بعد تأسيسه لكسر هيمنة العملة الخضراء.. كيف بات مصير بنك صيني مرهونا بالدولار؟

في مطلع عام 2015، أطلقت دول منظمة “بريكس” بقيادة الصين، مصرفا جديدا يتخذ من ناطحة سحاب فخمة بمدينة شنغهاي مقرا له، وذلك ليأتي “كبديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين تهيمن عليهما الولايات المتحدة”.

وبعد تدشينه، أعلن بنك التنمية الجديد التابع لـ “بريكس” أنه وافق على مجموعة أولى من القروض تبلغ قيمتها الإجمالية 811 مليون دولار لمشاريع في مجال الطاقة المتجددة في أربعة من البلدان الأعضاء فيه.

واليوم، توقف بنك التنمية الجديد عن تقديم قروض جديدة، حيث يواجه مشكلة في جمع الأموال بالدولار لسداد ديونه، حسبما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن بقاء بنك التنمية الجديد، الذي تأسس بهدف إعادة تشكيل التمويل الدولي، يبقى مرهونا باعتماده على الدولار الأميركي.

بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، يوم 24 فبراير لعام 2022، جمد البنك الإقراض الجديد لروسيا لطمأنه المستثمرين على امتثاله للعقوبات الغربية. ومع ذلك، سرعان ما أصبح “وول ستريت” حذرا من إقراض أحد البنوك المملوكة لروسيا بنسبة 20 بالمئة.

ومنذ ذلك الحين، اضطر البنك التابع لمنظمة “بريكس” إلى تحمل ديون باهظة الثمن بشكل متزايد لخدمة القروض القديمة والبقاء على اطلاع بمتطلبات السيولة الخاصة به.

و”بريكس” هي منظمة تضم خمس دول تشكل اقتصادات ناشئة، هي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

وتأسست “بريكس”، عام 2006، من قبل الدول الأربع الأولى وكانت تسمى “بريك” على الأحرف الأولى من أسماء تلك الدول عندما اجتمع وزراء خارجية الدول الأربع الأولى (البرازيل وروسيا والهند والصين) بمدينة نيويورك، في سبتمبر من عام 2006، على هامش المناقشة العامة لجمعية الأمم المتحدة قبل انضمام جنوب أفريقيا لاحقا.

وتعمل “بريكس” على تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين الدول المنضوية تحت هذا التحالف، إذ تبنى أول اجتماع للمنظمة، عام 2009، تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية.

البحث عن أعضاء جدد
ولتعزيز موارده، يجري بنك التنمية الجديد محادثات مع السعودية والأرجنتين وهندوراس بشأن الانضمام إلى عضويته، وفقا لما نقلته “وول ستريت جورنال” عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وعندما حصل بنك التنمية الجديد على سندات بقيمة 1.25 مليار دولار، في أبريل، وهي الأولى منذ الغزو الروسي، كانت تكلفتها تقترب من خمسة أضعاف تكلفة الاقتراض السابق.

وقالت كبيرة الباحثين بمعهد البحوث الاقتصادية التطبيقية في البرازيل، لوسيانا أسيولي: “يجب أن يشعر البنك بالقلق بشأن عدم قدرته على الوصول إلى أسواق رأس المال”. وأضافت “إنها ليست مشكلة يمكن حلها على الفور”.

في المقابل، قال بنك التنمية الجديد في بيان إنه يعتقد أن هناك “اهتماما كبيرا بالسندات الصادرة” من قبله. وأضاف أن مصادر السيولة والقروض لا تزال قوية.

وبعد تأسيسه برأس مال يبلغ 10 مليارات دولار من قبل المؤسسين الخمسة، وجد الأعضاء أنه سيكون من الصعب الاعتماد فقط على البنوك الصينية وأسواق رأس المال لتوفير السيولة اللازمة.

وبدأ بنك التنمية الجديد في اقتراض مليارات الدولارات من مؤسسات استثمارية في “وول ستريت” وكذلك من البنوك المملوكة للدولة في الصين.

وكان بعض ما اقترضه مقوما باليوان الصيني، لكن حوالي ثلثي قروض البنك مقومة بالدولار وهذا لا يتماشى مع هدف البنك المعلن لكسر اعتماد أعضائه على الدولار، بحسب الصحيفة.

ومع توفر التمويل، بدأ البنك في الإقراض للأعضاء من مليار دولار، عام 2017، إلى 30 مليار في بداية العام الماضي.

وخفضت وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني للبنك، في يوليو من عام 2022، مشيرة إلى التحديات التي تواجه وصوله إلى أسواق السندات الدولارية.

وأخبر المصرفيون الاستثماريون ممثلي بنك “بريكس” أن تكلفة اقتراض ديون جديدة قد تكون أكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل الغزو، مما تسبب في تخليه عن بعض محاولات جمع الأموال، وفق ما نقلته الصحيفة الأميركية عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وليس هناك ما يشير إلى أن المناقشات مع السعودية أو دول أخرى ستؤدي إلى ضخ كبير لرأس المال، مما يترك البنك عالقا في مستنقعه الحالي، مع القليل من علامات التحسن.

وقالت أسيولي من معهد البحوث الاقتصادية التطبيقية، للصحيفة: “تحتاج دول بريكس إلى العمل معا لمواجهة هذه الصعوبات”. وتابعت: “لكن الفارق البسيط هو أنه سيكون من الصعب عليهم التغلب على التحديات إذا استمرت الحرب في أوكرانيا”.

الحرة

مقالات ذات صلة