خاص شدة قلم: “معاوية”: هابوه… فمنعوه؟!

أما وقد اتخذت mbc القرار، ومضت بعرض مسلسل “معاوية” الإسلامي التاريخي، ذي الميزانية الأضخم، والإخراج الرهيب للمُبدع طارق العريان، بعد تأجيل دام أكثر من عامين، فإنّنا ومن منطلق مشاهدتنا للحلقتين، نؤيّد القرار ونعتبره خطوة مهمة في عالم صناعة الدراما العربية والتاريخية خصوصاً.
تحوّل هذا المسلسل الذي حظي بشهرة واسعة حتى قبل عرضه، وخلال سنوات منعه، إلى “ترند” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدّر منصات البحث، مُحدثاً سجالاًُ كبيراً جداً، بسبب الهجوم غير المعقول عليه، تحت ذرائع بث الفتن وإيقاع شرخ في وحدة الصف الإسلامي.
بعيداً عن لعبة “الحلال والحرام”، فإنّ إفتاء “الأزهر الشريف” بحرمة مشاهدة المسلسل لأسباب تتمسّك برفض تجسيد صحابة الرسول محمد (ص)، ومنهم “معاوية بن أبي سفيان”، الذي كان أحد كتاب الوحي، أي الذين دوّنوا القرآن، قد يكون صائباً أو خائباً لكن لا يصل الأمر إلى حد إصدار فتوى تعلق ما بين الحلال والحرام لترهيب الناس.
أما منع “هيئة الإعلام والاتصالات العراقية” بث المسلسل عبر قناة “mbc العراق” أو أي قناة أخرى، مطالبة بالالتزام بالمعايير المهنية وتجنّب بث المحتوى الذي قد يتسبب في إثارة الفتن أو التحريض الطائفي، فهو “أوهن من بيت العنكبوت” ولا يستند إلى أساس يحترم العقول، فإلى متى سنبقى نختبئ خلف أصابعنا؟، إلى متى سيبقى التاريخ الذي يتسبب بسجالات طائفية، واختلاف وجهات النظر بين قارئ للتاريخ ومُعتقد به محط هلع ورعب؟، ومتى كان التاريخ يُقرأ من منظور واحد فقط، فلطالما كان كل مؤرّخ – للأسف – يدوّن الأحداث من وجهة نظره وقناعاته، ولعل ما تعرّض له مسلسلا “معاوية والحسن والحسين” السوري (إنتاج 2011) ومسلسل “عيسى بن مريم” الإيراني (إنتاج 2007) سبّبا خوفاً لمواجهة رأي الآخر، فتم منعهما من العرض، رغم عرض أولى الحلقات ..
تاريخنا كعرب عامر بالشخصيات العظيمة، ولا بد من ملء المشهد السينمائي والتلفزيوني بأعمال من هذا النوع، إذ يؤسف الفشل الكبير الذي تعرّض له فلم “أهل الكهف” الذي عُرض الصيف الماضي، لما شابه من خلص بين التاريخ الديني والفانتازيا، ما أدى إلى احتجاب الجمهور عنه، بينما تحقق مسلسلات الأتراك المُحرّفة بداية من حريم السلطان، السلطانة قُسم، أرطغرل، عثمان، محمد الفاتح وسواها من تمجيد لتاريخهم السلجوقي والمغولي البعيد عن عروبتنا، كما تحقق نسب مشاهدة عربية عالية جداً، من هنا يشكل مسلسل معاوية، استكمالاً لرحلة مُسلسل “عمر” بإنتاجات عربية تاريخية قوية.
والشيء بالشيء يُذكر أنّه من خلال البرومو الترويجي والحلقتين الأولى والثانية، ورغم الاختلاف التاريخي “بين سُنّة وشيعة” على شخصية معاوية، فإنّ العمل أظهر ميوله للإسلام منذ صغره، حتى حين كان والده أبو سفيان ووالدته هند بنت عُتبة لا يزالان من مشركي قريش، كما أثبت المسلسل إسلام معاوية قبل فتح مكة، داحضاً ما يُشاع عن أنّه أسلم بعد الفتح وكان من الفئة الذين قال بهم الرسول محمد “إذهبوا فأنتم الطلقاء”، وعلى أمل إنتاجات تاريخية توثّق التاريخ العربي..
ولنا لقاء آخر مع مسلسل “سيوف العرب” من بطولة الممثل السوري القدير سلوم حدّاد..
مصطفى شريف- مدير التحرير