هل يشهد عام 2030 نهاية الجنس البشري؟

الخبراء والعاملون في حقل الذكاء الاصطناعي منقسمون في توقعاتهم حول مستقبل العالم بحلول عام 2030، فريق يحمل لنا أخبارا سارة، وفريق آخر يحمل لنا أخبارا مقلقة وكابوسية.

الفريق الأول يرى أن تقنية الذكاء الاصطناعي ستصبح متطورة إلى درجة أنها ستتيح لنا إمكانية إنتاج فيلم سينمائي خلال يوم واحد، ويصبح بإمكان كل طالب الحصول على مدرس ذكاء اصطناعي شخصي خاص به، وتعزز قيمة الاقتصاد العالمي وتقدم حلولا لأزمة الطاقة.. هذا السيناريو هو النصف المملوء من الكأس.

أما النصف الفارغ من الكأس فهو سيناريو يتحدث عن القضاء على الجنس البشري؟

لنبدأ أولا باستعراض السيناريو القاتم:

ناقوس الخطر
وسط اقتراحات بأن الذكاء الاصطناعي سيحسن حياتنا بشكل لا يقاس، هناك أيضا خبراء من بين المتشائمين الذين يحذرون من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقضي على الجنس البشري بحلول عام 2030، أي خلال سبع سنوات من الآن، عالم الكمبيوتر الأميركي إليعازر يودكوفسكي الذي راهن الاقتصادي برايان كابلان على أن الذكاء الاصطناعي غير المتوافق مع البشر سينهي العالم بحلول الأول من يناير 2030. وهو باحث مشهور في معهد أبحاث ذكاء الآلة في بيركلي، كاليفورنيا، وأحد أكثر الخبراء صراحة للتحذير من الذكاء الاصطناعي.

وكتب في وقت سابق من هذا العام “إذا قام شخص ما ببناء ذكاء اصطناعي قوي للغاية، في ظل الظروف الحالية، أتوقع أن يموت كل فرد من أبناء الجنس البشري وجميع أشكال الحياة البيولوجية على الأرض بعد ذلك بوقت قصير. النتيجة المحتملة لمواجهة الإنسانية لذكاء خارق هي خسارة كاملة”.

ويقول إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يمحو الإنسانية إذا تجاوز ذكاؤه البشر، ثم يطور قيما وأهدافا مختلفة للبشر.

ومن بين الخبراء البارزين الآخرين الذين يقولون إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن “يدمر الحضارة” الملياردير أيلون ماسك والعالم البريطاني ستيفن هوكينغ، على الرغم من أنهم لم يتقصدوا الإشارة إلى أن جميع البشر سيتم القضاء عليهم بحلول عام 2030.

وكان ماسك يدق ناقوس الخطر بشأن الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، محذرا الشهر الماضي فقط من أنه قد يدمر الحضارة، على الرغم من أنه يشير إلى أنه لن يقضي تماما على البشر لأننا جزء “مثير للاهتمام” من الكون. وادعى أنه سيكون أكثر ذكاء من البشر بحلول عام 2030.

وحذر هوكينغ سابقا من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن “ينطلق من تلقاء نفسه ويعيد تصميم نفسه بمعدل متزايد باستمرار”، وسيكافح البشر المحدودون المقيدون بالتطور البيولوجي، لمواكبة ذلك.

وتزايدت خلال الأيام الأخيرة الدعوات إلى تجميد تطوير الذكاء الاصطناعي، وسط مخاوف من أنه قد يؤدي إلى موجات من فقدان الوظائف.

وهناك تحذيرات من وصول الذكاء الاصطناعي إلى ذكاء شبيه بالإنسان بحلول عام 2030.

ومن بين أولئك الذين أطلقوا التحذير مهندس غوغل السابق راي كورزويل، وهو عالم مستقبلي مشهور يدعي أن التنبؤات تحقق معدل نجاح بنسبة 86 في المئة.

وأثناء حديثه في مؤتمر في أوستن، تكساس، في عام 2017، قال “التاريخ 2029 هو التاريخ الثابت الذي توقعته عندما يجتاز الذكاء الاصطناعي اختبار تورينغ، وبالتالي يحقق مستويات الذكاء البشري”.

وكان قد قال سابقا إن أجهزة الكمبيوتر في عام 2014 “ستتساوى” مع البشر، وستكون قادرة على المغازلة ورواية النكات ورواية القصص.

وهناك بالفعل مخاوف متزايدة من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى الآلاف من حالات الاستغناء عن الحاجة، حيث تبدأ الشركات في استخدام التكنولوجيا لملء الوظائف بمجرد أن تكون بحاجة لأن يعمل بها أشخاص.
تغيّر نحو الأفضل

تنبؤات المتفائلين مختلفة تماما، وقد نقلت صحيفة ديلي ميل البريطانية آراء ثمانية منهم، تحدثوا عن تغيرات جذرية يحدثها الذكاء الاصطناعي يمكن أن تغير حياتنا في غضون العقد المقبل.

يمكن أن تصبح تقنية الذكاء الاصطناعي جيدة جدا إلى درجة أنها ستبدأ في إنتاج أفلام كاملة في غضون يوم واحد، كما يتنبأ الكاتب في نيويورك لسلسلة الخيال العلمي على تلفزيون “آبل تي.في” سيلو مستر هاوي، الذي أكد أنها مسألة وقت فقط قبل أن تتمكن أدوات الذكاء الاصطناعي من صناعة الأفلام و”ستكون الأفلام رهيبة في البداية، لكنها ستتحسن. أعتقد أن الناس سيشاهدونها ويفتنون بها حتى عندما لا تكون جيدة جدا”.

