نصرالله يُحاول وقف الانهيار: إحياء مُعادلة “كاريش” وتهديد الأميركيين
لأن «الصورة» قاتمة ولا مخارج واضحة في المدى المنظور للازمة السياسية والاقتصادية في البلاد، ولان المؤشرات على الارض باتت مقلقة وتنذر بفوضى شاملة، ولأن خروج الاحداث عن السيطرة بات «قاب قوسين اوادنى»، دخل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على الخط بقوة في محاولة لوقف حالة الانهيار المدعومة داخليا «بجوقة» من الفاسدين، ويرعاها الاميركيون بسد كل «النوافذ» «والابواب» امام اي دعم خارجي يمكن ان يمد البلاد بجرعة اوكسيجين توقف الانزلاق الى قعر»جهنم». معادلة السيد نصرالله بسيطة وواضحة «الفوضى لن تصيبنا وحدنا»،» اذا اردتم الفوضى فستكون شاملة ولن تكون اسرائيل بمنأى عنها».
انها محاولة لوقف التصعيد لا افتعاله، تقول اوساط مطلعة، لكنها ليست مجرد كلمات انفعالية بل ستكون لها ترجمة فعلية على «ارض الواقع» في اللحظة التي ستبلغ فيها الامور «نقطة اللاعودة». خطاب السيد نصرالله جاء تزامنا مع انهيار متسارع في قيمة الليرة مقابل الدولار الذي خرق كل السقوف المنطقية متجاوزا عتبة الثمانين الفا، فيما بدأت ملامح الفوضى في الشارع في اكثر من منطقة بقطع الطرق ومحاولة حرق عدة مصارف، وقد ابلغت مصادر امنية بارزة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قلقها البالغ من انهيار امني واسع النطاق في البلاد سيؤدي الى نتائج «كارثية» حيث ستكون القوى الامنية وفي مقدمتها الجيش تحت ضغط كبير وهائل، وهو امر يحتاج الى خطة طوارىء عاجلة لرفع مستوى التنسيق. وعلم في هذا السياق، ان ميقاتي يتجه الى دعوة مجلس الامن المركزي الى اجتماع لبحث التطورات المتسارعة لمحاولة لجم التصعيد في الشارع ومنع المس بالاستقرار الامني.
علما ان الاجتماعات المالية والاقتصادية المتلاحقة في السراي الحكومي بالامس لم تخلص الى اجراءات محددة للجم الانهيار المالي وسط عجز واضح عن السيطرة على التضخم في ظل شح الدولار والزيادة الهائلة في الكتلة النقدية اللبنانية. كل هذه المخاطر لم تحرك الوضع السياسي المشلول، رئاسيا لا جديد، سوى نصيحة دبلوماسية بعدم الرهان على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الى العاصمة السورية دمشق في الأيام القليلة المقبلة .فهي ان حصلت لها اولويات اخرى لا وجود للبنان في قائمتها، فيما يراهن رئيس مجلس النواب نبيه بري على «البازار» المفتوح مع التيار الوطني الحر حول جدول اعمال جلسة تشريع الضرورة كي يبنى على «الشيء مقتضاه» الاسبوع المقبل.
نصرالله والفوضى الشاملة
امام مشهد الانهيار الاقتصادي المتمادي واقتراب البلاد من الدخول في فوضى شاملة، هدد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاميركيين بخسارة كل شيء اذا اصروا على زرع الفوضى في لبنان، كما هدّد إسرائيل بالرد ومنعها من استخراج الغاز من حقل كاريش في حال تم التلاعب بشان حقوق لبنان وثرواته. وفي ذكرى القادة الشهداء اقر نصرالله بصعوبة العلاقة مع التيار الوطني الحر، وعرّج على ذكرى تفاهم مار مخايل معتبرا أن هذا التفاهم في موضع حرج، معربا عن أمله بالحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى… ولان الاميركيين يواصلون الضغط الاقتصادي ويبدون غير آبهين بانزلاق البلاد الى الفوضى ظنا منهم انها ستؤدي الى اضعاف حزب الله وبيئته، كانت «رسالة» السيد نصرالله واضحة ودون «قفازات»، وتوجه الى الاميركيين بالقول «ان ما يحصل في لبنان سببه الرئيسي هو الضغوط الأميركية وسياسة سحب الأموال والودائع بطريقة مدبرة، وإذا أردتم زرع الفوضى في لبنان ستخسرون كل شيء… من يراهن على أن الألم والوجع سيجعل بيئتنا تتخلى عن مبادئها وإنجازاتها واهم» واضاف «من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله… وإذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدمتها ربيبتكم إسرائيل. وخلص الى القول «كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزون لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم إسرائيل..إن غدا لناظره قريب».
تصعيد لمنع التصعيد
ووفقا لمصادر مطلعة، لا يمكن فهم كلام نصرالله بانه تصعيد ودفع الامور نحو مواجهة مفتوحة، وانما محاولة واضحة لمنع هذا الانفجار الذي سيكون حتميا اذا ما تمادى الاميركيون في جر لبنان الى الفوضى، وهو بذلك يحاول منع الصدام ولا يسعى اليه، لكنه كان واضحا بانه لا يخشاه اذا ما وصلت الامور الى نقطة «اللاعودة». علما ان الاسرائيليين يخشون بشدة خروج الاوضاع عن السيطرة في لبنان، وسبق وحذروا واشنطن من مغبة هذه الاستراتيجية التي يعتقدون انها ستكون مفيدة لحزب الله وحده!ولم تقف «رسائل» السيد عند الاميركيين فهو حذر ايضا من أي تسويف بشأن استخراج النفط من المياه اللبنانية وقال يجب إبلاغ الأميركيين بالابتعاد عن هذه المسألة محذرا من أي تسويف بشأن استخراج النفط من المياه، واكد الجهوزية لمنع اسرائيل من الاستخراج من «كاريش» اذا لم يتمكن لبنان من استخراج الغاز، وهذا ما معناه «اذا ما تريد تجوعي اقتلك».
لا جديد رئاسياً
وفي الملف الداخلي، أشار السيد نصرالله إلى أن «لا جديد بالملف الرئاسي والحل الوحيد هو بالتفاهم الداخلي واستمرار الجهد ليكون للبنان رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن»، ولا يمكن لاحد في الخارج من فرض رئيس على القوى السياسية، والحل بالتفاهم الداخلي، وكشف ان «الأميركان صاروا باعتين ألف رسالة للايرانيين للجلوس وجهًا لوجه والتفاهم دون وسطاء، لكن إيران ترفض الجلوس وجهًا لوجه، ما الحكمة؟ الحكمة أن وجهًا لوجه ستكون الضغوط أكبر، فليس للأميركيين حد يقفون عنده»، وأضاف «إذا كنتم ستبقون بانتظار الأميركيين يعني البلد راح»…
اما عن الوضع في كيان العدو فهو غير مسبوق على المستوى الداخلي وفي البيئة الاستراتيجية وبحسب السيد نصرالله، فان الحكومة الحمقاء الحالية تدفع الأمور باتجاه صدامين كبيرين، الأول داخلي اسرائيلي والثاني فلسطيني وقد يمتد الى المنطقة. وأشار إلى أنه «لأول مرة في تاريخ الكيان تكون أدبيات الحديث عن قرب الحرب الأهلية وسفك الدماء وأنه لا حل للتحديات الجديدة الا بسفك الدماء وقرب الانفجار، لأول مرة في تاريخ الكيان بدأت تتشكل منظمات للمغادرة، الكل اليوم يتحدث عن عقدة الثمانين عامًا.
الديار