هل يتجه باسيل الى التصعيد من البوابة المسيحيّة… وهل من يشتري هذه “البضاعة”؟

لا يمكن النظر إلى عملية تكبيل المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، بقرار واضح من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بغض النظر عن قانونية الخطوات التي قام بها، إلا في إطار النكسات التي يتعرض لها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منذ تاريخ إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، الأمر الذي من المؤكد أنه سيكون له تداعيات كبيرة على مستوى مواقفه في المرحلة المقبلة.

منذ انتهاء الانتخابات النيابية الماضية، عمد باسيل إلى رسم معالم مرحلة جديدة على المستوى السياسي، خصوصاً أنه كان يدرك أن النفوذ الذي كان يتمتع به في عهد الرئيس عون لن يستمر طويلاً، وبالتالي من المفترض العمل إنطلاقاً من ذلك، خصوصاً أن الاستحقاق الانتخابي أظهر تراجعه شعبياً على المستوى المسيحي.

بناء على ذلك، كان الهدف الأساسي حجز موقع له في المعادلة الجديدة، بالمرحلة التي تلي خروج عون من قصر بعبدا، الأمر الذي دفعه إلى الإعلان صراحة عن أنه لا ينتمي إلى أي محور، سواء كان ذلك على الصعيد المحلي أو الخارجي، لا سيما أن معالم تبني حزب الله ترشيح رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية كانت قد بدأت بالظهور.

طوال الأشهر الماضية، كان باسيل يسعى إلى إسقاط ورقة ترشيح فرنجية بأي ثمن، حتى ولو قاده ذلك إلى توتير العلاقة مع حزب الله ودفنها، مراهناً على إمكان أن يحجز موقعه في المعادلة من خلال الحوار المسيحي المسيحي، لكن هذا الرهان اصطدم بتشدد واضح من جانب حزب “القوات اللبنانية”، الذي أظهر أنه غير راغب في التقارب مع رئيس “التيار الوطني الحر” إلا وفق شروطه.

وبحسب مصادر متابعة لعمل بكركي وما يسعى اليه البطريرك الماروني، يريد التيار طرح سلة أسماء للتشاور حولها في بكركي بين المكونات المسيحية فلا يمانع اجتماع نيابي موسع ولا يمانع اجتماع على مستوى رؤساء الأحزاب، بشرط ألا يكون ضمنها فرنجية وعون، بينما “القوات” تريد سلة أسماء تُنتج اسماً واحداً بالتصويت بين المجتمعين، وذلك لأن جعجع يعلم مآرب باسيل التي يريدها من الحوار المسيحي – المسيحي.

بالتزامن، كانت قد ظهرت مؤشرات على تقدم أوراق ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي لا يفضله باسيل، ما دفعه إلى إطلاق سلسلة من المواقف التي تستهدف عون شخصياً، مراهناً على إمكان أن يقود ذلك إلى إسقاطه من قائمة المرشحين الرئاسيين الأساسيين، دون أي مبالاة بالأذى الذي قد يتعرض له الجيش كمؤسسة من هذا الاستهداف.

بعد حزب الله و”القوات”، لجأ باسيل الى خصمه اللدود وليد جنبلاط، فحاول التقرب من رئيس الحزب “التقدمي” والاتفاق معه على إسم وسطي مثل بيار الضاهر، على اعتبار ان “القرابة” بين الضاهر وجنبلاط ستجعل الأخير خجولاً في مقاربة الاسم، وهذا ما لم يحصل.

حتى الآن، يمكن الجزم أن ليس هناك من هو في صدد الذهاب إلى التعاون مع رئيس “التيار الوطني الحر” في الاستحقاق الرئاسي، لدرجة بات هناك من يتحدث عن أن باسيل، في ظل تراجع علاقاته مع حزب الله بات في موقع المعزول، ويسعى إلى التعويض عن عزلته عبر خوض سلسلة من المعارك تحت عنوان الميثاقية والشراكة، لا سيما على الجبهة الحكومية.

في الوقت الراهن، يمكن الإشارة إلى أن باسيل لم ينجح في تحقيق ما يصبو إليه، فلا هو نجح في إبعاد فرنجية وعون من الإستحقاق الرئاسي، ولا نجح في تأمين الحاضنة المسيحية له بالرغم من مواقفه التصعيدية في أكثر من مجال، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الخطوات التي من الممكن أن يذهب إليها في المرحلة المقبلة.

في هذا السياق تُشير مصادر سياسية الى أن رئيس “التيار الوطني الحر” سيكون مضطراً إلى التصعيد من البوابة المسيحية، أي التركيز على خطاب الشراكة والإقصاء، على أمل أن يقود ذلك إلى تحسين واقعه الشعبي، بالتزامن مع سعيه إلى الذهاب بعيداً عن حزب الله في مواقفه، وهو ما دفعه إلى مهاجمة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله شخصياً في مناسبتين، من دون أن يتضح ما إذا كان هناك، في الداخل أو الخارج، من يرغب بشراء هذه “البضاعة”.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة