زلزال جيوسياسي… هل يجب التفاؤل لبنانياً؟
أحدث الاتفاق السعودي الايراني برعاية الصين زلزالا جيوسياسيا قلب خارطة النفوذ الدولية رأسا على عقب، مما يؤشر الى ان تداعياته ستمتد لسنوات وعقود، وستكون تأثيراتها مباشرة على الداخل الاميركي وتحديدا على الحزب الديمقراطي الحاكم.
واذا كان من المبكر الحديث التفصيلي في مضمون هذا الاتفاق، كون الاعداد له أحيط بسرية تامة فاجأت الصديق والعدو، الا ان الاشارات الاولية أظهرت انه وضع العدو الاسرائيلي في عزلة، ومن يراقب مواقف المسؤولين الاسرائيليين واعلامها، يلمس بقوة ان اسرائيل مفجوعة لا بل منكوبة بهذا الاتفاق. كما ان هذا الاتفاق يغيّر الجيوسياسي العالمي الذي يهدد كل الاستراتيجية الاميركية تجاه الصين بعدما قاربت واشنطن ان تفرض سورا من الحصار حول بكين وسورها العظيم.
اما الموقف الاميركي، فهو معترض ومتحفظ وغاضب، وعلينا ترقب كيفية ترجمة هذا الغضب الاميركي، وهل سيكون بالسياسة ام بالاقتصلد ام بالامن ام بالثلاثة معا، خصوصا وان القمة العربية الصينية التي عقدت في الرياض حسم فيها الامر بشأن الاتفاق السعودي – الايراني، الا ان قدرة الاميركي على التعطيل كبيرة وتحديدا في اليمن.
انه قرار كبير اتخذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى الرغم من الترويج لانعكاسات سريعة لهذا الاتفاق على الساحة اللبنانية، نجد ان الاعلام السعودي يكمل في ذات الخطاب الذي لا يهادن في الملفات الخلافية، ونلمس استمرار ذات التصعيد في مواجهة حزب الله وترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والملف النووي الايراني وغيرهم، وهذا يؤكد انه من المبكر الحديث عن نتائج هذا الاتفاق لبنانيا.
لماذا يجب الذهاب بعيدا في التفاؤل لبنانيا ربطا بالاتفاق السعودي الايراني؟
يجيب على هذا السؤال، مصدر دبلوماسي بالقول “لان الاولوية السعودية هي اليمن، وتحديدا وقف حرب الاستنزاف في هذا البلد بعدما تبيّن ان الغرب لا يريد لهذه الحرب ان تتوقف ربطا بمصالحه الاقتصادية والمالية، ومن ثم هناك اولوية سعودية اخرى وهي العراق كونه كما اليمن دولة جوار بحدود شاسعة، ومهلة الشهرين لبناء الثقة عبر اجراءات محددة، هي لانجاز كل الصياغات المتعلقة بالملفات الثنائية بين البلدين قبل الانتقال الى ملفات المنطقة، كون هذا الاتفاق اذا سار بالشكل المرسوم له سيتوسع ليشمل كل دول المنطقة”.
ويوضح المصدر ان “المشهد اللبناني لا يزال على ضبابيته، فالرغبة بتفجير الوضع لا يوجد لها من يترجمها عبر قوة اقليمية او دولية تموّل التفجير، اما التسوية الكبيرة فتحتاج الى وقت، لذلك نحن امام ادارة الازمة اما عبر اطالة امد الفراغ ما يعني توسيع نطاق تصريف الاعمال لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي بحيث يمكنها اجراء تعيينات في مواقع حساسة، او انتخاب رئيس جمهورية يدير الازمة، في حين البلدالبلد لم يعد يحتمل ادارة ازماته انما يحتاج الى رئيس جمهورية يتكامل مع رئيس حكومة وحكومة تبدأ عملية علاج للازمة”.
ويؤكد المصدر “انه كما سوريا كذلك لبنان، في سوريا الحاجة كبيرة للعرب وعلى رأسهم السعودية لاعادة الاعمال، وفي لبنان الحاجة ملحاحة للعرب وعلى رأسهم السعودية لبدء الانقاذ، وغير ذلك قصر نظر او نوايا خبيثة تدفع الى تفكك الكيان”.