أردوغان خسر جولة.. لكن المعركة لصالحه!
للمرة الأولى في تاريخها، تتّجه تركيا نحو جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، في أعقاب جولة أولى متنازع عليها. ويتعيّن أن يتقرّر في 28 أيار فوز الرئيس رجب طيب إردوغان أو منافسه الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو. إذ لم يتمكن أي من المرشحين الأربعة وهم أردوغان وأوغلو وسنان أوغان ومحرم إنجه الذي سحب ترشيحه، من حسم النتيجة لصالحه بعد فرز 100 بالمئة من أصوات الناخبين، حيث يتقدم أردوغان على منافسيه، لكنه لم يتجاوز 50 بالمئة، وهي نسبة الأصوات التي يحتاجها ليفوز بولاية رئاسية جديدة لمدة 5 سنوات. فهل تبقى حظوظ إردوغان مرتفعة في الجولة الثانية؟.
العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يؤكد لـ”المركزية” ان الجولة الاولى أظهرت حجم المصاعب الاقتصادية والمالية التي واجهها اردوغان في هذا العهد والتي أدّت الى تعثّر الاقتصاد التركي وأثّر على مستوى حياة المواطنين. فعندما تسلم اردوغان الحكم كانت الليرة التركية قريبة جدا من سعر الدولار فكانت الليرة الواحدة تساوي تقريبا دولارا أميركيا واحدا، بينما اليوم 17 او 18 ليرة تركية أصبحت تساوي دولارا، هذا إضافة الى التضخم المرتفع وتبدّل الأسعار وتراجع الاقتصاد والتجارة الدولية، هذا ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد التركي وعلى معيشة الاتراك”.
ويضيف: “كما ان اردوغان ومنذ ان حدثت محاولة الانقلاب ضده خلال ولايته السابقة والحكم المتشدد الذي مارسه في تركيا، اتُّهِم بتهديد الحريات العامة وبتحويل الحكم الى استبدادي بعدما استولى على كل الصلاحيات من خلال نقل النظام التركي من البرلماني الى الرئاسي، وهذا اتهام آخر له بالتشدد وبقيامه بممارسة اساليب بوليسية ضد الحريات العامة وغيرها من الأمور. يضاف الى كل ذلك قضية الزلزال الذي ضرب تركيا وقتل ما يقارب الخمسين الف مواطن تركي، هذه ايضا أثّرت عليه، لأنها خلّفت الكثير من الالام والمصائب امام فئة واسعة من الشعب التركي خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي”.
ويتابع عبد القادر: “الى كل ما سبق، أظهرت الانتخابات التركية عناصر جديدة. فسياسياً مثلاً ولأول مرة تقوم المعارضة مجتمعة من خلال اتحاد ستة احزاب رئيسية معاً، بخوض الانتخابات ضد اردوغان، إذ لم يسبق ان توحدت الاحزاب كهذه المرة. وهذا عنصر جديد ومهم ايضا. كما تبيّن ان اوغلو مرشح المعارضة ومنافس اردوغان، يتمتع بشخصية مميزة وصعود سياسي واضح وصاحب دعوات سواء لموضوع معالجة الازمات الاجتماعية او الوعد بالعودة الى النظام البرلماني وأمور اخرى. هذا بالاضافة الى ان هناك حزبا كرديا – والاكراد يُعدَّون بين 15 الى 16 في المئة من الشعب التركي – حزب الشعوب الكردية الذي يجمع اكثرية الاكراد حول برنامجه، وهو غير متهم بدعم حزب العمال الكردستاني كحركة انفصالية كما أنه يؤيد بقاء الاكراد ضمن تركيا الموحّدة، لذلك فإن هذا الحزب سيجيّر الكثير من الاصوات الكردية لصالح مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو”.
ويؤكد عبد القادر ان “كل هذه العناصر قد وضعت اردوغان على المحك، لكن هذه النتائج التي أفرزتها الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية تؤشر الى أن اردوغان وحزب الرفاه والتنمية ما زال يحظى بتأييد كبير ولا نقول اكثرية الشعب التركي، بما انه حصل على 49 في المئة بفارق تقريبا اكثر من خمس نقاط مئوية من منافسه بالرغم من كل العناصر التي ذكرناها والتي قد تصب لصالح المعارضة. كما ان هناك مرشحا ثالثا كان يخوض المعركة، حصل على نتائج متواضعة جدا وقد سارع الى القول بعد صدور النتائج انه لن يؤيد ايا من المرشحَين، وهذا الكلام قد يصب لصالح اردوغان اكثر من مرشح المعارضة”.
ويختم: ” اردوغان سيفوز حتما في الدورة الثانية إنما ليس بفارق بسيط مع مرشح المعارضة. لكن كونه لم يفز من الدورة الاولى، فهذا يؤكد مدى الصعوبات التي يواجهها في حكم تركيا ومدى تراجع شعبيته بسبب مسلسل الازمات والنكسات التي واجهها في هذه الفترة الرئاسية”.