هل انتخاب رئيس يوقف الإنهيار… وهل هناك فريقاً يريد أن ينهار البلد بالكامل؟
ماذا يعني أن يقول رئيس حكومة تصريف الأعمال قبل يومين إنّ هناك فريقاً يريد أن ينهار البلد بالكامل لنعيد بناءه من جديد؟ وهل يقصد فريقاً محلياً أو خارجياً، لديه هذا التوجه؟
من المعروف أن هذا النهج في التعاطي مع لبنان كان ظهر قبل سنوات جرّاء أزمته السياسية والإقتصادية المالية، في أروقة الدوائر المهتمّة بلبنان في بعض العواصم وفي الولايات المتحدة الأميركية، نظراً إلى تحكّم النفوذ الإيراني بالسلطة فيه، وإلى يأس المسؤولين الأميركيين من إحداث تقدّم في تعديل مسار الإنحدار الذي يغلب على إحتمالات التقدّم في الحلول والمعالجات.
سادت هذه النظرية لفترة من الزمن، في الكونغرس الأميركي، لا سيّما في أوساط الجمهوريين، ومع بداية عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لتتغيّر لمصلحة اعتماد نهج قيل حينها إنّه ميل وزارتي الخارجية والدفاع، للحؤول دون هذا الإنهيار، خشية إفادة خصوم واشنطن في المنطقة ولا سيّما إيران، من تدهور الوضع السياسي والأمني، ومن تأثير اهتزاز الإستقرار فيه على الصعيد الإقليميّ. وهذه كانت وجهة نظر أوروبا ولا سيّما فرنسا وسياستها التقليدية على مرّ العقود حيال لبنان، والتي تقوم على الحؤول دون أن ينهار البلد أو يصل إلى القاع.
بين الفترة والأخرى تجري واشنطن مراجعة لسياستها حيال لبنان، وسط وجود تيارات في الكونغرس، بين الجمهوريين خصوصاً تسأل عن مدى التقدّم الذي أحرزته السياسة الأميركية القاضية بإبقاء العين على لبنان وتقديم المساعدات إليه. وحين تزور البلد وفود من مجلس النوّاب، لتقصّي الحقائق، غالباً ما تكون مشتركة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي. الجديد أنّه حتى أعضاء الكونغرس من الديموقراطيين باتوا يسألون عن جدوى السياسة المتّبعة في لبنان، وعن مدى فائدة المساعدات التي تقدّم للجيش والقوى الأمنية.
قبل أيام زار وفد من مساعدي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت منينديز لبنان، وعقد اجتماعات بعيدة من الأضواء مع عدد من الفاعليات اللبنانية والتقى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب. وفد كهذا يحضّر المعطيات للسيناتور الأميركي كي يأخذ على أساسها قراراته والتوجّهات التي سيطرحها في مجلس الشيوخ، سواء سياسياً أم في شأن المساعدات التي تقدّمها بلاده، ولا سيّما في ميزانية الوكالة الأميركية للمساعدات (usaid).
سبقت مجيءَ الوفد الأميركي زيارةُ النوّاب اللبنانيين الأربعة، نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب، نعمت فرام، مارك ضو وياسين ياسين العاصمة الأميركية مطلع الشهر الجاري، وعادوا بانطباع سلبي عن التقييم الأميركي لأداء السلطة اللبنانية حيال ما هو مطلوب منها على صعيد الإصلاحات منذ 2019، عبّر عنه ياسين بالقول إن «الإدارة الأميركية تفكّر في سحب الهبة البالغة 72 مليون دولار المقدّمة إلى الجيش وفي رأيهم أنّ الهبة لن تغيّر الواقع ولن تلجم الإنهيار». والتفكير الأميركي بذلك يمثّل أكثر المواقف سلبية حيال البلد، إذ إن واشنطن تعوّل في شكل أساسي على الجيش لحفظ الاستقرار وعلى تعاون جيشها معه أكثر من التعاون مع أي مؤسسة لبنانية أخرى من المؤسّسات الدستورية، وأعطت دعمه أولوية قصوى في السنوات الماضية…
تسلّلت إلى الكونغرس الأميركي خلال الأشهر الماضية قناعة بأنّه على رغم حاجة لبنان للمساعدة، فإنّ استمرارها لن يكون فعّالاً من أجل الحؤول دون انهياره وأنّ الوضع فيه بات ميؤوساً منه، بسبب تأخير الخطوات المطلوبة وخصوصاً ملء الفراغ الرئاسي لتسهيل عمل المؤسسات الدستورية، ولم تعد واشنطن قادرة على القيام بأكثر ممّا قامت به من أجل تفادي سقوط البلد بالكامل. في كل الأحوال يبدو أن ما يعتمل في أوساط الكونغرس حيال لبنان، ليس بعيداً عمّا تعبّر عنه الإدارة هذه المرة. فمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف سبق أن حذّرت علناً من أن البلد إلى الانهيار في حال عدم انتخاب رئيس. بات هناك نقاش أيضاً حول ما إذا كان ملء الفراغ الرئاسي سيساعد على الحلول، طالما الوضع السياسي سيخضع الرئيس الجديد للعقبات التي واجهت غيره.
هل عبارة ميقاتي عن أن هناك من يريد للبلد أن ينهار بالكامل صدى لموقف الجانب الأميركي، لتبرئة نفسه وحكومته ممّا هو آتٍ؟
وليد شقير