ما جديد قضية الشيخ الرفاعي!؟
تتفاعل قضية اختفاء الشيخ أحمد شعيب الرفاعي منذ مساء الاثنين الفائت، وسط تضارب المعلومات لدرجة كادت أن تؤجج حالة الاحتقان في بلدة القرقف العكارية.
يؤكد مصدر قضائي متابع للملف لـ”المدن”، أن “ثمة عددًا من الموقوفين من آل الرفاعي على ذمة التحقيق لدى شعبة المعلومات التي تتابع الملف، وأن مؤشرات التحقيق الأولوية تظهر أن عملية الاختطاف مرتبطة بإشكال مناطقي مزمن بين الشيخ ورئيس بلدية القرقف الشيخ يحي الرفاعي وعائلته”. أي إن الوصف الدقيق لخلفيات عملية الخطف، عائلي – مناطقي، بحسب المصدر القضائي.
ويشدد المصدر القضائي على أن عملية البحث عن الشيخ لم تهدأ، لا سيما بعد مسح مكان الاختطاف في الميناء خلف مبنى الجامعة العربية وكذلك قرب مستشفى الهيكلية في الكورة حيث جرى ترك سيارته من قبل الخاطفين بعد نزع لوحتها الرقمية.
نزاعات سابقة
في المقابل، رصدت “المدن” مجموعة من المعلومات الميدانية، ومن المطلعين على قضية الشيخ المخطوف، وتصب معظمها بإعطاء بُعد أمني وسياسي لقصة اختطافه مضافة إلى البعد المناطقي العائلي.
وكان الشيخ الرفاعي، وهو إمام مسجد القرقف الكبير، ينوي الترشح هذا العام إلى رئاسة بلدية القرقف، ضد خصمه الدائم رئيس البلدية الشيخ يحي الرفاعي، وفق ما يفيد نجله غيث أحمد الرفاعي. وبحسب شهادة الشاب لـ”المدن”، فإن والده المخطوف كان على خلاف شديد مع رئيس البلدية وعائلته، وأن الأخير “فبرك سنة 2016 ملف إرهاب للشيخ لدى عودته من مطار بيروت من إحدى الدول الخليجية، وهذا جوهر الخلاف الذي تطور بينهم”.
ويقول غيث إن رئيس البلدية، مع أعوان له، سبق أن أطلقوا الرصاص على شقيق الشيخ أحمد الرفاعي وابن شقيقته، و”قبل نحو عام أرسل مسلحين إلى والدي وهدده بالقتل”.
وفي واقع الحال، ينشط الشيخ أحمد الرفاعي على نطاق واسع في بلدة القرقف، وكان كثيرون يتهمونه ب”التعصب”، فيما يؤكد آخرون أنه “كان على علاقة جيدة مع شريحة واسعة من أبناء بلدته”. وإضافة إلى أدائه خطب الجمعة في مسجد بلدته، وكانت معظمها عالية السقف ضد حزب الله وإيران، حتى أن البعض كان يصفه بالشيخ الشعبوي، لديه مركزاً لتحفيظ القرآن، وكان متعهداً لأرض زيتون كبيرة في البلدة، وامتلك لفترة وجيزة مولداً كهربائياً كما يعمل بإمدادات المياه في البلدة. والشيخ الرفاعي البالغ 44 عامًا، متزوج من امرأتين، ولديه من كل زوجة أربعة أبناء.
أسرار الخطف
تعرض الشيخ لعملية خطف صادمة. وبحسب معلومات لـ”المدن” فقد تم استدراجه ليل الاثنين إلى محيط الجامعة العربية في الميناء، وهي عادة تكون ضعيفة الحركة ليلًا، بعدما كان يؤدي صلاة المغرب في البداوي.