ووفق المتفائلين، يتمتع الذكاء الاصطناعي أيضا بالقدرة على تحويل قطاع التعليم وتصميم خطط الدروس وفقا للفصول الدراسية.

ويرى الدكتور أجاز علي، رئيس قسم الأعمال والحوسبة والتنبؤ في جامعة رافينسبورن في لندن، أن الأطفال سيمكنهم قريبا الحصول على مدرس ذكاء اصطناعي شخصي خاص بهم يقدم دروسا مصممة خصيصا للمناطق التي يعانون منها.

واقترح علي أن يتم ذلك من خلال نظارات الواقع المعزز أو الروبوتات.

وقال “يمكننا أيضا رؤية مدرسين افتراضيين مدعومين بالذكاء الاصطناعي، سيقدمون ملاحظات شخصية ودعما للطلاب. وفي السنوات العشر القادمة، قد نرى فصولا دراسية افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها إنشاء تجربة تعليمية تفاعلية وغامرة أكثر”.

ومن المتوقع أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لاستكمال طرق التدريس التقليدية الحالية، بدلا من استبدال المعلمين بالكامل.

حاليا، يمكن لمنصات الذكاء الاصطناعي المتاحة إنشاء خطط دروس للمعلمين مصممة خصيصا لفصل معين.

ويقترح المتفائلون أيضا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز قيمة الاقتصاد العالمي بمقدار 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030، أو أكثر من قيمة اقتصادات الهند والصين مجتمعتين، وبنسبة الخمس مقارنة بالمستويات الحالية.

ويقول المحللون إن هذا سيكون مدفوعا بتطوير المزيد من المنتجات المحسّنة والشخصية، ما سيؤدي إلى طفرة يحركها المستهلك.

وتقول دراسة نشرت في يناير “يُظهر بحثنا أيضا أن 45 في المئة من إجمالي المكاسب الاقتصادية بحلول عام 2030 ستأتي من تحسينات المنتج، ما يحفز طلب المستهلكين”.

وهناك أيضا اقتراحات بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على حل أزمة الطاقة في العالم بحلول عام 2030.

وقال سام ألتمان، مؤسس شركة “أوبن أي.آي” التي طورت روبوت المحادثة تشات جي.بي.تي، إن بحلول عام 2030 سيكون الذكاء الاصطناعي قد حل الأزمة.

وفي سلسلة من التغريدات عام 2021، قال “يمكن أن يكون المستقبل جيدا إلى درجة يصعب على أي منا تخيله. وجهة نظري الأساسية في هذا هو أنه سيكون لدينا ذكاء وطاقة “غير محدودين”.

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي سيفعل ذلك من خلال المساعدة في تطوير الاندماج النووي، وهي طريقة لإطلاق الطاقة من الذرات للاستخدام الذي لا ينتج عنه نفايات نووية طويلة العمر.

وفي مجال الرعاية الصحية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بالمشكلات قبل حدوثها، كما يقول خبير الذكاء الاصطناعي سيمون باين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة البرمجيات أومني إنديكس، ومقرها في كاليفورنيا.

وقال باين “بحلول عام 2030، يمكن أن يتنبأ الذكاء الاصطناعي بمشاكل الرعاية الصحية المستقبلية من خلال متخصصين يستخدمون أدوات متخصصة. ذلك لأن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون خدمات تلبي احتياجاتنا المحددة بشكل مباشر، بسرعة وسهولة. لا ينبغي أن يعتمد هذا المستقبل على الذكاء الاصطناعي السائد الحالي، لأن هذا ببساطة يستخدم التكنولوجيا لإعادة المحتوى وإعادة توظيفه”.

وفي غضون العقد المقبل، ربما سيكون من الممكن أن يتولى الذكاء الاصطناعي دورا كبيرا في رعاية كبار السن.

ويمكن لروبوت الرعاية مثل “إيلي كيو” أن يساعد على محاربة الشعور بالوحدة لدى كبار السن وإبقاء الناس على اطلاع دائم على التقويمات الخاصة بهم. إنه يعمل من خلال تعلم اهتمامات شخص ما ورغباته وروتينه اليومي لتحديد متى يكون متاحا لطرح سؤال أو اقتراح أنشطة قد يستمتع بها بشكل استباقي. كما يُذكّر كبار السن بجدولهم اليومي ومتى يتناولون أي أدوية، ما يساعدهم على ضمان عدم تفويت أي منها.

هذه ليست مجرد نبوءات لمنجمين، بل آراء لخبراء ساهموا في تطوير الذكاء الاصطناعي. ولكن، يبقى الحديث عن قيامة قريبة بسبب الروبوتات أمرا مبالغا فيه.

في النهاية لن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا للبشر. ووفق الباحث الألماني في دراسات المستقبل، هورست أوباشوفسكي “الذكاء الاصطناعي ليس سوى عامل خطورة، لكنه لن يحل محل البشر مطلقا، بل سيقلدهم بشكل ضعيف على الأحرى. من المؤكد أنه سيغير أشياء كثيرة في المجتمع للأفضل أو للأسوأ. لذلك يجب أن نجد إجابات للأسئلة المتعلقة بما إذا كانت هذه التغييرات جيدة أخلاقيا، وما إذا كانت عادلة اجتماعيا، وما إذا كانت تجعل الحياة أفضل وتستحق العيش. الذي لا يؤمن بالتغيير للأفضل يمكنه ترك وظيفته…”.

العرب

مقالات ذات صلة