خاص شدة قلم: كما في لبنان كذلك في غزّة.. وهم الانتصار ولو على الموت والدمار!!
بعد 471 يوماً انتهت أكبر مجزرة عرفها التاريخ الحديث.. أكثر من 46 ألفاً و788 شهيداً ارتقوا في قطاع غزّة ورفح وخان يونس وخلال رحلات النزوح بحثاً عن الحياة.. واحد على الأقل من بين كل أربعة من الضحايا كان طفلاً.. فيما أكثر من 110 آلاف و453 شخصاً أصيبوا بجراح متفاوتة الخطورة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة..
هذه الأرقام الرسمية حتماً مع انقشاع غبار المعركة سترتفع أكثر.. مع العثور على أشلاء وضحايا ومفقودين تحت ركام آخر مدينة أسيرة في العالم.. أُجبر ما يزيد عن 1.9 مليون من أهلها على النزوح مرّات ومرّات طلباً للأمان.. لكن لم تسلم من شياطين بني صهيون حتى المستشفيات ومراكز الإيواء والمدارس.. فانتشرت المجاعة وتفشّت الأوبئة وقتل البرد والصقيع مَنْ لم تقتله الصواريخ..
وبعد!! استشهد أبرز قادة “حماس” ومثلهم استشهد أبرز قادة “حزب الله”.. بعدما فتح “جبهة إسناد” دفاعاً عن غزّة.. لكن كان النصيب اللبناني شهداء بالآلاف وخراب الجنوب المستمر حتى اليوم.. ودمار معظم الضاحية الجنوبية لبيروت.. ولا يزال “الحوثيون” في اليمن على غيّهم كما سادتهم الإيرانيين.. بينما سقط نظام بشّار الأسد وفرَّ مسعوراً إلى موسكو.. وهناك مَنْ يقول بأنّه يرقد ميتاً سريرياً بالسُم الزُعاف..
هذه الأحوال ما كان الداعي لها من الأساس؟!.. “طوفان الأقصى” لم يجرف الصهاينة بل تحوّل إلى “تسونامي” جرف أهل غزّة وحوّلها إلى دمار بعد عَمَار.. حوّل الأطفال العُزّل إلى أشلاء.. وحوّل مصير الجيل الصاعد إلى سراب من الموت واليُتم والجوع والخراب.. أما في لبنان فاستقوى “أزلام المحور الممانع”.. وجرفونا تحت رحمة مَنْ لا يعرف الله ولا يرحم.. فدفعنا على مدار أكثر من شهرين ضريبة الموت المجاني.. لمجرّد قرار على قاعدة “لو كُنتُ أعلم”!!
والأنكى هي شعارات لم يرفعها أهالي غزة المكلومين والمقتولين والمدحورين والمُعدمين.. بل رفعها مَنْ لعبوا بهم وشهروا السلاح وسرقوا الحُلُم في مُغامرة غير محسوبة العواقب بدفع إيراني.. أسفرت عن أكثر من 15 شهراً من الموت المتوفّر غب الطلب.. وحتى لا داعي للطلب هو موت مجاني تُهديه آلة القتل الصهيونية.. ما يدفعنا إلى التفكير بمؤامرة من تحت الطاولة بين “واشنطن وطهران” تقضي بموجبها الصهيونية على المحور السائر في الركب الإيراني.. عندها تُطلق الذراع لإيران في إنتاجاتها النووية.. وتتحسن علاقاته مع “بلاد العم سام”..
على ما يبدو أنّ النتيجة المرسومة تحققت.. وسقط قادة المحور ما بين لبنان وفلسطين.. والرئيس الإيراني وقف على منصة الأمم المتحدة مُلقياً خطاباً ظاهره دعم المقاومين وباطنه التبرؤ منهم.. ليتماهى مع خطاب “خنزير الكيان” بنيامين نتنياهو الذي أطلق لجيشه العنان باستهداف لبنان بعد غزّة.. والكشف علناً عن خريطة “إسرائيل الكبرى”.. غير عابئ لا باتفاقات إبراهيمية ولا حتى بدول كبرى..
واليوم على مشارف انتهاء هدنة الـ60 يوماً في لبنان.. ومع دخول وقف إطلاق النار الغزّاوي حيّز التنفيذ.. ورغم أنّه من حق أهل لبنان وغزّة الذين استمرّوا على قيد الحياة بعد العدوان أنْ يفرحوا.. إلا أن السؤال يتكرّر: هل انتصر حاملو السلاح؟!.. هل انتصر “طوفان الأقصى”؟!.. هل اندحر الصهاينة وغادروا الأراضي الفلسطينية إلى غير رجعة؟!.. هل استعاد المسلمون قبلتهم الأولى والمسيحيون درب جلجلتهم ومسقط رأس السيد المسيح ومصعده إلى السماء؟!..
إنْ كُنتُ لا أرى أيّاً من هذا أفيدوني علّي أكون مُخطئاً.. فبأي موازين قوى انتصرت “حماس” و”حزب الله”؟!.. إياكم والقول انتصروا بالصمود والثبات.. لأنّه كلام لا يُسمن ولا يُغني من جوع!!.. ولا حتى يُبلسم آلام القلب الموجوع!!
مصطفى شريف- مدير التحرير