أطفال لبنان.. ارتفاع معدل التقزم والبدانة!
مرحلة خطيرة يمر بها أطفال لبنان.. ارتفاع معدل التقزم والبدانة
توصلت دراسة أجراها المجلس الوطني للبحوث العلمية إلى ارتفاع معدل التقزم والبدانة وزيادة الوزن لدى أطفال لبنان ما دون سن الخامسة نتيجة سوء التغذية.
وفي حديث مع موقع “الحرة” شرحت خبيرة علوم الغذاء في المجلس البروفسورة مهى حطيط أنه “في المرحلة الأولى قمنا بدراسة بحثية مرجعية لجميع الدراسات في العالم العربي والشرق الأوسط، وركزنا في دراستنا المرجعية على لبنان بشكل خاص، فظهر أن معدل التقزم ارتفع من 9.7 في المئة (ما بين عامي 2004 و2021) إلى 12 في المئة هذا العام”.
يُعرف قصر القامة بالنسبة إلى العمر بالتقزم، وينجم بحسب منظمة الصحة العالمية “عن نقص التغذية المزمن أو المتكرر، وعادة ما يرتبط بتردي الظروف الاجتماعية الاقتصادية، وتردي صحة الأمهات وتغذيتهن، والاعتلال المتكرر، و/ أو عدم تغذية الرضع وصغار الأطفال ورعايتهم على النحو الملائم في مراحل الحياة المبكرة”.
أما معدل البدانة وزيادة الوزن لدى أطفال لبنان، فارتفع بحسب حطيط من 18.9 في المئة بين عامي 2004 2021 إلى 26 في المئة، “وهو رقم كبير جدا لا سيما وأن المعدل العالمي للبدانة عند الأطفال يتراوح ما بين 5.7 و9 في المئة، ما يشير إلى أننا في مرحلة خطيرة، كونه يعني عدم حصول الأطفال على الفيتامينات والمعادن التي يحتاجونها لنموهم السليم، وهذا ما يعرف بالجوع الخفي”.
وأفاد تقرير لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) العام الماضي، بانخفاض معدلات التطعيم الروتيني في لبنان للأطفال بنسبة 31 في المئة، “وهي معدلات أصلا منخفضة بالفعل بشكل مقلق”، وحذرت اليونيسف من أن يؤدي ذلك إلى “ظهور مجموعة كبيرة من الأطفال غير المحميّين المعرّضين للأمراض وتأثيراتها”.
وأضافت: “يُظهر المسح الوطني للتغذية في لبنان لعام 2021 أن المؤشرات الغذائية الرئيسية للأطفال الصغار ضعيفة في أيامهم الأولى من الحياة وتزداد سوءا مع مرور الوقت، وأكثر من 90 في المئة من الأطفال لا يستوفون معايير الحد الأدنى للحصول على الوجبات الغذائية المتنوعة والمتكررة، التي يحتاجون إليها، أو النظام الغذائي المقبول خلال الفترة الحاسمة في حياتهم التي تساعدهم على النمو والتطور حتى سن الثانية”.
يشمل سوء التغذية في جميع أشكاله بحسب منظمة الصحة العالمية، نقص التغذية (الهزال والتقزّم ونقص الوزن)، ونقص الفيتامينات أو المعادن، وفرط الوزن، والسمنة، والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي، حيث “يعاني 1.9 مليار شخص من فرط الوزن أو السمنة، في حين يعاني 462 مليون شخص من انخفاض الوزن، كما يعاني 52 مليون طفل دون سن الخامسة في العالم من الهزال، و17 مليون طفل من الهزال الوخيم، و155 مليون طفل من التقزم، في حين يعاني 41 مليون طفل من فرط الوزن أو السمنة”.
الأمر لا يتعلق فقط بالشبع، بل كما تشدد حطيط “بضرورة تنوع الغذاء، وسبق ان توصلت دراسة أجراها المجلس الوطني للبحوث العلمية إلى أن 72 بالمئة من العائلات في لبنان تعاني من عدم تنوع الغذاء، وذلك بعد أن كان المعدل 53 في المئة خلال السنة الأولى من الأزمة التي تمر بها البلاد”.
تغيّر الهرم الغذائي في لبنان، حيث باتت النشويات كالأرز والخبز والمعكرونة تتربع على رأس الهرم، يتبعها كما تشير حطيط “الخضروات والحشائش ثم السكريات فالزعتر الذي يليه الفاكهة فالمزروعات الجذرية كالبطاطا والشمندر، ومن ثم الزيوت والزبدة، بعدها الحليب ومشتقاته، فاللحوم والبيض تليهما الحبوب وأخيرا السمك”.
الدراسة التي توصل إليها المجلس الوطني للبحوث العلمية “واقعية ومتوقعة” كما تشير طبيبة الصحة العامة وأخصائية التغذية ميرنا الفتى، شارحة “قبل الأزمة الاقتصادية لم تكن نوعية غذاء الأطفال في لبنان على المستوى المطلوب، حيث كان طعامهم يتركز على السكر والنشويات، بدلا من البروتين والفيتامينات والمعادن التي يحتاجونها لنموهم السليم، ونتيجة الأزمات ازداد الأمر خطورة، اذ تدنت قدرة الأهل الشرائية، ما اضطرهم للجوء إلى النوعيات الرديئة من المواد الغذائية المتوفرة بكثرة في الأسواق”.
وتضيف الفتى في حديث مع موقع “الحرة”، “حتى نوعية حليب الأطفال لم تعد بالمستوى المطلوب، حيث أغرق السوق بفضلات الحليب، وإذا اختارت الأم أن ترضع طفلها فإن حليبها لن يكون أفضل حالا كونها تحتاج هي الأخرى للتغذية الجيدة وتنوع الأطعمة وهو بالأمر الصعب في ظل الارتفاع الخيالي للأسعار، وبعد أن كان بالإمكان تأمين الكالسيوم للأطفال من خلال الأجبان والألبان بالكاد أصبح يمكن لرب العائلة تأمين الجبنة المطبوخة المثلثة، وبدلا من الزيوت النباتية أصبح البعض يستخدم المارغرين المسرطن الذي لا يتحمل درجات حرارة مرتفعة ويعتبر من المسببات الرئيسية للسرطان”.
ومع ارتفاع الأسعار بدأ يدخل إلى لبنان أنواع من الشوكولا عبارة كما تقول الفتى عن “عجينة، المادة الأساسية فيها السكر مضاف اليه القليل من زبدة الكاكاو ومواد ضارة، كل ذلك في وقت أصبحت اللحوم البيضاء والحمراء على حد سواء حكرا على من تبقى من طبقة غنية في لبنان”.