بسبب تصريح… لبنانيون يقضون ليلتهم بلا نوم أو في الشارع!
عاش اللبنانيون ليل الأربعاء، قلقاً كبيراً، بعد استشعار هزة أرضية جديدة، وخروج خبراء على الشاشات زادوا من القلق إثر الحديث عن احتمالات زلزال مدمر.
والقلق الأخير، ناتج حكماً عن فشل لبنان مرة أخرى في مواجهة أي كارثة طبيعية، أو حتى احتمال حدوثها، بسبب سوء التخطيط لإدارة الأزمات على المستويات السياسية والإغاثية والإعلامية.
وصدرت عبر تلفزيون “الجديد” تصريحات ومتناقضة لخبيرين، أحدهما يحاول الطمأنة، والثانية تتحدث عن مخاوف من زلازل، واحتمالات، مما زاد منسوب القلق الذي لم تبدده التطمينات اللاحقة.
والحال إن المشكلة ليست في “الجديد” وحدها، ولا في وسائل إعلام أخرى تستعجل تقديم مادة في ظل غياب معلومات رسمية، أو شحّها.. بل تقع الأزمة في ضعف الخبرة من قبل وسائل الإعلام في إدارة الازمات، إذ تفرض إدارة الأزمات الطبيعية إغلاق كل منافذ الاتصال مع الخبراء، لمدة 24 ساعة، والاعتماد على المصادر الرسمية والمتحدثين الحكوميين الذين تم اختبارهم في السابق بتقديم محتوى موجز لا يثير الهلع، أو خبراء يلتزمون بالتعليمات الحكومية والمعلومات الرسمية.
ما يجري أن الانهيار في لبنان على مختلف المستويات، ترك تأثيره أيضاً على التأخر في تقديم المعلومات، أو تخصيص الفئات ذات الكفاءة والمؤهلة لمخاطبة الناس عبر الإعلام، كما هو الحال مع المتحدثين باسم الصليب الأحمر أو الدفاع المدني على سبيل المثال، والذين لم يسجل لهما أي خطأ في أي من الإطلالات أثناء الأزمات.
لذلك، تلجأ وسائل الإعلام الى بدائل، ووجوه غير مستهلكة ظهرت على أنها عاجزة عن تقديم معلومة حاسمة ودقيقة، ولم تناقش الأمر مع الخبراء من زملائها ولا الموظفين الحكوميين في هيئة إدارة الكوارث.
والمتحدثة، يفترض أنها مسؤولة أيضاً في جهة لم يتضح على الشاشة ما إذا كانت رسمية أو أكاديمية أو منظمة مدنية.. قدمت افتراضات، على هالهواء مباشرة، وتكهنات “علمية” وتفسيرات كان من الضروري تجنبها حتى لو كانت تحتمل 50% من الصحة، منعاً لإثارة الهلع وبالتالي الوقوع في مشاكل إضافية. ورفعت تلك التصريحات منسوب القلق، قبل أن يخرج خبراء آخرون لينفوا ما قالته المسؤولة الأولى، وحاولوا وضع حد للتضليل والخوف، وهو ما لم يحدث، لأن الخوف يتملّك السكان. وأمضى بعضهم ليلته في الساحات العامة والسيارات والشارع، في منطقة الصالومي على سبيل المثال، وبرج حمود، وصولاً إلى طرابلس.
لا تتعلم السلطات الرسمية إدارة الكوارث، خصوصاً الآن في الدرك الأسفل وفي خضم الانهيار. أما وسائل الإعلام التي يجب أن تختار بين السبق والدقة، فأحياناً تظن بأن خبراء محددين يتم تداول أسماؤهم يفون بالغرض. وهي ليست المرة الأولى التي نختبر فيها هذا القلق الذي عاشه اللبنانيون في مختلف الأزمات بداية مع كورونا، ولاحقاً مع انفجار المرفأ، واليوم في الهزات الطبيعية. إنه بلد التسرع، والتعاطي على السجية!
المدن