إيران نوويّة خلال 12 يوماً: الخوف أن يسبق السيف العذل.. هل من ضربة؟
لم يعد الحديث يدور عما إذا كانت إيران ستصبح نووية أم لا، بل أصبح الحديث متى ستصبح إيران دولة نووية بالمعنى العسكري. هذا الكلام يأتي بعدما أعلن البنتاغون أن إيران تحتاج إلى اثني عشر يوماً لكي تتمكن من إنتاج قنبلة نووية، ثم جاء كلام رئيس “وكالة الاستخبارات المركزية” وليم بيرنز ليزيد من صدقية هذا الكلام حين قال إن إيران باتت في وضعية تمكنها من تخصيب كميات كافية من اليورانيوم بنسبة 90 في المئة، أي النسبة المطلوبة لعسكرة البرنامج النووي.
في العامين الماضيين كانت التكهنات تدور حول إمكانية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، من خلال عودة كلّ من إيران والولايات المتحدة إليه والالتزام بقيوده. هذا الأمر لم يحصل، وطال أمد التفاوض المباشر بين إيران ومجموعة “4 + 1” (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا والصين) وغير المباشر مع الولايات المتحدة. والحال أنه لم يحصل أي تقدم منذ شهر نيسان (أبريل) 2021 ولغاية نيسان 2022. ثم كاد أن يتم الاتفاق في شهر أيلول (سبتمبر) 2022 عندما قدم منسق السياسة الخارجية والأمن الأوروبي جوزيب بوريل ورقة شاملة للاتفاق فقبلت بها واشنطن، فيما ماطلت طهران وطرحت شروطاً مسبقة للقبول بالورقة، تتلخص بإجبار واشنطن على رفع العقوبات عن “الحرس الثوري”، والأهم من ذلك رفع جميع العقوبات تماماً، تزامناً مع قبول طهران الاتفاق.
فشل مسعى جوزيب بوريل، ومعه مجموعة الضغط في البيت الأبيض التي يقودها مسؤول الملف الإيراني روبرت مالي، في إنقاذ الاتفاق الذي ربما يكون قد ذهب ضحية للحرب الروسية على أوكرانيا.
اليوم ثمة تقارير أميركية، وأخرى نشرتها “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” تتفق على أن إيران رفعت عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو النووية إلى نسبة 84 في المئة على الأقل، ولم تجب السلطات الإيرانية على أسئلة الوكالة بما يبدد الشكوك. وعندما يصل الموضوع إلى هذا المستوى من الجزم المعلن من قبل جهات دولية رئيسية بأن البرنامج النووي الإيراني يتحول إلى برنامج عسكري ـ وسبق أن حذرت كلّ من إسرائيل ودول الجوار الإقليمي من أن البرنامج النووي الإيراني ليس سلمياً ولأغراض مدنية، بل هو تغطية لبرنامج عسكري سري لم يتوقف يوماً – وبما أن طهران زادت من كميات اليورانيوم العالي التخصيب بمعدل 19 مرة أكثر من المسموح، وترفض الالتزام بالقيود الدولية على برنامجها النووي وفق الاتفاق النووي لعام 2015، وهو بالمناسبة اتفاق ضعيف وقصير المدى للغاية، فمعنى هذا كله أن الموضوع لا يتعلق بالمناورات الدبلوماسية بل بهدف أبعد، ألا وهو إنتاج أول قنبلة نووية إيرانية في أسرع وقت، لا سيما أن النظام يعاني ترهلاً واضحاً. وقد أدت موجة الاحتجاجات التي اندلعت إثر مقتل الشابة مهسا أميني إلى إحداث خلخلة ما في أسس النظام ومشروعيته الشعبية.
اليوم يجب التفكير بإيران نووية. هل يمكن التعايش معها إقليمياً ودولياً؟ وفي حال العكس ما هي الخيارات المطروحة لمواجهة الأمر؟ هل يمكن توجيه ضربة إسرائيلية – أميركية لشل البرنامج النووي؟ وما هي التبعات والنتائج التي يمكن أن تنجم عن ردة فعل النظام في طهران؟ أكثر من ذلك، ثمة من يتساءل ولسبب وجيه عما إذا كان الغرب سيتعامل بضعف مع هذا التطور المستجد، وما إذا كانت روسيا ستدخل على خط خربطة حسابات مجموعة “يورو+1” ومعها إسرائيل.
كل التفكير يجب أن ينصبّ على درس المرحلة الخطيرة التي يمر بها الإقليم، وربما العالم، إذا وصل الأمر إلى حد توجيه ضربة عسكرية غربية ضد البرنامج النووي الإيراني.
نقطة أخيرة جديرة بالتأمل: ماذا لو صارت إيران نووية؟ هل ستصبح أكثر مسؤولية مما هي عليه الآن؟
ما تقدم أسئلة صعبة، لكن الخوف أن يسبق السيف العذل!
علي حماده- النهار العربي