بري وشيّا والتسريب المقصود… ودور الوسيط!
لا يتخلّى رئيس مجلس النواب نبيه بري عن عادته في “مشيته” المسائية يومياً بالطابق الأول من قصر عين التينة. بخطى أقرب إلى السريعة، يروح جيئة وذهاباً مع عدد قليل مع “المشائين”، وكأنه يريد أن يقول ان ايقاع التطورات في المنطقة يشبه خطواته. المهم أن لا يبقى الحراك في مكان واحد بل أن ينتقل إلى أماكن أخرى.
بري وشيّا والتسريب المقصود
ضجت الأيام الماضية بموقف السفيرة الأميركية من عين التينة والذي يُختصر بأن واشنطن لا تمانع انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وهذا صحيح، إذ أن كل المواقف الأميركية تؤكد بان لا مرشح لواشنطن، واميركا لا تطرح أسماء، إنما توافق على من يختاره اللبنانيون طالما أنها قادرة على التعامل مع الجميع. ورد هذا الكلام في “تمشاية” مسائية ترافقت فيها السفيرة دوروثي شيا مع بّري، حدث ذلك قبل حوالى شهر ونصف.
عملياً، تقصد برّي تسريب الخبر ومضمون الموقف الأميركي في الأيام القليلة الماضية وذلك كجزء من التكتيك السياسي للإشارة إلى أن هذا الطرح لا يزال قائماً في محاولة لتكريسه وكأنه يتجاوز إجتماع باريس، أو أنه لا يتعارض مع نتائج الإجتماع. وإلى الآن لا يزال بري على هذا الموقف المؤيد لفرنجية، خصوصاً أنه في استعراضه لمواصفات الرئيس يبقى ثابتاً عند ما عددّه في إحياء ذكرى الإمام السيد موسى الصدر في 31 آب 2022، أي رئيساً يعمل على الجمع لا التفرقة، يلتزم باتفاق الطائف، وقادر على التحاور مع كل الأفرقاء، ولديه علاقات جيدة عربياً ودولياً، يتمتع بحيثية وطنية. ويعتبر رئيس المجلس أن هذه المواصفات تنطبق على رئيس تيار المردة.
رهان على التفاوض السعودي_الإيراني
يستمر برّي في الرهان على تطورات المنطقة، ولا سيما التفاوض السعودي الإيراني وتحقيق تقدم في عدد من الملفات التي من ِشأنها أن تنعكس إيجاباً على لبنان، وخصوصاً ملف اليمن. كما يراهن على أي تطور في العلاقات العربية السورية، وخصوصاً على صعيد العلاقة بين الرياض ودمشق، ويعتبر نفسه المنظر الأساسي لهذا التقارب. هنا لا بد من العودة إلى كلام بري خلال الإحتفال بافتتاح السفارة الإيرانية، إذ خصص جزءاً من الخطاب حول ضرورة استعادة العلاقات مع السعودية فقال:” نتطلع بأمل كبير بأن يكون هذا اليوم الذي ندشن فيه مبنى جديدا للسفارة الإيرانية في بيروت بارقة أمل ليس ببعيدة، نحتفل فيه بعودة العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع محيطها العربي والإسلامي، وخاصة مع المملكة العربية السعودية في سياقها الطبيعي. إنني ولطالما ناديت بأهمية هذه العلاقات وضرورة تطبيعها وتطويرها بما يحفظ لكل دولة أمنها واستقلالها وسيادتها وخصوصيتها ومصالحها المشتركة. اليوم أجدد الدعوة والمناشدة من أجل تأمين كافة المناخات الملائمة لإنجاح المساعي الطيبة التي تبذل في هذا الإطار”.
بري مستعد لدور الوسيط
مثل هذا الكلام، يقوله بري في السرّ والعلن. فبعد اللقاء الذي عقد بين السفير السعودي في بيروت وليد البخاري والمعاون السياسي لبري علي حسن خليل وتخلله نقاش موسع في كل تفاصيل الملف اللبناني وملفات المنطقة، ينتظر برّي زيارة السفير السعودي إليه في عين التينة، وذلك للنقاش أكثر في ملف انتخاب رئيس للجمهورية”. قال بري ذلك بوضوح لدى سؤاله من شخصيات عديدة حول الموقف السعودي وأكد استعداده للعب دور يؤدي إلى التفاهم والتقارب مع السعودية على رؤية مشتركة في لبنان، وهو عندما يقول ذلك يعني أنه يتحدث باسم الثنائي الشيعي وليس باسمه فقط، وهو يقصد ما يقول في سعيه إلى المساعدة والحصول على تنازلات من قبل حزب الله، فيما المعلومات تفيد بأن الحزب أيضاً يريد التهدئة ولا يريد استمرار التصعيد والتوتر.
يبقى هذا الكلام في الإطار العام، والذي يمكن أن يبنى عليه بالنسبة إلى رئيس المجلس، خصوصاً أن أي حوار مع السعودية إنطلاقاً من لبنان يمكن أن يؤدي إلى البحث في تطورات الوضع بالمنطقة ويمكن للبنان المساعدة في معالجة الكثير من الملفات العالقة، أو اعطاء أي مفاوضات متعثرة قوة دفع وفق وجهة نظر رئيس المجلس. أما لدى الحديث عن التفصيل الرئاسي وأسماء المرشحين، يبقى الرجل عن حدود اسم فرنجية، وهو يقول لم أسمع حتى الآن موقفاً سعودياً مباشراً ورسمياً على لسان المسؤولين السعوديين حول رفض ترشيح فرنجية، أنتظر لأسمع ولأتحاور.
منير الربيع- المدن