واشنطن بعيدة عن المسيحيين و”ليف” لم تلتق بأي فريق مسيحي: “انتخاب الرئيس ليست مهمتنا!”!
لربما أهم ما في زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي، باربارا ليف، إلى لبنان، هو عدم لقائها مع أي من الأفرقاء المسيحيين. وهذا لا بد له أن يدفع إلى طرح سؤال أساسي عن السبب. إذ لم تلتق ليف لا بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، ولا برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ولا برئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ولا بممثلين عن التيار الوطني الحرّ، أو برئيس تيار المردة سليمان فرنجية. ثمة تفسيرات كثيرة لما جرى، بين بعض من يعتبرها بأنها عتب على المسيحيين، ورفض لأدائهم وممارساتهم، التي تنعكس تعطيلاً من دون أي أفق للذهاب إلى حلّ أو المساعدة عليه. وبين من يرى بأن واشنطن لم تشأ أن تظهر أي دعم لأي طرف مسيحي، كي لا يذهب الأفرقاء إلى تفسير مواقفها كل على هواه.
مؤشرات متعددة
يمكن اختصار جولة ليف بأنها استطلاعية، ولكنها حملت مؤشرات متعددة، أبرزها كيفية انتخاب رئيس للجمهورية يكون له مشروع واضح في إنقاذ لبنان، والاستعداد لعقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وهو ما عبّرت عنه صراحة إذ قالت: “لدينا تصوّر لنوع المرشّح الّذي نعتقد أنّ لبنان بحاجة إليه. يجب اختيار شخص يتمتّع بالنّزاهة الأخلاقيّة، ويضع مصلحة لبنان واحتياجات الشّعب في طليعة أولويّاته”، مشدّدةً على أنّ “لبنان يحتاج إلى رئيس يعمل بطاقة عالية لتنفيذ الإصلاحات الحاسمة، الّتي يجب أن يطبّقها لبنان للخروج من هذه الأزمة الرّهيبة”. وأردفت هذا الكلام بالقول: “أوّل ما سمعته لدى وصولي إلى لبنان، كان البيان الصّحافي الّذي وزّعه فريق صندوق النقد الدولي على الحكومة وعدد من السّفارات، وما قيل في العلن بصراحة لم يكن فقط جديًّا بل كان مخيفًا”، مضيفةً أنّ “التّوقّعات للبنان، هذا البلد الّذي يمرّ بالفعل بأشدّ الأزمات الاقتصاديّة، خطيرة، وفق رئيس الفريق. لا أستطيع أن أخبركم عن مدى ضرورة تذليل العقبات أمام المسار الانتخابي الرّئاسي، وبالتّالي تمكين الحكومة من إطلاق الإصلاحات”. وأكّدت أنّه “لم يتبقَّ المزيد من الوقت، وهذه كانت رسالتي إلى قادة لبنان”. يعني هذا الكلام بقاء ليف والإدارة الأميركية عند رأيها السابق، الذي أشارت فيه إلى أن البلد سيذهب إلى المزيد من الانهيار.
الصراحة مع الفرنسيين
في الإستحقاق الرئاسي يبدو الموقف الأميركي أقرب إلى الموقف السعودي، سواء بالحديث عن المواصفات أو في اعتماد عبارة “نتحدث بصراحة مع الفرنسيين”. وغالباً عندما تستخدم كلمة “الحديث بصراحة” في الأدبيات الديبلوماسية، يعني أنها تنطوي على اعتراض على أداء معين أو فكرة بذاتها. وهذا ما تفسره مصادر متابعة بأنه اعتراض ديبلوماسي على طرح المقايضة. وقالت ليف في هذا المجال: “نتحدّث بانتظام مع الفرنسيّين ومع العديد من البلدان الأخرى، لأنّنا نملك جميعًا انشغالًا واحدًا وهو الأزمة الّتي يمرّ بها لبنان. نحن نتحدّث بصراحة مع أصدقائنا الفرنسيّين، وأكرر ليس من مهام فرنسا ولا الولايات المتّحدة القيام بالعمل هنا.. الأحرى هو أن يقوم البرلمان اللبناني بعمل، وحتّى الآن لم يفعل ذلك”. وعندما تقول أن انتخاب الرئيس ليس من مهام فرنسا أو الولايات المتحدة، فهذا يعني دعوة باريس إلى الخروج من مسألة تبني مرشح معين.
منير الربيع- المدن