خاص: هل وجد اللبنانيون في المشروبات الرمضانية بديلاً عن نيران الحلويات؟!

كلّما تضيق الأحوال أكثر فأكثر، لا يجد اللبناني أمامه إلا البحث عن البديل، وهذه المرة بحث اللبنانيون عن بديل للحلويات الرمضانية، التي تضخّمت أسعارها بأشواط عن أسعار رمضان 2022، بفعل “غول الغلاء” الذي افترس معيشة متوسطي الدخل، فكان اللجوء إلى المشروبات الرمضانية، علّها تطفئ الظمأ وتسلّي الروح.

ولكن، حتى هذه المشروبات البديلة ارتفعت أسعارها بشكل كبير جداً، ولامست في بعض المحلات أسعار الحلويات الرمضانية، خصوصاً إذا ما أُضيفت إليها المكسّرات وبعض الزبيب، أو الفواكه المجففة، لكن تبقى سلوى المسكين في زمن القحط.

عصائر رمضانية منوّعة

 وبما أن دول ما يُعرف بالساحل السوري أو بلاد الشام “من سوريا، إلى لبنان، فلسطين”، معروفة بأنواع رمضانية معينة من المشروبات الرمضانية، استطلعنا نسمات بخور الجلاب، وأوضاع التمر الهندي، إضافة إلى أحوال “العرق سوس”، مُضافة إلى البرتقال البارد، والليموناضة، مع الجديد من “العصائر المودرن” التي دخلت إلى السوق منذ عدد من السنوات، فهل ما زالت موجودة في ظل الأزمة؟!

باب رزق

أمين الكردي (شاب عشريني عاطل عن العمل) أشار إلى أن حلول رمضان في هذا الظرف المعيشي السيئ، فتح أمامه باباً للرزق، حيث اشترى من “سوق الأحد” (منطقة شعبية على طرف العاصم وبيروت) ماكينة عصير حمضيات يدوية، واتخذ زاوية بمحاذاة باب منزل أهله، وراح يعصر البرتقال والحامض، وتعبئتها في زجاجات بلاستيكية.

وإذ سألناه عن المبيع، أكد أنه ولله الحمد، منذ مطلع الشهر أمور البيع جيدة، حيث إن السعر الذي طرحه أرخص بكثير من المحلات، لأنه يسعى إلى الربح، آملاً أن يستمر في عمله بعد انقضاء الشهر، وبدء فصل الصيف.

محمد السوري

وإذا ما تخطينا أمين ومضينا بضعة مئات من الأمتار، القتينا شاباً آخر، وقد وضع زجاجات المشروبات متعددة الألوان، وهذه المرة ليست فقط برتقال وليمون حامض، بل تنوّعت بين الجلاب والتمر الهندي وحتى الفراولة والسوس.

  “محمد السوري” كما ينادونه أكد أن العمل ليس عيباً، لكن الفقر هو العيب، وبما أنه طُرد من عمله بسبب جنسيته ليحل محله نسيب رب العمل، لمعت في باله فكرة بيع العصائر، لأنه في الأصل كان يعمل في محل لبيع المشروبات والعصائر، ولديه الخبرة بذلك، فصار يشتري من محل منافس لرب عمله السابق ويبيعها مع تأمين ربح مناسب.

 

“الغالونات أوفر”

 ومن الباعة الفرديين على الطرقات إلى أرباب الأسر، حيث أفادنا العم أبو حسان بأن مع بداية الشهر الفضيل اشتري غالون من “الجلاب المركّز”، الذي حلّق سعره أضعافاً مضافة، فبعدما كان العام الماضي بـ150 ألف ليرة، أصبح هذا العام بـ7 دولارات أي ما يعادل حوالى 850 ألف ليرة، لكنه يوفّر مؤونة من الجلاب لكل الشهر، حيث يمكن صنع حوالى 15 زجاجة ليتر ونصف الليتر تروي الظمأ، ومن الممكن أن تكون بديلاً للحلويات.

البحث عن البديل

 أما جارة العم أبو حسان “الحاجة أم نايف”، والتي ألقت السمع خلال حديثنا، اقتربت وقالت: “الله وكيل، لا عصير ولا حلو”، مشيرة إلى أنّ حلويات رمضان أصبحت أسعارها من المريخ، فلجأنا إلى العصائر، التي بدورها ارتفعت أسعارها بشكل كبير جداً، فأقل زجاجة سعرها أكثر من 100 ألف ليرة، لكنها وجدت البديل.

 حيث أوضحت أم نايف اللبناني المخنوق لا يغلب، ورغم أن أسعار الليمون الحامض، ارتفعت جداً كونها من أساسيات طبق الفتوش الرمضاني، إلا أنها اشترت حوالى الـ2 كليو وعصرتها، مضيفة إليها المياه والسكر، وصنعت كمية وفيرة من “الليموناضة” تكفي لأسبوع، وعندما تنتهي، تكرّر العملية، وتكون قد وفّرت مبلغاً كبيراً.

دولرناها

  ولا تكتمل الجولة إلا بزيارة المحلات البيروتية المعروفة ببيع المشروبات عموماً والرمضانية خصوصاً، ومنها محل السواس الذي يعود تاريخ إلى العام 1904 ميلادية، حيث أخبرتنا مديرة المحل أنّ البيع هذا العام قد يكون أكثر من سواه لمن يملكون الدولار، فالزجاجة 1.5 ليتر بـ2 دولار أي ثمنها بخس جداً، لكنها مرتفعة جداً على من يتعاملون بالليرة اللبنانية، إذ تعادل حوالى 250 ألف ليرة، وتكاد تكفي لأربعة أشخاص فقط.

 وإذ أشارت إلى أن المحل لم توقف عن تقديم أنواع العصائر والمشروبات التي كان يقدمها في السنوات الماضي، لا سيما الجلاب، وشراب “قمر الدين – المشمش المجفف”، الذي يشتهر به، وماشي الحال، لكن وحدها المكسرات التي كانت تُقدم هدية مع المشروب أصبحت على الطلب وبثمنها.

5 نجوم

 وعلى مسافة محل “السوّاس”، توجهنا إلى محل يُصنف “5 نجوم”، كونه يقدم المشروبات والعصائر والحلويات على أنواعها، على مدار العام، ولكن حتماً في رمضان “الوضع غير”، وبالفعل الأسعار كانت أيضاً غير.

  حيث كشفت لائحة الأسعار الرقمية عن الدولرة المخيفة، إذ ليس هناك أي كوب أقل من 4 دولارات، ما يعني بما يقارب الـ500 ألف ليرة، فكيف بالزجاجة، ورغم ذلك كان المحل عامراً بناسه كوننا جلنا ما بعد الإفطار، لكن رفض التصوير، كما رفض ذكر الإسم في التقرير.

إعداد مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة