لماذا يعتقد”الثنائي” أن التسوية الإقليميّة لمصلحة مرشحه الرئاسي؟
بانتظار ما ستحمله التعليمات الجديدة للسفيرين السعودي والايراني من الرياض وطهران، يبدو الانتظار لبنانيا لمفاعيل التسوية الاقليمية متعبا ومنهكا وثقيلا، لانه يحصل على وقع انهيار اقتصادي متسارع ودون “كوابح”. وليس صحيحا كما تقول اوساط نيابية بارزة ان الرهان يبقى على التوافق الداخلي لانتاج رئيس بعيدا عن التطورات في الاقليم، لان العلاقة التبعية بين بعض القوى السياسية والخارج تجعله مقيدا في قراراته، حيث لا يملك هامشا لاتخاذ اي موقف بعيدا عن تلك المصالح، ولهؤلاء في مصير رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري “العبرة”، فهو حين تسلل خلف خطوط المملكة العربية السعودية بتغطية اميركية، وتبنى ترشيح الرئيس السابق ميشال عون دفع الثمن لاحقا دون ان يرف للقيادة السعودية اي “جفن”.
ولهذا فان المسألة تبقى مسألة وقت حتى تنضج ملامح هذا التفاهم الذي لديه اولويات، وساحات اختبار اخرى، لعل اهمها اليمن، وما لم يحصل اخفاق هناك وينهار التفاهم، ثمة الكثير من المواقف المتشددة لبنانيا ستنقلب “رأسا على عقب”، وما كان غير مقبول يصبح مقبولا، يبرره اصحابه بحجج “واهية” للجمهور.
هذه النظرية يراهن عليها “الثنائي الشيعي” الرافض حتى الآن لاي بحث حول خطة بديلة لتبنيه ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، لانه حقا يرى فرصة جدية لانتخابه، ولم يرشحه للمناورة، فهو يعتقد انه اكثر تحررا من الفريق الآخر، لان الجانب الايراني لا يضغط ولا يتدخل، ولا يملي او يفرض اي موقف سلبا او ايجابا في الملف الداخلي اللبناني، ويترك المهمة كاملة لحزب الله، كونه الاكثر دراية في “شعابها”، واذا كانت طهران على مدى السنوات الماضية قد وظفت قدرات الحزب ومكانة قيادته لحل اكثر ازمات المنطقة سخونة، لا يجد نفسه مضطرا لاشغال نفسه بشؤون “بيته”. ولهذا لم يكن يوما بحاجة لتعيين مسؤول في الخارجية او غيرها لمتابعة شؤون الملف اللبناني.
في المقابل، ومن “باب” الواقعية السياسية، لا ينفي “الثنائي” التأثير الايجابي للتقارب السعودي- الايراني على الساحة اللبنانية، ولا ينفي انه حين تنضج الامور وتتخذ اكثر من خطوة لتعزيز الثقة، سيكون الملف اللبناني على “الطاولة”.
لكن عادة لا تحصل التسويات الا بخروج الجميع رابحين، ومن ضمن صفقة “رابح- رابح” اللبنانية، فان اي مقايضة محتملة ستكون شاملة ومتكاملة تبدأ من الرئاسة الاولى مرورا برئيس الحكومة وشكل مجلس الوزراء، وصولا الى حاكم مصرف لبنان الجديد وكذلك قائد الجيش. ولان الرياض تدرك جيدا ان السلطة التنفيذية الحقيقية في يد الحكومة ورئيسها “السني”، ستحصل هناك على حصتها الوازنة من “الكعكة”، والباقي تفاصيل بما في ذلك الرئاسة الاولى التي يعلق عليها الجميع “شماعة” التعطيل، فيما يدرك الجميع ان اهمية انتخاب الرئيس تبقى في انتظام عمل المؤسسات لا اكثر ولا اقل، وقد تراجع دوره على نحو كبير منذ اتفاق الطائف. ومن هنا، فان اي صفقة تبادلية لن تكون على حساب مرشح “الثنائي”، الا اذا اختارت المملكة الرهان على “حصان” رئاسي خاسر لن يفيدها كثيرا، كما حصل عقب”انقلاب” الرئيس السابق ميشال سليمان على تفاهماته مع حزب الله، وارتمى في “حضن” المملكة فكانت النتائج مخيبة. وهذا الامر مستبعد.
الديار