وتفيد المعلومات أن نحو ثماني ملثمين ترجلوا من سياراتهم بلباس موحد، وغدروا بالشيخ وضربوه ثم أخذوه عنوة معهم، كما أخذ أحد الخاطفين سيارته من نوع هوندا سي آر في. وعثر على سيارته قرب “مستشفى الهيكلية” في الكورة، وهي كانت موجودة في المكان منذ ثلاثة أيام وفق شهود عيان. أجرت الأجهزة الأمنية مسحًا في المنطقة، وأخذت كاميرات المراقبة الموجودة في المكان للتدقيق فيها.
ويقول المحامي محمد صبلوح المتابع للملف لـ”المدن” إن “ظروف عملية الخطف تثير التساؤلات وتوحي أن ثمة عملًا في غاية الدقة والتنظيم خلفها”. ويحمل الأجهزة الأمنية مسؤولية عدم الإسراع بالتحقيقات والتكتم على المعلومات. ويضيف: “ظن كثيرون أن الشيخ جرى القبض عليه من قبل جهاز أمني، ولو كانت الأجهزة شفافة لجهة الإسراع في تقديم المعلومات حول الموقوفين لديها أو كشف مصيرهم، لما وجهت أصابع الاتهام إليهم”.
لكن هذه الفرضية سرعان ما سقطت، مع إسراع الأجهزة الأمنية إلى التحقيق بالملف، وهو بقبضة فرع المعلومات، كما نفذت مخابرات الجيش عددًا من المداهمات، في حين أصدر الأمن العام بيانًا رسميًا أكد فيه أن الشيخ الرفاعي ليس موقوفًا عندهم.
من جانبه، يقول العميد المتقاعد عميد حمود لـ”المدن” إن “عملية اختطاف الشيخ الرفاعي كانت مستفزة، وهو صاحب مواقف معروفة”. يضيف: “إن رئيس البلدية وأبناءه أصبحوا منذ مدّة ينتمون إلى أجواء سرايا المقاومة، وهو ما يفاقم قلقنا على الشيخ، ويؤكد أن الجهة الخاطفة لديها رسائل ترهيب”.
قضائيًا، وضعت قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار يدها على ملف اختفاء الشيخ الرفاعي، وبدأت تحقيقاتها وانتقلت إلى الكورة لمعاينة سيارة الشيخ الرفاعي.
توازيًا، تؤكد الجهات المتابعة للتحقيقات لـ”المدن” على نفي أي ارتباط بين اختفاء الشيخ والخلفيات السياسية للعملية، باعتباره أساسًا ذات تأثير محدود لا يتعدى نطاق بلدته أو متابعي صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي.
آخر العمليات
ويوم أمس الجمعة، نفذت قوة ضاربة من فرع المعلومات مداهمة لمنزل رئيس بلدية القرقف يحي الرفاعي واعتقلت ابنه علي وابن شقيقه وهو عنصر في القوة الضاربة، وفق المعلومات الأولية.
وعقب هذه العملية، قال رئيس بلدية القرقف الشيح يحيى الرفاعي، عبر فيديو مصور: “إن توجيه الاتهام إلى جهات أمنية أو سياسية أو حزبية من دون دليل ثابت وملموس، لا يخدم هذه القضية، ونحن لا نريد أن تكون قضيتنا ساحة لتصفية الحسابات، لقد سلمنا هذه القضية إلى سماحة مفتي الجمهورية، وكلنا ثقة في حرصه على هذه القضية، وعلى أحد أبناء الدار”.
وفيما عاشت بلدة القرقف حالة من الغليان عقب عمليات المداهمة للمعلومات وتطويق الجيش للمنطقة، ناشد مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا أهالي البلدة والجوار عدم الانجرار إلى الشائعات المغرضة والفتنوية.
واستقبل الشيخ زكريا، اليوم السبت، عضو الهيئة الشرعية في المجلس الاسلامي العلوي الشيخ حسن حامد وعضو الهيئة التنفيذية أحمد الهضام في دار الفتوى في حلبا، في حضور عدد من المشايخ، للبحث في حادثة اختفاء الشيخ الرفاعي وتأكيد لضرورة جلاء حقيقة الملف.
المدن