زوّار وليد جنبلاط ومجالسوه: وليد جنبلاط خائف محبَط!
ينتاب زعيمَ المختارة وليد جنبلاط قلقٌ. يقول زوّاره ومجالسوه إنّه خائف محبَط، ولا يرى أفقاً لتسوية ما أو حلٍّ للأزمات المطروحة. عندما يحدّثونه عن مبادرته الرئاسية يلمسون أنّ اندفاعه تراجع، إن لم يكن قد توقّف أو جرى إيقافه.
“لقد وضع مبادرته على الطاولة”. هكذا يقول أحد المقرّبين منه، مضيفاً: “الكلّ لم يستمع إليها، لكنّهم بالنهاية سيعودون إليها”.
جنبلاط وكرة القدم الأميركيّة
يخوض وليد جنبلاط السياسة على طريقة كرة القدم الأميركية (American football)، التي تُرمى الكرة فيها دائماً إلى الخلف لتسجيل الأهداف وليس إلى الأمام، ومن يُسجّل الهدف هو اللاعب الذي يأتي من الخلف ويكون آخر من يتسلّم الكرة.
يندفع جنبلاط في حراكه السياسي في عدّة اتّجاهات دفعة واحدة، لكنّه لا يفقد التركيز ولا يهتمّ إلا باتّجاه واحد كان قد حدّده منذ اللحظة الأولى، وهو السبب الأول والأخير في حراكه. يضع أبو تيمور في هذه المرحلة ثلاثة أهداف تكتيكية:
1- انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة الانتظام السياسي وتجنّب الفوضى التي ستكون الكلمة فيها للأقوى على الأرض، أي حزب الله، الأمر الذي سيضع لبنان أمام تحدّيات كبرى لا قدرة له على تحمّلها وسط الأزمة الاقتصادية والنقدية الراهنة.
2- منع إلغاء الوزير جبران باسيل سياسيّاً، لقناعته أنّ الإلغاء السياسي في لبنان يؤسّس لتوتّرات كبرى، وسيسمح إلغاء باسيل لـ”القوات” بالتمدّد مسيحياً، وتحديداً في الشوف وعاليه، والمعروف عن جنبلاط نفوره من الشراكة الأحادية، وبخاصة مع المسيحيين. فوجود طرفين مسيحيين قويّين يسمح له بالمناورة وصياغة التحالفات وفرضها على الآخرين بدل أن تُفرض عليه.
3- وقف الاستفزاز اللبناني للعالمَين العربي والغربي، وتحديداً دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بدايةً من اسم الرئيس الذي سيُنتخب، وانتهاءً بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس الجديد.
لامبالاة دوليّة
يراقب وليد جنبلاط ما يحصل في سوريا والانفتاح الدولي والعربي عليها بسبب الزلزال. كما يراقب بدقّة ما يحصل في أوكرانيا. الوضع في لبنان بنظره لا يمكن فصله عمّا يحصل في العالم. لا بل يتأثّر به بشكل مباشر ودقيق. المراقبة الدقيقة أوصلته إلى قناعة أنّ المجتمع الدولي لا يضع لبنان وأزماته في جدول أعماله المزدحم بثلاث قضايا مركزية: الحرب في أوكرانيا، أزمة الطاقة الدولية، والملفّ النووي الإيراني، وهو ما يحتّم على اللبنانيين المبادرة داخلياً لإنتاج تسوية وتقديمها إلى المجتمع الدولي كي يباركها لا أكثر ولا أقلّ.
على خلفيّة كلّ ذلك يرى جنبلاط أنّ على لبنان الاختيار بين أمرين:
1- الفوضى بكلّ أشكالها وعلى الصُعد كافّة، أمنيّاً واقتصادياً واجتماعياً، والأخطر على المستوى الإداري في مؤسّسات الدولة الرسمية.
2- الذهاب إلى حوار مع حزب الله لإنتاج رئيس للجمهورية. ولا سبيل لانتخاب رئيس للجمهورية من دون الحوار مع الحزب. ويذهب برؤيته أبعد من ذلك فيرى أنّ الرئيس المقبل يجب أن يختاره حزب الله من السلة الوسطية بعد أن يحظى بموافقة المرجعيات كافّة، أي رئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد ولا يستفزّ أيّ فريق داخلي أو خارجي.
بانتظار أن تهدأ الرؤوس الحامية في معركة رئاسة الجمهورية، يعيش النائب وليد جنبلاط قلقه. وهو ليس وحيداً، فصديقه وكاتم أسراره التاريخي مروان حمادة، في إطلالة له أخيراً، نبّه إلى أنّ اللبنانيين إمّا ينتخبون رئيساً للجمهورية بأسرع وقت ممكن، أو سيذهبون إلى الحرب.
كلام النائب حمادة يتطابق مع كلام جنبلاط، ويحملان الخوف نفسه. الرجلان لا ينطقان بجملة غير دقيقة ولا بهواجس غير منطقية، وما كانا يوماً من هواة التصاريح من أجل التصاريح، ولطالما تحدّثا وأصابا بما نطقا به، والشواهد كثيرة، ولعلّ أبرزها ما ستحمله الأيام المقبلة.
زياد عيتاني- اساس