هل ينهي زلزال2023 عهد أردوغان..كما أنهى زلزال1999 عهد أجاويد؟

شرت وكالة “فرانس برس” مقالاً للكاتبة راضية أكوك، قالت فيه أن الزلزال بقوة 7,8 درجات الذي اجتاح جنوب تركيا الإثنين، أدى إلى تشديد الضغط على الرئيس رجب طيب أردوغان قبل ثلاثة أشهر من انتخابات رئاسية وتشريعية كانت تنذر بمنافسة شديدة حتّى قبل وقوع الكارثة.

وأضافت الوكالة أنه مع تصاعد الانتقادات لعمليات الإغاثة، لجهة بطئها وسوء تنظيمها، حرص أردوغان الذي يتولى السلطة منذ 2003 على تفقّد المنطقة المنكوبة الأربعاء، مقراً بوجود تقصير.

وقال لدى زيارته محافظة هاتاي قرب الحدود السورية: “بالطبع ثمة ثغرات، من المستحيل الاستعداد لكارثة كهذه”.

غير أن إردوغان كان في وضع دقيق حتى قبل الزلزال، إذ كان يواجه سلسلة من الأزمات مع اقتراب موعد الاقتراع في 14 أيار/مايو.

فأثارت سياسته الاقتصادية الخارجة عن النهج التقليدي دوامة تضخميّة في البلد أدت إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين بنسبة 85 في المئة عام 2022.

ومع المخاطر السياسية التي بدأت تلوح، عمد الرئيس إلى شن هجوم مضاد.

فبعد ساعات على الزلزال، عقد مؤتمراً صحافيا في أنقرة أعقبه بسلسلة طويلة من المؤتمرات الأخرى.

وحضر الأربعاء إلى منطقة قريبة من مركز الزلزال في محافظة كهرمان مرعش حيث عانق امرأة منكوبة وسط الركام، قبل أن يتوجه جنوباً إلى محافظة هاتاي حيث وقع العدد الأكبر من الضحايا.

فوضى 1999

لا شكّ أن أردوغان يذكر أن قلة كفاءة السلطات عند وقوع آخر زلزال شديد في تركيا العام 1999 هي التي قادت حزبه إلى الانتصار بعد ثلاث سنوات.

وتعرض رئيس الوزراء آنذاك بولنت أجاويد لانتقادات حادة أخذت عليه الفشل في تنظيم عمليات الإغاثة للمنكوبين.

عند وقوع الزلزال الإثنين، أعلن أردوغان على الفور حالة الطوارئ القصوى التي تستدعي المساعدة الدولية. وبدأ الدعم يتوافد من عشرات الدول بما فيها خصوم إقليميون على وجه السرعة.

ويرى الخبراء أن أردوغان قد يوطّد موقعه من خلال استجابة ملائمة للكارثة، أو يخسر كل شيء.

وكتب ولفانغو بيكولي من مكتب “تينيو” للاستشارات حول المخاطر السياسية ومقره لندن، في مذكرة أن “استجابة فعالة للحالة الطارئة قد تعزز رئيس الدولة وحزبه، حزب العدالة والتنمية، من خلال إثارة شعور بالتضامن الوطني بقيادته”.

غير أن إمري كاليسكان الباحث في مركز السياسة الخارجية ومقره في المملكة المتحدة قال: “إن أخفق في الاستجابة بعد الزلزال، فقد يخسر أردوغان الانتخابات في أيار/مايو”.

إضعاف مؤسسات

وتنتشر مشاعر الإحباط في المناطق التي طاولها الزلزال، فنددت عائلات منكوبة الثلاثاء، بحكومة عاجزة عن مساعدتها وإنقاذ أقربائها العالقين تحت الأنقاض.

وقالت المحللة غونول تول التي كانت في تركيا عند وقوع الزلزال وخسرت أقرباء في المأساة، إنه كان من الممكن لمس الغضب في هاتاي.

وأكدت مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط ومقره الولايات المتحدة: “لا يسعني أن أصدّق أن (أردوغان) لم يشعر به، لأنني رأيت بأمّ عيني مستوى الإحباط والغضب. إنني واثقة من أنّه سيكون لذلك تأثير”.

وأوضحت أنه في 1999 نشط المجتمع المدني بلا كلل من أجل مساعدة الضحايا، مشيرة إلى أن عدد المنظمات تراجع اليوم بسبب حملة القمع التي شنها إردوغان بعد محاولة الانقلاب في 2016.

وقالت لوكالة “فرانس برس”: “بعد مضي عشرين عاماً، لسنا مجهزين بصورة أفضل، أردوغان لم يُضعف مؤسسات الدولة فحسب، بل أضعف كذلك المجتمع الأهلي التركي”.

وسائل الإعلام

لكن الخبراء لفتوا إلى أن أردوغان لا يواجه أي انتقادات من وسائل الإعلام الشعبية، ما يعطيه أفضليّة واضحة على المعارضة.

وقلما تطرقت الشبكات التلفزيونية الإخبارية إلى عوامل مثل نوعية البناء الرديئة خلف انهيار المباني ومن بينها حتى مبان شيّدت قبل أقل من عام.

والواقع أن الحكومة أصدرت معايير جديدة للبناء في 1998.

وقال إيمري كاليسكان إن “المعارضة تؤكد أن عدد الوفيات المرتفع ليس ناجماً عن الزلزال فحسب، بل عن مبان غير مضبوطة بشكل جيد ورديئة النوعية”.

وبعدما انتقدت الصحافة في 1999 بطء السلطات في الاستجابة للكارثة، لزمت الصمت حول هذه المسألة هذه المرة.

وأفادت أدلين فان هوت المستشارة الرئيسية لأوروبا في مجموعة “إيكونوميست إنتيليجنس يونيت” في مذكرة أن “وجود وسائل إعلام وطنية مؤيدة بشكل واسع يعني أيضاً أن أردوغان سيتحكم بالرواية الرسمية وسيتمكن من الاستفادة من الوضع”.

وكالات

مقالات ذات صلة