السعوديون.. لقطع دابر “المقايضة” الفرنسية: ماذا عن الموقف القطري؟
الحدث خارج لبنان. تبقى تداعياته اللبنانية في حالة انتظار. لكن الترقب لكل التحركات الديبلوماسية واجب. لا سيما الحركة التي تفعّلت باتجاه حزب الله وغيره، على وقع المحاولات الإسرائيلية لافتعال مشكلة في جنوب لبنان، وتحميلها لحزب الله، على إثر “تفجير حيفا”. فارتفعت وتيرة الاتصالات الديبلوماسية بالحزب، لفهم موقفه، وفي محاولة لمنع حصول أي تصعيد، لا سيما أن هناك من ينظر إلى الحكومة الإسرائيلية في ضوء أزماتها الداخلية، بأنها قد تلجأ إلى تصعيد للهروب من الواقع الداخلي. وثمة من يبدي تخوفاً من لجوء الإسرائيليين إلى التخريب على الاتفاق السعودي الإيراني. هذا الاتفاق الذي لا يزال لبنان أيضاً يراقبه، تزامناً مع انتظار لما ستؤول إليه الحركة الديبلوماسية على خطّ إيجاد حلّ للأزمة الرئاسية، والتي تشير مصادر متابعة بواقعية إلى أنها ستكون بحاجة إلى مزيد من الوقت.. وربما إلى وقت طويل.
السيارة الفرنسية
وعليه، يتجدد الرهان اللبناني على اجتماع “باريس 2″، الذي يتم التحضير له للمرحلة المقبلة، بين الدول الخمس التي عقدت الاجتماع الأول. فيما يفترض أن تزور مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف لبنان الأسبوع المقبل، ضمن جولة لها على دول المنطقة، تشمل مصر والأردن وتونس. الجمعة، يُعقد اجتماع بين المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري مع المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، في العاصمة الفرنسية. وسيكون الهدف متركزاً على إعادة الاعتبار لما اتفق عليه في الاجتماع الأول، ما يعني أن الغاية منه إعادة ترتيب الأولويات وتحديدها بشكل واضح، لجهة الالتزام بمواصفات معينة للرئاسة ولإنتاج سلطة جديدة في لبنان.
في هذا السياق يتحدث ديبلوماسي غربي عن ما يقوم به الفرنسيون في لبنان، بعد اجتماع باريس، فيقول: “يظن الفرنسي أنه يقود سيارة وبرفقته أربعة ركاب، وإذ به يكتشف أنه يقود السيارة منفرداً، لأنه لم يدرك منذ البداية وجهة كل من الركاب الأربعة”. فقد تنصلت كل الأطراف المشاركة في مؤتمر باريس من المقترح الفرنسي، ولا يعتبر أحد منهم أنه معني بهذه المبادرة القائمة على المقايضة. فحين حصل التنسيق في باريس، قيل إن هناك مرشحَين جديين هما سليمان فرنجية وجوزيف عون، فيما ثمة من يعتبر أنه تم فتح خيار جوزيف عون، وبالتالي يستغرب هؤلاء سبب عودة باريس إلى خيار المقايضة.
الموقف القطري
بالنسبة إلى الموقف السعودي والذي تؤكد مصادر ديبلوماسية أنه يتطابق مع الموقفين القطري والمصري، ويتقاطع أيضاً مع الموقف الأميركي، فسيكون في غاية الوضوح بهذا الاجتماع. إذ تكشف مصادر ديبلوماسية متابعة، بأن الوفد السعودي سيبلغ موقفه بوضوح بأنه لا بد من العودة إلى ما جرى الاتفاق عليه سابقاً، وعدم الانخراط في مسألة المقايضة، التي تقضي باختيار سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام لرئاسة الحكومة. وحسب المعلومات، فإن السعوديين سيطرحون موقفهم على قاعدة الاستعداد للتفاهم على الخيارات الأخرى، أما في حال أصر الفرنسيون على معادلتهم، وحظي ذلك بتوافق لبناني، فهذا سيكون شأن الفرنسيين واللبنانيين، ولن تكون السعودية مستعدة للانخراط في أي مساعدة أو استثمارات. وقد يصل الأمر إلى حدود اتخاذ إجراءات معينة رداً على مثل هذه الخطوة. يبدو الجانب السعودي واثقاً من موقفه. وهو يستند أيضاً على موقف قطري داعم، خصوصاً أن قطر قادرة على التواصل مع قوى لا تتواصل معها السعودية، بالإضافة إلى علاقتها الممتازة مع الولايات المتحدة الأميركية والجيدة مع إيران. كما أن قطر قادرة على التواصل مع غالبية القوى اللبنانية والكتل النيابية.
في المقابل، هناك من يراهن على نتائج الاتفاق الإيراني السعودي، وأنه يحتاج إلى وقت كي ينعكس على الساحة اللبنانية. ولكن الموقف السعودي بالاستعداد للاستثمار في إيران لا بد أن يكون له وقع وصدى على الساحة اللبنانية. فيما ثمة من يشير إلى وجوب قراءة الفرنسيين لمثل هذا التطور بين الرياض وطهران، طالما أن أي اتفاق يفترض الخروج بصيغة لا غالب ولا مغلوب. وبالتالي، لا يمكن انتخاب رئيس في لبنان يمنح الغلبة السياسية لطرف على حساب الآخر. كما لا يمكن لأحد أيضاً أن يراهن على أن أي اتفاق يمكن أن يتحقق من دون موافقة الثنائي الشيعي عليه.
منير الربيع- المدن