خاص: 18 عاماً على استشهاد الرفيق.. لبنان اليتيم بلد انتهت صلاحيّته!!

“لا ما خلصت الحكاية”.. وأكيد ما رح تخلص.. فرفيق لبنان حلّق كطائرَ فينيقٍ ينبعث من ظُلُمات استشهاده كل عام في عيد التضحية والفداء.. عيد الدم المسفوح على مذبح الوطن السليب..

18 عاماً ولم يغب رفيق الحريري يوماً على بال هذا أو لسان ذلك.. ليس لأنّه زعيم بيروتي سنّي فذ.. أو لأنّه شخصية عربية قيادية رائدة.. أو حتى لأنّه ثري عربي لعب دوراً في إخماد نيران انتهاء حرب ضروس مزّقت أوصال لبنان.. بل لأنّه صانع نهضة لبنان الحديث.. بل لأنّه “ما حدا أكبر من بلده.. ورفيق الحريري أكبر وأكبر”.. بل لأنّه بنى لبنان البشر قبل الحجر.. فعلّم وعمّر وأخرس صوت الرصاص ورفع صوت أزيز الإقلام..

إنّه رفيق الحريري الذي تيتّم لبنان منذ استشهاده.. ليس كمال قال الزميل محمد نمر بأنّه يشعر باليُتم منذ تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي.. لا بل نحن – وأقولها جازماً بإسم النسبة الأكبر من اللبنانيين – كبيارتة خصوصاً ولبنانيين عموماً تيتّمنا ظهر الرابع عشر من شباط 2005.. وما وصلنا إليه اليوم من عهود جهنمية وعصفورية وظلامية يحكمها السلاح المُتفلّت والمستقوي.. أكبر دليل على أنّه بغياب الرفيق فلت زمام البلد.. وما عاد هناك من قيادي قادر على احتواء البلد ككل..

كان رفيق الحريري لبنانياً عابراً للطوائف.. فيما سياسيو اليوم يتقوقعون في طوائفهم.. يدّعون لبنانيّتهم وعروبتهم لكنّهم عند مفترقات الأزمة.. يعجزون عن تدوير زوايا أبسط القضايا.. رافعين راية طائفتي أو منطقتي أو انتمائي أولاً.. بينما الرفيق اغتالوه لأنّ عصي على التقوقع.. حتى أنّه أكبر من أنْ يُحصر في لبنان.. فعكان عابراً للأوطان وصل صيته وعلاقاته وفرض احترامه على عواصم العالم أجمع.. حتى أنّه كان مُكرّماً من البابا يوحنا بولس الثاني “رسول السلام”..

رفيق الحريري “اللي خلّف ما مات”.. ورفيق الحريري خلّف شباب من عمر الوطن.. وخرّج أجيال تبني العالم.. وعلّم طاقات إيجابية أضاءت مشاعل نور في درب البشرية.. نشر الفرح والسهر وازدحام الأفراح والليالي الملاح.. أوصلنا إلى العالمية من خلال ملايين السيّاح القادمين من حول العالم.. وأحيا لبنان الميت بعد سنين حرب طويلة..

فيما مَنْ يتحكّمون بلبناننا اليتيم اليوم.. عادوا بالشباب جثامين محمولة في نعوش.. خرّجوا أجيالاً على الكراهية والبغضاء … وعلّموا الكره والحقد وبثوّا طاقات سلبية.. نشرت العتمة والظلام وأوصلتنا إلى “صفر ساعة كهربا”.. وجمعونا طوابير أمام المصارف ومحطات المحروقات والصيدليات والأفران.. أوصلونا إلى العالمية مع أطول نهر نفايات.. وبالآخر قتلونا “بشوية نيترات وسرقات وإهمال”.. حتى صُنّفنا إلى جوار قندهار بلداً منتهِيَ الصلاحية.. لكن “ستستمر الحكاية” إلى أنْ يُيسّر الله لنا من قلب العدم “رفيق حريري” جديداً ينتشلنا من بئر “عبيد الأجندات الخارجية”!!

مصطفى شريف- مدير التحرير

مقالات ذات صلة