تحقيق تلك البرامج، واشارت الى “آفاق وأهداف مستقبلية تتطلع اليها اللجنة وتأمل الدعم لإدراكها”.
ضو
وكان شيخ العقل استقبل النائب مارك ضو الذي قدم اعتذارا عن حضور الجلسة بسبب اضطراره للسفر حالا، وجرى البحث في عدد من المواضيع العامة والخاصة، بحضور قاضي المذهب الشيخ غاندي مكارم.
اتصال
وكان قد جرى اتصال بين الشيخ أبي المنى والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “للتشاور والتأكيد على الرسالة الروحية والوطنية المشتركة”.
تعاز
وقدم شيخ العقل التعازي بالمرحوم ابو يوسف غسان يوسف خطار حيدر من الشويفات في “قاعة تربة الدروز” في بيروت.
تكليف
وكلف الشيخ ابي المنى وفدا من قبله لزيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة ، ضم الشيخ غاندي مكارم واللواء الركن المتقاعد شوقي المصري والشيخ كمال أبي المنى، وأثنى أعضاء الوفد على “الجهود التي يبذلها الجيش في ظل الأزمة الراهنة”، مؤكدين “الدعم المتواصل للمؤسسة العسكرية”.
كذلك زار الوفد مدير المخابرات العميد انطوان قهوجي.