الخيارات أمام كل القوى تضيق: هل يتكرر سيناريو ميشال عون…ويصمد فرنجية ؟

الاندفاع نحو فرنجية: تصعيد سياسي طمعاً بتفاوض جدّي

خطى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، جملة خطوات إلى الأمام رئاسياً. ما كان مضمراً أصبح علنياً لجهة دعم ترشيح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية. جاء موقف أمين عام الحزب بعد سلسلة اجتماعات عقدتها قيادة حزب الله لتقييم الموقف. وقد أكد خلالها نصرالله إصرار الحزب على دعم ترشيح فرنجية. وعليه، فإن المسألة ترتبط بالتوقيت وبالمسار السياسي الذي ستسلكه الأمور. لا سيما أن الحزب كان يتحفظ عن الإعلان طالما أن فرنجية لم يعلن ترشيحه رسمياً، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي كان قد استبق كل المواقف بالإعلان عن تبني ترشيح رئيس تيار المردة، ليضم نصرالله صوته إلى صوت برّي، كما قال.

فرنجية والوقت
المشهد العام يضيء على صورة سياسية منطوية على الانقسام. فهناك من يعتبر أن موقف نصرالله وبري مع ترقب لإعلان فرنجية عن ترشحه رسمياً سيقود إلى التعقيد، ما يعني إطالة امد الفراغ الرئاسي. فيما آخرون يعتبرون العكس ويستسهلون إمكانية الوصول إلى تفاهم، ولكنه يحتاج إلى وقت. بنظر هؤلاء، أن نصرالله لم يلجأ إلى الإعلان عن التمسك بترشيح فرنجية نهائياً، على قاعدة أنه المرشح الوحيد، والذي لن يتم التخلي عنه. وبالتالي، فإن معركة حزب الله الأساسية هي إيصاله مهما طال الزمن. كما أن هؤلاء يطرحون تساؤلات عن موقف فرنجية، وإذا ما سيبقى مستمراً في ترشحه إلى النهاية، بحال عدم توفر الأصوات اللازمة والنصاب الدستوري لانتخابه. ويتساءل هؤلاء: هل سيتكرر سيناريو ترشيح ميشال عون، والذي انتظر لسنتين ونصف السنة من التعطيل. وبالتالي، هل سيصمد فرنجية كل هذه الفترة وهل البلد يتحمّل ذلك؟

برّي-نصرالله
اندفاعة برّي باتجاه الإعلان عن تبني ترشيح فرنجية بعد أربعة أيام من لقاء ثان عُقد بين معاونه السياسي علي حسن خليل والسفير السعودي وليد البخاري، يعني أن رئيس مجلس النواب اختار أيضاً التقدم أكثر من خطوة، بعد تبلغه بتكرار الموقف السعودي الذي يمانع انتخاب فرنجية، لأن حاجة لبنان تقتضي اختيار رئيس جديد، وغير محسوب على طرف سياسي. ولطالما عوّل برّي على حوار مباشر مع السفير السعودي. وهو يبدو واثقاً بقدرته على إقناع السعودية بفرنجية.

عملياً إذاً، هناك تفسيران لكلام نصرالله، الأول هو فتح الباب أمام نقاش جدي للبحث عن مرشح ثالث، طالما أن الثنائي الشيعي اختار خوض المعركة ولكن لم تصل إلى أي نتيجة. بينما التفسير الآخر هو أن يتشبث الثنائي في موقفه، والاستعداد للدخول إلى مرحلة من التصعيد السياسي، باستمرار التمسك بخيار فرنجية، إلى أن تتوفر الظروف لانتخابه كما حصل في انتخاب ميشال عون.

البعد الإيراني
من يربط ما يجري باعتقاده في الاتجاه للتصعيد، هو ينظر إلى استهداف دائم بعمليات الظل أو حرب الظل ضد ايران في المنطقة. ثانياً، وجود حكومة اسرائيلية متطرفة يمكن أن تهرب من مشاكلها الداخلية بحرب في الخارج، للالتفاف على الخطر الداخلي القائم. ثالثاً، التصعيد ضد إيران ومشروعها النووي. رابعاً، يتضح أن هناك محاولات لتضييق الخناق أكثر على إيران، ففي العراق ومن خلال الاجراءات الاقتصادية التي اتخذت في الأسبوع الماضي، وتتعلق بضبط التحويلات والتهديد بالعقوبات، أثرت سلباً على الوضع الإيراني. وهذا ما دفع إيران إلى الموافقة على نشر كاميرات مراقبة في مواقع نووية، بالإضافة إلى فتح قنوات التفاوض مع دول الخليج عبر مصطفى الكاظمي. كذلك فإن أي انفتاح عربي على دمشق سيسهم في توتير الإيرانيين.

أما لبنانياً، فيعتبر هؤلاء أن حزب الله لم يتمكن من الاستفادة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية، لا اقتصادياً ولا مالياً، ولا حتى بتغيير نظرة القوى الدولية تجاه الحزب حالياً، في ظل الضغوط على الأوروبيين لتصنيف الحزب بشقيه السياسي والعسكري كتنظيم إرهابي. وهو ما يجعل الحزب يذهب إلى التصعيد.

التفاوض الجدّي
في المقابل، يتضح الموقف السعودي الرافض لحليف حزب الله في رئاسة الجمهورية، في مقابل معلومات تفيد عن تطابق أميركي مع وجهة النظر السعودية. وهو ما يجعل الحزب مرتبكاً في مواجهة الشروط الواضحة جداً، وهي أن لا مساعدات في لبنان اقتصادياً، إلا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية خارج إطار حزب الله.

في المقابل أيضاً، هناك من يرى أن موقف نصرالله وبرّي قد فتح الطريق بشكل جدّي أمام التفاوض، ويعتبر أن كل الخيارات أمام كل القوى بدأت تضيق، ولم يعد بالإمكان القفز فوق الشروط الدولية لإنجاز التسوية، والتي سيكون للسعودية وقطر دور أساسي فيها، خصوصاً بما يتعلق بالمساعدة على الإنقاذ. لذلك يعتقد هؤلاء بأن مواجهة تضييق الخيارات يقتضي لجوء الحزب إلى التصعيد، لفتح مسار تفاوضي جديد، قد يقضي بالذهاب إلى البحث عن مرشح ثالث عندما يحين الظرف، ويحصل تطابق داخلي مع ظروف خارجية.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة