ابراهيم لن يبتعد: آخر الكلام اليوم…
قبل يوم من انتهاء مهامه كمدير عام للامن العام، يغادر اللواء عباس ابراهيم المكان الذي امضى فيه 12 عاما كانت شاهدة على تواجده يوميا منذ الساعة الرابعة والنصف فجرا وحتى السادسة مساء في المديرية ، كما على انجازات خلدتها دبلوماسية وحنكة رجل امتاز بعلاقات دولية لن يمحوها عجز سياسيين متضررين، عن ايجاد المخرج القانوني للتمديد لابراهيم وحسمهم سريعا تعيين البديل الوكيل.
آخر الكلام للواء ابراهيم قبيل مغادرته مديرية الامن العام سيكون اليوم من بيروت وتحديدا الكرنتينا حيث سيضع الحجر الاساس لمبنى مديرية الامن العام وهو سيلقي كلمة في المناسبة ستكون معبرة ولو كانت مختصرة بحسب مصدر موثوق مقرب من ابراهيم.
بغصة ولكن مرتاح الضمير سيغادر اللواء ابراهيم تاركا وراءه مكتبا فارغا وعناصر وفريق عمل حزين على مغادرة “الرجل الرصين الوفي” كما يقول احد عارفيه، بعدما كان لملم منذ ايام اغراضه وذكرياته وحملها الى بيته الخاص مدركا تماما وضمنيا ان قطبة مخفية حالت دون التمديد له.
مصادر مطلعة على جو اللواء ابراهيم ترفض الرد على سؤال عمن طعن اللواء ابراهيم وتكتفي بالقول: هذه الصفحة طواها اللواء ورجل الدولة لا يتطلع خلفه.
صحيح أن حزب الله ، واللواء ابراهيم يقر بذلك، عمل حتى آخر لحظة في محاولة للتمديد له لكن اوساطا بارزة علقت بالقول : كان بامكان حزب الله رفع من منسوب الضغط سواء على رئيس مجلس النواب او رئيس حكومة تصريف الاعمال.
وتكمل : لا يمكن لاي متابع للسياسة اللبنانية ان يصدق ان ميقاتي رفض التمديد لابراهيم بعدما تعثّر عليه ايجاد “حل مخرج قانوني”، وكذلك الامر بالنسبة للرئيس بري الذي وضع العصي بالدواليب كي يُثقل جدول اعمال الجلسة التشريعية ببنود وصل عددها الى 81 ادراكا منه ان المكونات المسيحية لن تشرّع 81 بندا بظل فراغ رئاسي وايمانا منه ايضا بان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لن يقبل بجدول فضفاض علما ان مصدرا رفيعا مطلعا على جو ابراهيم علق بالقول : باسيل لم يكذب وهو كان صادقا اذ قال للواء ابراهيم انه مستعد للسير بالتمديد لكل المدراء العامين مع حصر جدول الاعمال ببنود ملحة ، اكثر من ذلك يكشف المصدر ان ابراهيم يردد امام زائريه ان جبران باسيل كان مستعدا لحضور الجلسة حتى لو بلغ عدد جدول الاعمال 81 بندا شرط ان يتم وضع التمديد اولا وتعقبه البنود الملحة فيمررها وينسحب بعدها الا ان بري لم يفعلها.
ولكن لماذا لم يضغط حزب الله باتجاه التمديد للواء ابراهيم نسال المصدر المقرب من مدير عام الامن العام فيرد سريعا: ان حزب الله حاول وعندما لم ينجح زار الحاج وفيق صفا الاحد ابراهيم في مكتبه وقال له : ما قدرنا نعمل اكتر من هيك سائلا اللواء : “زعلان منا؟ ” فرد الاخير” بلا” قاطعة واكمل بما مفاده: لم اطلب منكم لحتى ازعل، كتر خيركن حاولتوا.
وفي هذا السياق تكشف مصادر مطلعة على الملف للديار بان الرئيس ميقاتي كان يقول لكل من يحاول الضغط باتجاه التمديد للواء ابراهيم او لمن يساله : وين صار التمديد : تركوني رح اعملا لا تضغطوا علي اكثر، فيما اللواء ابراهيم فكان حين يسأله احدهم يكتفي بالقول : القصة عندون مش عندي وتتابع المصادر أن ابراهيم لم يفاتح احدا بالتمديد له وهو سمع في المرة الاخيرة التي زار بها بري منذ اسبوع من رئيس مجلس النواب ما مفاده: بالنسبة لموضوعك هيدا مشروع القانون قدامي عالمكتب فرد اللواء، ودائما بحسب ما نقلته المصادر للديار بالقول : هالقصة عندكن مش عندي”.
وتكمل المصادر متسائلة : هل بات اللواء ابراهيم اكبر من طائفته فلم تعد تحمله الطائفة الشيعية فما كان الا أن تم حسم خيار استبعاده؟ وتتابع بانه لو لم يكن ميقاتي متسلحا “بلا ” مخفية لعدم التمديد لابراهيم فهل كان عدم التمديد مر مرور الكرام؟ لتضيف : لكان الحل السحري وجد او حتى خُلق من تحت “سابع ارض”.
وتكمل المصادر كاشفة للمرة الاولى بان الدراسة التي كانت اللجنة القانونية قد اعدتها تمهيدا للتمديد للواء ابراهيم كانت قانونية 100% وما كان احد ليطعن بالتمديد فيما لو تم اعتماد على هذه الدراسة وتقول المصادر اكثر من ذلك، بانه تم استدعاء احد القضاة في مجلس شورى الدولة للاخذ برايه حول ما اذا كان ما اعدته اللجنة يمكن الطعن به قانونيا ليأتي الجواب : ما كُتب ممتاز ولا يمكن ابدا الطعن به وهو قانوني فاذا اردتم السير بالتمديد لا عائق امام ذلك الا ان الرئيس ميقاتي خرج الى الاعلام وقال : يبدو الا مخرج قانونيا بعدما كان قال سابقا انه سيطبق ماذا يقوله القانون.
حتى ان السفراء الاجانب ولاسيما السفيرة الاميركية دوروثي شيا التي كانت التقت بحسب معلومات الديار قبل ايام الوزيرة السابقة زينة عكر بمنزلها قالت انها مقتنعة بان التمديد سيتم للواء ابراهيم قبل ان تقاطعها عكر لتقول لا لن يمددوا له . وفي هذا السياق علمت الديار بان السفيرة شيا زارت اللواء ابراهيم الاحد وعقدت معه اجتماعا وصف بالايجابي لكنها سالت ابراهيم: مع من سنتحدث من الان فصاعدا فرد اللواء مع من تريدونه فردت : معك انت.
وانطلاقا من هذه الوقائع تقول اوساط مطلعة بان دور اللواء ابراهيم لم ينته وهو يدرك تماما هذا الامر وينقل عنه بعض زواره ان “طريقه المهنية راسمة براسو” والاكيد انه سيبقى متواجدا في السياسة اللبنانية. وتقول المصادر : ارادوا إبعاده وتحجيمه لكن دوره سيكون اكبر من ذلك ، كاشفة ان المخطط المستقبلي هو لخوض الانتخابات النيابية ، متكلا على محبة الناس.
وتشير المصادر الى ان ابراهيم لا يزال حائرا فيما اذا كان سيمضي وقت “استراحة المحارب” في لبنان او خارجه لقسط من الراحة وهو تلقى عروضا عدة للعمل خارج لبنان منها المانية وسويسرية وبمبالغ كبيرة اذ تخطى بعضها الـ25 الف دولار شهريا، لكن اللواء يميل اكثر للبقاء في لبنان وفي قلب الحياة السياسية وهو وإن غاب لفترة فسيعود حتما أقوى تختم المصادر.
ولكن هل انتهى دور اللواء ابراهيم لناحية الملفات التي كان يتم تسليمه اياها نسال مصدرا مقربا من ابراهيم فيرد بالقول : اللواء اتخذ قراره بانه سيعمل من الان فصاعدا “بالشخصي” وليس للدولة او لتيار او حزب معين ، ومن يقصده بخدمة فهو يلبي على الصعيد الشخصي .
وعما اذا كان اللواء ابراهيم خرج بعد مسيرة مشرقة دامت 12 عاما هو الذي عرف عنه “الدبلوماسي المحنّك” الذي لم يزعج احدا ، بلا اصدقاء في الداخل، أو متروكا لوحده ، يشير المصدر الى ان الناس هي صديقة اللواء وهناك شخص يعتبره ابراهيم الشخص الوفي الصديق وهو الرئيس السابق ميشال عون.
على اي حال وبانتظار كيف سيرسو عليه المشهد في المديرية العامة للامن العام بعد ابراهيم فالاكيد ان الرجل الذي عرف باستقلاليته التي جعلت منه رقما صعبا في المفاوضات الدولية ، سيصبح بعد 2 اذار مرتاحا ومتحررا من كل عبء والاكيد ان من عمل طوال 12 عاما واضعا مصلحة لبنان اولا سيرد له اللبنانيون الثقة والوفاء في المستقبل القريب، كما يقول أحد عارفيه.
وايمانا منه بمقولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي عمل معه اللواء ابراهيم كمسؤول عن أمنه الخاص في التسعينات:” لو دامت لك لما اتصلت لغيرك” يغادر ابراهيم اليوم الامن العام فيما ستبقى هذه المحطة من تاريخ حياته، الثانية المفصلية ، بعدما كانت الاولى يوم أبلغ الرئيس الشهيد رفيق الحريري أنه سيترك المهمة يقول مصدر موثوق مطلع على جو اللواء ابراهيم عبر “الديار”.
الدياؤ