قضي الأمر في لقاء باريس الخماسي… وسقطت ورقة فرنجية !
قضي الأمر في لقاء باريس الخماسي، وسقط الخيار الفرنسي الذي كان يعطي الأولوية لمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية، ولو أدى ذلك لانتخاب أي اسم والمقصود الاسم الذي ولاؤه الكامل لـ»حزب الله».
حاولت فرنسا في هذا اللقاء أن تعيد تجريب المجرب، لأسباب عدة منها ما هو داخلي، ويتعلق بإدارة الرئيس ايمانويل ماكرون، التي تريد أن تسجل في سجلها انجازاً لبنانياً، ومنها ما هو خارجي ويتعلق بالرغبة الفرنسية بعدم قطع شعرة معاوية مع طهران، لا سيما في مرحلة تردي العلاقة الايرانية الاوروبية والفرنسية تحديداً، بفعل التدخل الإيراني في حرب أوكرانيا، وبسبب القمع الإيراني للثورة المندلعة منذ أشهر في طهران وسائر المدن الإيرانية.
وعلى الرغم من المحاولة الفرنسية لتسويق اسم سليمان فرنجية كحل وسط، على أن تكلف شخصية أقرب إلى السعودية تشكيل الحكومة، جاء الرد السعودي صارماً ورافضاً لأي اعادة إنتاج لتسويات تشبه انتخاب ميشال عون رئيساً في العام 2016، وهكذا سقط خيار فرنجية، وأصبح على المستوى العربي والدولي كأنه لم يكن، وبات من الأصعب على «حزب الله» أن يمضي قدماً في الإصرار على ترشيحه إلى ما لا نهاية، وكل ذلك سيبقى معلقاً بانتظار المخرج المناسب.
لسليمان فرنجية أصدقاء كثر في فريق عمل الرئيس ماكرون، وهؤلاء عملوا بتنسيق مع أحد رجال الأعمال اللبنانيين لتسويقه والسير به كمرشح مقبول من فرنسا، لكن كل ذلك اصطدم بالرفض السعودي ليس لشخص فرنجية، الذي يحتفظ بصداقات في المملكة، ولكن لأنّ في السعودية الجديدة، من يعمل على أساس أنّ تكرار الخطأ مرتين ممنوع.
تبعاً لذلك خلص الاجتماع الخماسي إلى التفاهم على خريطة عمل موحدة أساسها المطالبة بالإصلاح وتطبيق القرارات الدولية والدستور، ومن دون ذلك لن يكون غطاء لرئيس تابع لـ»حزب الله»، مهما طال أمد الفراغ، ولن تتكرر التسوية الرئاسية التي تمدد لسيطرة «حزب الله» على قرار رئاسة الجمهورية.
تنطلق السعودية بتشبثها بهذه المعايير، من دروس الماضي، وتتناغم مع الموقف الأميركي الرافض لتكريس سيطرة ايران على قرار لبنان، وتصر على أن يكون الحل شاملاً، وأن لا يقتصر على انتخاب رئيس الجمهورية، بل على الاتفاق على اختيار رئيس للحكومة، يستطيع أن يشكل حكومة إنقاذ، لا حكومة إدارة أزمة، على غرار المشاكل التي واجهها عهد الرئيس ميشال سليمان.
في أجندة اللقاء الخماسي، تفاهم على خطة عمل بخصوص لبنان، وتفاهم على رفع مستوى اللقاءات، وعلى التمسك بالمعايير التي باتت تتكرر في الأدبيات العربية والدولية، في استنساخ لمضمون ورقة المبادرة الكويتية. وفي هذه الأجندة ايضاً تأكيد على توفير المساعدات الممكنة لكن خارج قنوات سلطة الفساد، وتأكيد على استمرار دعم المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية، في رسالة واضحة تدل على فقدان الثقة بالطقم السياسي الحاكم الذي استنفد آخر ما تبقى له من قدرة على إقناع أي كان بأنه قادر على الاستمرار بالنهج نفسه وبالأدوات ذاتها.
اسعد بشارة- نداء الوطن