“انتفاضة في التيار”: نزاع الوقائع والأمنيات!
مقاربتان تتنازعان السجال حول الاستقالات والانشقاقات في “التيار الوطني الحر”. الأولى، تدعي أن موجة الاعتراض “توسعت الى ما يرتقي لمستوى الانتفاضة” داخل التيار. فيما تقلل الثانية من حجم ما يجري، باعتباره “مفتعلاً”، و”ينطوي على مبالغة”، و”يسوّق لأمنيات وأوهام”، وهو جدال متواصل بين أعضاء التيار الحاليين والسابقين، لم يحسم الجدل حول حجم “التمرّد”.
وهي ليست المرة الأولى التي يُسجّل فيها عدد من الاستقالات او الانسحابات من “التيار”. فالخلافات بين عدد من النواب، كالنائبين السابقَين ماريو عون وزياد أسود وغيرهما؛ مع رئيس التيار النائب جبران باسيل، وما اعتبراه “سياسات إلغائية” و”مصادرة حق التعبير عن الرأي” في الاعتراض على عدد من توجهاته السياسية، طاف على السطح مجدداً خلال فترة الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في 15 أيار/مايو الماضي.
هوة التباينات آخذة في الاتساع منذ ذلك التاريخ، وانفجرت بعد مهاجمة باسيل لأداء قائد الجيش العماد جوزيف عون؛ أحد الأسماء المرشحة جدياً للانتخابات الرئاسية، في إطلالته الاخيرة، فقررت مجموعة من المحازبين في التيار والمتحدرين من بلدة قائد الجيش في قضاء جزين، تقديم الاستقالات من التيار اعتراضاً على هذا الموقف.
من يقف وراء الانتفاضة؟
يؤكد النائب السابق زياد الأسود، أنه يقود الانتفاضة ضد ما يعتبره التعرض لقائد الجيش المتحدر من القضاء نفسه الذي انتُخب نائباً عنه أكثر من مرة. أسود الذي رفض التعليق لـ”المدن” عن مدى سوء العلاقة بينه وبين باسيل، تفسر تغريدته مآلات الهوة بينه وبين باسيل، إذ قال: “كنا نتمنى أن تثحفظ الحقوق وتُصان، وأن يكون الأمين أميناً على القلوب، والقضاء مرجعاً للعدل، سيأتي الغيب ليقول ما في الجيب، ويعرف من يجب ان يعرف ويصمت من يجب ان يصمت ويسقط القناع والخداع. العقوبات، وإن كانت من الخارج، فإنها تضع حداً لحقد وكره الداخل للحقيقة”.
ما هو الرقم الحقيقي للاستقالات؟
فيما تحدث كثيرون أن عدد الاستقالات لمحازبي التيار سجلت بالعشرات، خصوصاً في بلدتي العيشية في جزين ودير القمر في الشوف، ينفي الناشط في “التيار الوطني الحر”، بسام الترك، هذا الأمر، مشيراً الى أنها لم تتجاوز الـ17 فيما عدد المنتسبين هو 137 في المدة الأخيرة.
وعن الأسباب التي تقف وراء “تضخيم” أرقام المستقيلين، يقول الترك في حديث لـ”المدن” إن التيار مستهدف منذ ثلاث سنوات، تاريخ اندلاع انتفاضة 17 تشرين 2019، والتي انتقدت أداء مؤسس التيار، الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، وأداء صهره باسيل.
ويُطمئن الترك، خصوم التيار، بأن عدد المحازبين المنتسبين الى “الوطني الحر” في ارتفاع كبير، مقابل الأسماء التي سجلت انسحابها لأسباب تخصها.
المواجهة الداخلية في عيون الناشطين
يؤكد الناشط السياسي، رامي نعيم، أن قوة التيار تاريخياً كانت دائماً في جذبه لأفضل النخب المسيحية؛ ما انعكس بشكل رئيسي على القاعدة الشعبية للتيار التي توسعت بشكل كبير خلال مدة قصيرة سابقاً.
ويعتبر نعيم في حديث لـ”المدن” أن “الانسحابات سببها اعتماد استراتيجية خاطئة في القيادة الموجودة حاليا لدى التيار، فبعدما أوهموا المحازبين والمناصرين قدرتهم على إحداث الإصلاح والتغيير، تبيّن أن الوزير باسيل يعمل فقط لمصلحته الشخصية”، معتبراً أن شعار حقوق المسيحين يرفع فقط “غب الطلب” عندما تكون هناك منفعة ذاتيّة لباسيل.
المدن