عون يستدرج تدخّل الأسد رئاسياً!
زيارة الرئيس ميشال عون أمس للرئيس بشار الاسد بدت متأخرة في التوقيت، بعدما أصبح الزائر رئيساً سابقاً وأمضى فترة ولايته من غير زيارة دمشق. لكن حصولها والمواقف التي أعلنها الاسد خلال استقبال ضيفه، حملت مضموناً سياسياً يتصل بأوضاع البلدين على المستويين الداخلي والاقليمي.
بالنسبة لعون، وبحسب معلومات “نداء الوطن”، فقد حاول ان يستبق زيارته لدمشق بلقاء مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لوصل ما انقطع على خلفية الاستحقاق الرئاسي. لكن الوسطاء بين الرابية وحارة حريك، لم يوفقوا بترتيب موعد بسبب عدم الحصول على جواب من الامين العام لـ”الحزب”. عندئذ، قرر الجنرال ان يسعى الى لقاء الاسد فتجاوب الاخير، وتحدد موعد الزيارة منذ الاسبوع الماضي.
وبحسب المتابعين، كان الهم الطاغي عند زعيم “التيار الوطني الحر” تحصين وريثه في رئاسة “التيار” النائب جبران باسيل في مواجهة ما وصفته اوساط الضاحية بـ”التكويعة الخطرة” التي قام بها باسيل، برفض الامتثال لقرار “الحزب” ترشيح سليمان فرنجية، والذهاب الى خيار المعارضة بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. ومن هنا، وفي إطار الابقاء على “شعرة معاوية” بين “التيار” و”الحزب” حمل عون الى الاسد “الخيار الرئاسي الثالث” ألا وهو الوزير السابق زياد بارود لعل وعسى يعيد هذا الخيار جسور التفاهم بين شريكي “تفاهم مار مخايل” الذي جرى سابقاً وضعه جانباً. وهنا على الاسد ان يكون وسيطاً بين هذين الشريكين السابقين، فهل سيفعل؟
بالنسبة للاسد، فقد استقبل عون على رغم ادراكه تدهور علاقات حليفيه، علماً ان الاسد كان يحرص دوماً عندما يكون هناك أمر يتصل بالملف الرئاسي ان يطلب من سائله ان “يراجع” نصرالله. فهل طرأ تعديل على سياسة الاسد لبنانياً؟ وفي المعلومات ان الاسد ابلغ عون انه لا يتدخل في الموضوع الرئاسي وانه على حياد ولم يبحث الموضوع مع احد وهذا ما تبلغه فرنجية .
بعيداً عن اطلاق الاحكام النهائية، تشير معلومات “نداء الوطن” الى ان دمشق وبعدما رفع الحظر العربي الرسمي عن التعامل مع النظام السوري، بدت وكأنها “أكثر حرية” مما كانت على مدى اعوام خلت. وعزز هذه “الحرية” ما حكي عن ان الزيارة الاخيرة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي لسوريا لم تكن ناجحة نتيجة التباين بين الجانبين، لدى إثارة رئيسي فاتورة مالية تطالب الاسد بدفعها وتعود الى مشتريات ابرزها المشتقات النفطية، مع تسهيل بالدفع من خلال اعطاء طهران مرافق في سوريا. لكن الاسد اجاب نظيره قائلا: “لا”. وسأل الاسد رئيسي: “ماذا لو ان هذه المرافق التي تطلبونها اصبحت هدفا عسكرياً لإسرائيل، ماذا نستطيع ان نفعله؟” وهكذا انتهت زيارة الرئيس الايراني الى نتيجة سلبية.
وفي تفاصيل زيارة عون امس لدمشق، وزّع رسمياً ان الاسد أكد أن “قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأن اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق، والأهم بالتمسك بالمبادئ وليس الرهان على التغيرات، وأشار إلى أن “استقرار لبنان هو لصالح سوريا والمنطقة عموماً”، بحسب وكالة الانباء السورية “سانا”. أضاف الاسد: “كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سوريا ولبنان لما فيه خير البلدين”. وعبّر عن ثقته بـ”قدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشاكل والتحديات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية”.
واعتبر الاسد أنه “لا يمكن لسوريا ولبنان النظر لتحدياتهما بشكل منفصل عن بعضهما”، منوهاً بأن “التقارب العربي – العربي الذي حصل مؤخراً وظهر في قمة جدة العربية سيترك أثره الإيجابي على سوريا ولبنان”.
من جهته قال عون: “إن اللبنانيين متمسكون بوحدتهم الوطنية على الرغم من كل شيء”، واشار الى أن سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطيرة بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته”، مؤكداً أن “نهوض سوريا وازدهارها سينعكس خيراً على لبنان واللبنانيين”.
وفي بيروت، اعلن المكتب الإعلامي لعون في بيان، أن الرئيس عون، وفي موضوع النازحين السوريين، أطلع الأسد على “خطورة الموقف الأوروبي الرافض لإعادتهم الى بلادهم والساعي لدمجهم بالمجتمع اللبناني، والذي يضغط بشتى الوسائل لمنع هذه العودة بادعاء حمايتهم من النظام في سوريا… فأكد الأسد أن سوريا كانت وما زالت مستعدة لاستقبال أبنائها”، وقال: “هذه مسألة تتم بالتواصل والتعاون بين الدولتين”.
يشار الى ان اجتماع الرئيسين دام ٤٥ دقيقة تلاه غداء عمل لمدة ساعتين ونصف الساعة.
نداء الوطن