“عملاء، عملاء”: تهمة العمالة ترهيب للاعلاميين… من دون دليل
في الأزمات والتوترات الأمنية، يصبح إلصاق الاتهامات بالأشخاص “شغلة اللي ما الو شغلة”، فيكثر الحديث عن العثور على مندسين، عملاء وغيرهم، علماً أن هذه الاتهامات بمعظمها لا دليل عليها، يكفي أن يصرخ أحدهم في الشارع “عميل، عميل”، ومن دون التحقق من الأمر ينهال الآخرون عليه بالضرب قبل أن أن يتمكن الشخص المعتدى عليه من معرفة “شو هي تهمته”.
مع ارتفاع حدّة التوتر الأمني، أصبح كلّ شخص عرضة لهذه الإتهامات في حال قام بتصوير حدث معين على سبيل المثال، أو مكان. وحتى نكون أكثر وضوحاً فان بعض هذه التصرفات قد يبدو مريباً، إلاّ أن معالجة الأمر وتعريض حياة الأشخاص للخطر والموت هو موضوع آخر، خصوصاً أن من يتولى الأمر ليس جهات رسمية، ولا دليل قاطعاً، بل مجرّد اشتباه.
مساء أمس، انتشر خبر حول الاعتداء على فريق إعلامي بلجيكي أثناء قيامه بعمله في منطقة الباشورة، بوسط بيروت، وبحسب ما يقول شاهد عيان على الحادثة، لموقع “لبنان الكبير”، إنه كان على مقربة من المراسل والمصوّر اللذين تعرضا لاعتداء وحشي، حتى أن أحدهم أصيب بطلقة نار في قدمه، “وكان الشابان يقومان بعملهما مثل باقي الصحافيين، فتقدم منهما عدد من الشبان مدعين صفة أمنية وأخذوا منهما آلة التصوير، وقاموا بتفريغ محتواها”. ويضيف: بعد عشر دقائق، عادوا يصرخون “عملاء، عملاء”، وبدأوا بضربهم بطريقة وحشية، قبل أن يطلق أحدهم النار على واحد منهم وهو ممدد على الأرض، وعلى مرأى من الجميع، فلم يجرؤ أحد على التدخل كي لا يلقى مصيراً مماثلاً.
ووفق ما نشرته الوسيلة الاعلامية التي يعملان فيها تعليقاً على الاعتداء، “أراد روبن راماكيرز ومصوره، إعداد تقرير عن الاعتداءات الاسرائيلية، وما لبث أن انقلب الحشد ضدهما وتعرضا للضرب، موضحة أنه تم استجواب الصحافيين لعدة ساعات، واتهامهما بتسريب معلومات للجيش الاسرائيلي وتزويده بأهداف عسكرية مفصّلة.
المسؤول الاعلامي لـ “مؤسسة سمير قصير”، جاد شحرور، يشير لموقع “لبنان الكبير”، الى أن عدد الاعتداءات على الصحافيين بدأ يزداد منذ حوالي 6 أو 7 سنوات، وأبرزها، استعمال أسلوب التخوين، في حال قام الصحافي بكشف معطيات تهدد مصالح بعض الأحزاب أو الجهات الحاكمة.
وبحسب شحرور، فان معظم الناس يعتبر أن الكاميرا تشكل تهديداً له وتكشف ما يحاول التستر عليه.
أمّا في ما له علاقة بالصحافيين الأجانب والاعتداء عليهم، فيقول شحرور: “إن الدافع الأوّل لهذه الاعتداءات هو الشكل، فهم يبدون أجانب، وهذا الأمر يثير الريبة في الوقت الحالي عند الكثير من الأشخاص الذين يتصرفون وفق دوافع خاصة وشخصية، أو حتى دوافع حزبية، فيعتبرونهم دخلاء ويعملون ضد عقيدتهم أو توجهاتهم الشخصية”.
ويعزو شحرور التمادي في هذه الاعتداءات الى عدّة أسباب منها، عدم التحقيق في حوادث الاعتداءات وعدم محاسبة الجناة، ومن جهة أخرى، لا ثقافة حول دور الصحافي لذلك يتعاطى معه الناس كندّ لهم، علماً أنه الأقرب إليهم والوسيلة لنقل صوتهم.
وتزامناً مع الفيديو الذي انتشر حول تعرض أشخاص للإعتداء، وقبل معرفة طبيعة المشكلة والأشخاص المعتدى عليهم، تداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لشخص يزعمون أنه “عميل”، وانتشرت على نطاق واسع، ما عرّض حياته للخطر. وتداركاً للأمر، قام الشخص نفسه بتصوير مقطع مصوّر يشرح فيه أن لا علاقة له بكل ما اشيع، مؤكداً أنه مع المقاومة.
لبنان الكبير