وصول الزواج الماروني – الشيعي الى الطلاق ولكن…تصدّع التفاهمات ليس محصوراً فقط بــ “مار مخايل”!
وصول الزواج الماروني – الشيعي بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” الى الطلاق يبدو أنه حتمي، فالتواصل بين الطرفين مقطوع، والردود على بعضهما البعض بدأت تظهر عبر الاعلام والخطابات العلنية، وقد وردت معلومات عن أن الحزب أبلغ رئيس التيار جبران باسيل أنه لا يمكن الاستمرار في التّفاهم بهذه الطريقة، ولكنه لن يعلن انتهاءه من طرفه، مطالباً باسيل بأن يعلن هو عن ذلك بوضوح وصراحة. ولكن ليس التيار والحزب وحدهما من وصل بهما التفاهم إلى طريق مسدود، بل الأمر ينسحب على غالبية القوى السياسية، وإن كان ليس بهذا الاستفحال.
الحزب “التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية” يبدو أنهما متباعدان في الرأي، على الأقل حول الاستحقاق الرئاسي، اذ أن “القوات” لم تستقبل مبادرة رئيس الحزب وليد جنبلاط برحابة كبيرة، مفضلة البقاء على موقفها بترشيح النائب ميشال معوض، بينما “الاشتراكي” وصل كما يبدو إلى قناعة باستحالة إيصال معوض الى الرئاسة، وحاول طرح قائد الجيش العماد جوزيف عون كتسوية ترضي الجميع، على الرغم من أنه لا يفضل أي عسكري في سدة الرئاسة، وقد عبّر عن رأيه هذا مرات عدة، ويبدو أنه لم يلق قبولاً لدى “القوات”، وظهر التباعد بين الحليفين، إلا أنه لم يرتقٍ الى درجة الخلاف، ولم يثر أي ضجة إعلامية حوله.
أما نواب التغيير، فانقساماتهم ليست محصورة بمسألة الرئاسة، اذ أن اختلاف الآراء في ما بينهم، أدى إلى اعتبار كل نائب أنه يمثل نفسه وليس الكتلة، البعض منهم يميل الى ترشيح معوض، والبعض الآخر يفضل صلاح حنين، وآخرون يريدون عصام خليفة. انقسام التغييريين محوري، جهة تؤيد محور الممانعة ضمناً، وجهة تؤيد محور “السيادة” ضمناً أيضاً، ولكن يرى بعض النواب بينهم أنهم يجب على الأقل أن يتمايزوا في الأداء عن المحورين المشتبكين في البلد حتى لو كانوا ضمنياً يؤيدون أحدهما.
باستثناء تكتل “الاعتدال الوطني”، فإن النواب المستقلين، كل يغني على ليلاه، ويقسمون أنفسهم بين المحورين ونواب التغيير، والركوب على موجة الثورة، لا خطة ولا هدف واضح، ولا حتى يمتلكون فكرة رؤية مستقبلية لأي ملف شائك.
وبالعودة إلى “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، فإن الخلاف أخذ أشكالاً علنية متطرفة، وبينما الحزب يحاول لملمة مظاهره، إلا أن التيار لا يترك مناسبة إلا ويهاجمه فيها عبر نوابه ومسؤوليه وأبواقه، ويضع اللوم عليه بسبب ما يعتبرها عرقلة للعهد سابقاً، ومحاولة ضرب الوجود المسيحي اليوم. إلا أن مصادر مقربة من 8 آذار اعتبرت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “كل العناوين الرنانة التي يرفعها التيار الوطني الحر، وعلى رأسها الدور الطائفي، تسقط بمجرد أن يرضخ الحزب لارادة باسيل، أو على الأقل يعطيه وعداً مثلما فعل مع الرئيس ميشال عون، والحزب ليس في وارد إعطاء هذا الوعد اليوم، فباسيل غير مقبول محلياً ولا إقليمياً، ولا حتى عند بيئة الحزب، الذي يفضل تهدئة الأوضاع، والعمل على تبييض صفحة باسيل والتيار لاحقاً، وربما يكون مشروعاً مستقبلياً للرئاسة، إلا أن باسيل يفضل أن يكون المشروع اليوم، حتى لو كان على حساب الحزب، بل على حساب البلد ككل”.
وأكدت المصادر أن “المشكلة ليست في التيار ككل، بل عند باسيل نفسه، الذي يتصرف كحاكم بأمر الله، لدرجة أنه يرفض حتى أن يرشح أي شخصية من داخل التيار للرئاسة غير نفسه، وهذا الأمر تسبب بخلافات داخل التيار، ربما لم تأخذ منحى علنياً بعد، ولكن إذا استمر الأمر كذلك فستظهر، والعديد من نواب التيار يتواصلون مع حارة حريك وعين التينة، للتبرؤ من بعض مواقف باسيل، ويطلبون تفهم الوضع الحساس، مما يشير إلى أنه في حال حانت ساعة الحقيقة، قد ينتخب هؤلاء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ضد إرادة باسيل، أو على الأقل قد يؤمنون الميثاقية والنصاب للجلسة”.
يترحم اللبنانيون على فترة ما بعد الطائف وقبل العام 2005، فعلى الرغم من أي أخطاء حدثت فيها، إلا أن الخلافات لم تحصل بهذه الطريقة، ولم تشل البلد، ولم تؤثر في اقتصاده، ولم يكن أحد يرفض الحوار، وقد يتعجب اللبنانيون إن بحثوا في الأرشيف الصحفي، ووجدوا أن أعز الأصدقاء اليوم اختلفوا مرات عدة، ولكن كانوا يتداورون على المبادرة الى حل الخلاف. ولا بد من الاشارة إلى أن غياب تيار “المستقبل” والحريرية عن المشهد السياسي اليوم، له تأثير كبير، تحديداً أنه ترك الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط وحيدين في نهج الحوار والتلاقي.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير