انغلاق طائفي وعدم تقبّل وجود نازحين «شيعة»: نجحت «إسرائيل» بتخويف اللبنانيين من بعضهم البعض

بيئة اللبنانيين الى ثلاثة أقسام: العدو ينجح بخلق الخوف بين الطوائف

لا شكّ أن أزمة النزوح أظهرت تضامناً وطنياً غير مسبوق، سرعان ما حاول العدو «الإسرائيلي» ضربه من خلال وسائل عديدة سنحاول الإضاءة عليها قدر الإمكان، فما يجري اليوم في بعض المناطق من انغلاق طائفي وعدم تقبّل للآخر هو مسؤولية هذا العدو ومن يروج سردياته بالداخل اللبناني.

مع انطلاق الحرب لم يرفض صاحب منزل في لبنان تأجير منزله لنازح جنوبي أو بقاعي أو شيعي بشكل عام، فكانت العائلات تتوزع في كل المناطق اللبنانية دون أي مشكلة، حتى بدأ العدو «الإسرائيلي» خطّته بضرب هذه الوحدة وهذا التضامن، من خلال استهداف كل المحافظات اللبنانية، واستهداف منازل نازحين في مناطق كانت تُعتبر آمنة، في بيئات سنية في الجية والدامور والسعديات وبرجا وصيدا وبيروت، وبيئات مسيحية في البترون وجبيل وكسروان وزغرتا، وبيئات درزية في الجبل، بحجة وجود شخصيات حزبية تابعة لحزب الله في تلك المنازل.

رافق هذا العدوان تواطؤ داخلي من قبل سياسيين تلقفوا المحاولات «الإسرائيلية» وتبنوا سرديته وباشروا بالخطاب التحريضي على دم الضحايا، مبررين لـ «إسرائيل» عدوانيتها بحجة وجود مسلحين داخل هذه المنازل، هو ما تسبب بنتيجتين انسحبتا على كل الأراضي اللبنانية.

بعد استهداف كل المناطق اللبناني بتنوعها الطائفي، والخطاب السياسي التحريضي، والتبرير لمجازر «إسرائيل»، انقسمت البيئات اللبنانية الى ثلاثة أقسام:

– القسم الأول هو القسم الذي يخشى على حياته وممتلكاته وبات يمتنع عن تأجير ما يملكه للنازحين، حتى لو دُفعت مبالغ كبيرة في سبيل الإيجار، وهذا القسم لا ينطلق من حسابات طائفية أو مذهبية إنما من حسابات الخوف إذ اقتنع بفكرة أن وجود «شيعة» في منزله قد يعرضه للخطر.

– القسم الثاني هو القسم الذي يقبل بتأجير نازحين شيعة، لكن دون وجود ذكور ضمن المستأجرين، وهذا القسم يعتبر أن الخطر بوجود الشبان والرجال، وبالتالي إن كانت العائلة المستأجرة من الإناث والأطفال فهنا لا مشكلة بالتأجير.

– القسم الثالث فهو القسم الخطير، وهؤلاء يرفضون تأجير الشيعة بغض النظر عن هويتهم وانتماءاتهم، ويتعاملون مع كل شيعي على أنه بحزب الله أو عسكري بصفوف الحزب. يقول أحد أصحاب مكاتب العقارات أن شرطاً أساسياً بات يضعه صاحب الملك في المناطق المسيحية وهو تأجير مسيحيين، مشيراً الى أنه يُضطر لإبلاغ من يتواصل معه بهذا الشرط قبل الحديث بأي شرط آخر، معبّراً عن أسفه لوصولنا الى هذه المرحلة.

لا يتوقع صاحب المكتب أن تستمر الأمور على هذا الحال فور توقف الحرب، مشيراً عبر «الديار» الى أن الناس تخاف ولها الحق في ذلك، لكنها فور انتهاء الحرب لن تجد مشكلة بتأجير الجميع، ولكن أسعار الإيجارات من المتوقع أن ترتفع في ذلك الوقت رغم أنها اليوم مرتفعة أيضاً ، وبشروط صعبة تتضمن الدفع لأشهر مسبقة، وبدل تأمين وعدد أشخاص معينين.

نجحت «إسرائيل» الى حد ما بتخويف اللبنانيين من بعضهم البعض، ونجح بعض السياسيين باستثمار الحرب لتأجيج الصراع الداخلي، فهذا العدو يُدرك ويتحدث عن إغراق لبنان بحرب داخلية، ويُدرك أن حرب كهذه لا يمكن أن تبدأ سوى من الخلافات الطائفية، لذلك فالمسؤولية كبيرة على الجميع من قوى سياسية ومواطنين.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة