لماذا لم تُصدر فرنسا بياناً عن اللقاء الخماسي.. وما علاقة الحزب بذلك؟

يبقى السؤال الذي يشغل بال اللبنانيين، هو لماذا لم يصدر بيان عن المجتمعين في باريس الإثنين الفائت؟ في لبنان أغرقت الساحة بتحليلات كثيرة حول فشل الاجتماع وعدم الاتفاق. بينما حاولت الخارجية الفرنسية تبرير عدم إصدار البيان بأن الاجتماع تقني ولا يستدعي ذلك. لم يكن الكلام الفرنسي مقنعاً في هذا المجال، خصوصاً أن مصادر ديبلوماسية متابعة تكشف لـ”المدن” أنه خلال الاجتماع تم الاتفاق على بيان واضح، وكان يفترض إقراره. ويتضمن البيان مؤشرات واضحة حول آلية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة منسجمة معه، على أن يكونا قادرين على استعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي. كما تم التداول في الاجتماع حول إمكانية اتخاذ إجراءات أو فرض عقوبات بحق من يعمل على عرقلة الاتفاق أو التسوية.

 

تريث فرنسي؟
بناء على هذا الكلام والذي تتقاطع عنده مصادر عربية وأخرى أجنبية، لم تحلّ حتى الآن معضلة عدم إصدار البيان، والتي يذهب التحليل بشأنها إلى جوانب مختلفة. ولكن قبل الدخول في استعراض السيناريوهات، لا بد من الإشارة إلى أن ممثلي الدول الخمس قد أرسلوا نسخة عن البيان إلى عواصمهم لمراجعتها مع المسؤولين فيها، وقد جاءت الموافقات عليه. وفي الوقت الذي تبلغت فيه الوفود موافقة الدول، كانت وزيرة الخارجية الفرنسية في طريقها إلى البرازيل وكانت غائبة عن السمع. هنا تبلغت الوفود بأنه فور وصولها وإطلاعها على بريدها ستقرأ البيان لإصداره، لكن ذلك لم يحصل. فيما بعد جاء الجواب بأن البيان سيصدر بعد عودتها من البرازيل، وهو ما لم يحصل أيضاً. وتضيف المصادر: “ربما حصل انزعاج فرنسي من التأخير، بسبب إرسال المضمون إلى العواصم المعنية، ما أدى إلى تأخير إصدار البيان”. إلا أن هذا الكلام أيضاً لا يبدو مقنعاً.

 

وهنا تشير مصادر متابعة إلى أن عدم إصدار البيان ينطوي على ترك المجال مفتوحاً أمام المزيد من المشاورات مع دول أخرى، وربما الأساس فيها إيران. وقد تكون باريس فضّلت عدم إصدار البيان بانتظار التواصل بطريقة أو بأخرى مع إيران، ووضعها في الأجواء من جهة. أما من جهة ثانية، فكان يراد إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بنتائج الاجتماع من خلال جولة السفراء عليهم، وبذلك لا يتم تقديم صورة من خلال إصدار بيان يتضمن كل الخطوات الواجب اتخاذها، ويرسم خريطة الطريق، وبالتالي على اللبنانيين الإلتزام به، خصوصاً أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى استفزاز عدد من الأفرقاء، بما فيهم حزب الله، الذي قال على لسان أكثر من قيادي فيه بأنه لا يمكن الالتزام بنتائج اجتماع قوى خارجية. وهذا يفرض تواصلاً مباشراً معه ومع الآخرين. وهو ما سيحصل.

 

التجربة السيئة
من بين الأسباب التي دفعت إلى عدم اصدار بيان أيضاً، هي التجربة الفرنسية السيئة مع لبنان، منذ المبادرة التي تقدم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في آب 2020، ولم تصل إلى أي نتيجة. وبالتالي، لا يريد الفرنسيون أن يلزموا أنفسهم بمثلها من دون ضمان تحقيق النتائج. في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أنه قبل جولة السفراء حصل تواصل بين البعض منهم وعدد من الأفرقاء اللبنانيين. وتشير المعلومات إلى أن تواصلاً حصل بين الفرنسيين وحزب الله في الأيام القليلة الماضية، لوضعه في صورة ما جرى بالاجتماع، والبحث معه في إمكانية الوصول إلى اتفاق، والحاجة إلى تسهيل من قبل الجميع.

بعد إنطلاق حركة السفراء باتجاه المسؤولين اللبنانيين، يفترض تقييم الوضع ورد الفعل الذي سينجم عنها حركة سياسية. وبناء عليها، تتحدد المسارات المقبلة.

 

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة