تهديدات السيّد: الانفجار الكبير و الحرب الشاملة والمدّمرة في كلّ المنطقة…أو التسوية؟
فاجأت التهديدات بالذهاب إلى الحرب مع الكيان الصهيوني، التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال احتفال الحزب بالذكرى السنوية للقادة الشهداء، الأوساط السياسية والدبلوماسية في بيروت، وتركت تساؤلات كثيرة داخل الكيان الصهيوني حول مدى إمكانية ذهاب حزب الله إلى خيار الحرب في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يعانيها لبنان واللبنانيون.
فما هي خلفيّات هذه التهديدات؟ وما هي الأسباب التي أملت على السيد حسن نصر الله إطلاقها؟ وهل تكون تمهيداً لإشعال حرب شاملة وواسعة في كلّ المنطقة أو تفتح الباب أمام التسوية في لبنان والمنطقة؟
ماذا يقول حزب الله؟
تشير مصادر مطّلعة على الأجواء الداخلية لحزب الله إلى المعطيات التالية:
– أوّلاً: أتت هذه التهديدات بعد بروز معطيات لدى قيادة الحزب أنّ هناك رهاناً لدى بعض الأوساط الأميركية وبعض الدول العربية والغربية على أنّ الضغوط المكثّفة عليه وعلى الوضع اللبناني عامّة ستدفعه إلى القبول بالشروط الأميركية والإقليمية من أجل ترتيب الوضع اللبناني وعدم السماح ببقاء لبنان من دون رئيس، وأنّه لا بدّ من تقديم التنازلات من أجل انتخاب رئيس جديد للبنان.
– ثانياً: وصلت رسائل مباشرة إلى قيادة الحزب عبر بعض الدول الغربية والعربية بأنّ الأميركيين والسعوديين غير مستعدّين حالياً لتقديم أيّة مساعدات لإنقاذ الوضع اللبناني، وأنّ الأميركيين سيكتفون بتقديم بعض المساعدات العسكرية للجيش اللبناني كي يبقى صامداً ويكون قادراً على مواجهة الحزب مستقبلاً في حال انتشرت الفوضى الشاملة في لبنان. وهو ما يعني أنّ القرار بالتوجّه نحو الفوضى يستهدف الحزب وبيئته وأن ليس هناك جدّية حاليّاً للوصول إلى حلول للأزمة اللبنانية.
– ثالثاً: شكّل بدء تصدير الغاز والنفط من حقل كاريش من قبل الإسرائيليين، وعدم حصول أيّ تحرّك جدّي لبدء استخراج الغاز والنفط من الحقول اللبنانية، والبطء الشديد من قبل شركة “توتال” وشركائها في العمل، تحدّياً كبيراً لقيادة الحزب، الذي ظهر وكأنّه أعطى الإسرائيليين الفرصة للحصول على الغاز والنفط، فيما يعاني لبنان أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة، وهذا يخالف الوعود التي أطلقها السيد نصر الله وقيادة الحزب من أنّ اتفاق الترسيم سيفتح الباب أمام تطوّرات إيجابية لمصلحة لبنان واللبنانيين.
ردّ “المحور” لن يتأخّر؟
– رابعاً: شكّل التصعيد الإسرائيلي داخل فلسطين وفي كلّ دول المنطقة في مواجهة قوى المقاومة رسالةً واضحة باستعداد الكيان الصهيوني للاستمرار في عمليّاته الأمنيّة والعسكرية ضدّ قوى المقاومة وإيران. وعلى الرغم من حصول ردود عسكرية وأمنيّة غير معلنة من قبل إيران ضدّ الكيان الصهيوني وتصاعد عمليات المقاومة في الداخل الفلسطيني، فإنّ الاستمرار في التصعيد من دون ردّ كبير من قبل محور المقاومة يعني تغيير قواعد الاشتباك في المنطقة وإعطاء ضوء أخضر للإسرائيليين يبيّن لهم أنّهم قادرون على تطبيق خططهم داخل فلسطين وخارجها من دون أيّة مواجهة، ويتطلّب كلّ ذلك ردود فعل قويّة على مستوى التحدّي الجديد.
– خامساً: كانت قيادة الحزب قد اتّخذت قراراً باستمرار الصمود في مواجهة الضغوط المعيشية والاقتصادية، ونجحت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بالتكيّف في مواجهة كلّ المتغيّرات الداخلية والخارجية عبر سلسلة إجراءات تحمي بيئة المقاومة وتؤمّن نسبة من الاستقرار الداخلي، لكن يبدو أنّ هناك تخوّفاً لدى قيادة الحزب من أن تزداد الضغوط وتقوى إجراءات الحصار، وهو ما سيدفع البلاد نحو الفوضى، وهذا ليس لصالح الحزب ولبنان ويتطلّب سياسة جديدة لقلب الطاولة بدل التفرّج على الانهيار الحاصل.
في ضوء هذه المعطيات تأتي تهديدات السيد حسن نصر الله بالذهاب إلى الحرب وتفجير الأوضاع وكأنّها رسالة واضحة للداخل والخارج بأنّ أيّ رهان على الفوضى والتفجير والحرب ضدّ الحزب وحلفائه في لبنان والمنطقة لن يتمّ السكوت عنه، وقد يكون الردّ مجدّداً من بوابة حقل كاريش أو في مواجهة ما يقوم به العدوّ الصهيوني من غارات واعتداءات. وهو ما قد يدفع المنطقة إلى حرب شاملة. وهذا ليس في مصلحة الأميركيين وبعض الدول الغربية.
فهل تصل الرسالة بوضوح وتشكّل مدخلاً إلى البحث عن تسوية جديدة من دون الذهاب إلى حرب واسعة؟ أم أنّ هناك من يصنع فخّاً لحزب الله وحلفائه في المنطقة للذهاب إلى حرب مدمّرة تؤدّي إلى تغيير كلّ المعادلات في لبنان والمنطقة؟
قاسم قصير- اساس