لماذا أعلن الحزب في هذا التوقيت الدعم الصريح لفرنجيّة؟
تساءلت العديد من الأوساط الدبلوماسية والسياسية في بيروت عن الأسباب الحقيقية وراء إعلان الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في هذا التوقيت الدعم الصريح والمباشر لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهل هذا الإعلان هو من أجل فتح باب الحوار للبحث عن خيار آخر أم يعني التمسّك بهذا الترشيح وعدم التراجع عنه مطلقاً؟
أوساط مطّلعة على أجواء الثنائي حركة أمل وحزب الله تجيب عن هذه التساؤلات بالمعطيات والمعلومات التالية:
– أوّلاً: جاء الإعلان بعد مضيّ حوالي أربعة أشهر على الفراغ الرئاسي وعقد 12 جلسة برلمانية لانتخاب رئيس للجمهورية وفشل هذه الجلسات في الوصول إلى نتيجة بسبب عدم قدرة أيّ طرف على حسم المعركة لصالحه، وعدم صحّة الاستمرار بالورقة البيضاء وضرورة حسم الموقف، وهذه كانت رغبة الرئيس نبيه برّي أساساً.
– ثانياً: لقد استنفذ حزب الله كلّ جهوده لتغيير موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لدعم فرنجية أو الوصول إلى رؤية مشتركة في ظلّ تصعيد مواقف باسيل ضدّ فرنجية وضدّ الحزب، ممّا أعطى الحزب الفرصة للتباين العلني عن موقف التيار الوطني الحر.
– ثالثاً: تزامن الإعلان مع نهاية لقاء باريس وعدم توصّل الدول الخمس المشاركة فيه إلى خطة مشتركة، ووجود تباين في المواقف في ظلّ استعداد فرنسي لدعم تسوية تجمع بين اختيار رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة من قبل الأطراف اللبنانية وبروز معطيات لدى الرئيس نبيه بري عن عدم ممانعة دولية لانتخاب فرنجية.
– رابعاً: حصول بعض الاتصالات البعيدة عن الأضواء بين جهات عربية ودولية تنصح بالمساعدة في حلّ أزمة اليمن مقابل دعم السعودية لحلّ الأزمة الرئاسية ووصول فرنجية. وعلى الرغم من أنّ حزب الله يحاول عدم ربط الاستحقاق الرئاسي بالملفّات الخارجية وبروز مواقف سعودية غير مرحّبة بوصول فرنجية إلى الرئاسة الأولى فإنّ هذه المعطيات قد تتغيّر لصالح الوصول إلى تسوية في اليمن، ممّا قد يؤدّي إلى تغيير الموقف السعودي.
– خامساً: رهان الرئيس نبيه بري وحزب الله على تغير في مواقف رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبعض نواب تكتّل لبنان القوي والنواب السُّنّة لصالح فرنجية يجعل من الممكن تأمين 65 صوتاً وإكمال النصاب البالغ 86 نائباً.
– سادساً: قناعة الحزب والحركة بضرورة نقل الإشكالية إلى قوى المعارضة ودفعها إلى التهديد بتعطيل النصاب إذا تأمّن العدد الكافي من الأصوات لوصول فرنجية، وهذا ما حصل، الأمر الذي يخفّف من الضغط على الثنائي حركة أمل وحزب الله.
– سابعاً وأخيراً: قناعة الرئيس بري والحزب بأنّ المرحلة الحالية تتطلّب حسم المواقف في ظلّ التطوّرات الداخلية والخارجية والخوف من حصول تصعيد داخلي أو توتّرات في المنطقة.
لكلّ هذه المعطيات اتّخذ الرئيس بري والسيد حسن نصر الله قراراً بإعلان موقفهما الداعم لفرنجية مع الدعوة إلى الحوار للوصول إلى تسوية شاملة، فإمّا ينجحان في إيصال فرنجية، وهذا هو الخيار الأفضل، أو يدفعان بقيّة الأطراف إلى الحوار والبحث عن تسوية شاملة، وإلّا يرفعا المسؤولية عن نفسيهما في حال فشل الحوار ولم تحصل الانتخابات وذهبت الأمور إلى التصعيد، وحينئذٍ لن يتحمّلا مسؤولية ما سيجري، وبعد ذلك سيجلس الجميع إلى طاولة الحوار مجدّداً، سواء لأسباب داخلية أو خارجية.
قاسم قصير- اساس