ماذا فعل بنا يحيى السنوار؟

من المؤكّد أنّ يوم السابع من تشرين الأول الماضي كان يوماً استثنائيّاً في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي. شعرنا، فجأةً، بأنّ العدوّ تعرّض لضربةٍ هزّت صورته كجيشٍ لا يُقهر.

تحلّ، بعد ثلاثة أسابيع، ذكرى “طوفان الأقصى” التي كان القيادي في “حماس” يحيى السنوار في طليعة المخطّطين لها. قبل “طوفان الأقصى”، كانت غزة محاصَرة. بعدها باتت مدمّرة. قبلها كان الغزّاويّون يعيشون في ظلمٍ. مات منهم بعدها، حتى اليوم، حوالى أربعين ألفاً، وتهجّر عشرات الآلاف يعيشون في خيمٍ، في ظلّ حرٍّ شديدٍ صيفاً وبردٍ منتظر شتاءً. وإن عاد هؤلاء يوماً لن يجدوا منازلهم ولا مدارسهم ولا مستشفياتهم ولا ذكرياتهم…

وازداد عدد الأسرى الفلسطينيّين بالآلاف بعد العمليّة، ما يجعل أيّ عمليّة تفاوض لتحريرهم خاسرة. وازداد، بعد العمليّة، التأثير الإسرائيلي على الانتخابات الأميركيّة واستقبلت إسرائيل مساعدات بمئات ملايين الدولارات، وتحوّل رئيس حكومتها من شخصيّة مهدّدة بالسجن الى بطلٍ قومي.

ولأنّ عمليّة “طوفان الأقصى” انطلقت في غزة في السابع من تشرين الأول، كان قرارٌ إيرانيّ بإدخال لبنان في المواجهة كـ “جبهة إسناد” في الثامن منه. لن ندخل هنا في أحقيّة هذا التدخّل وجدواه. ولكن، ما يهمّنا أنّنا قبل تحوّلِنا الى جبهة، كنّا في انهيارٍ اقتصادي ولكنّنا خرجنا من موسمٍ سياحيٍّ جيّد، وكنّا ننتظر شهر أعياد جاء مخيّباً، ثمّ كان موسمٌ سياحيّ هذا العام دون الآمال بكثير، ناهيك عمّا عاناه لبنان كلّه، وخصوصاً أبناء الجنوب، موتاً ونزوحاً ودماراً…

لم نكن، في لبنان، في أحسن الأحوال قبل “طوفان الأقصى”، ولكنّنا بلغنا أسوأ الأحوال بعدها، ونخشى الأسوأ بعد في ظلّ غياب أيّ أفقٍ للحلّ، مع ارتفاع أصوات طبول الحرب، غاراتٍ واغتيالاتٍ وتفجيراتٍ وجدار صوت…

هذا ما جناه علينا يحيى السنوار، حين خاض مواجهة محقّة ولكنّها غير محسوبة النتائج، وأيّ تسويةٍ لها، لبنانيّاً وفلسطينيّاً، ستنقلنا الى واقعٍ أسوأ بكثير ممّا كنّا عليه قبل ٧ تشرين الأول الماضي.

هي إذاً، فلنعترف، عمليّة فاشلة ضربت العدو يوماً، ثمّ ردّ في أكثر من ٣٠٠ يوم. وإذا عدنا الى البيانات التي صدرت عن “حماس” و”كتائب القسّام”، في ٧ تشرين الأول والأيّام التي تبعته، لوجدنا أنّ الأهداف المعلنة للعمليّة فشلت كلّها، وباتت مستحيلة التحقيق.

حين ستنتهي هذه الحرب، ماذا سيقول السنوار ومن دعمه، خصوصاً في لبنان؟ هل سنُخوَّن، حينها، إن قارنّا بين ما كنّا عليه في ٦ تشرين الأول ٢٠٢٣ وما سنكون عليه في اليوم الثاني بعد الحرب؟ ثمّ من يعيد من استشهد، ومن يبني ما دُمّر، ومن سيرحمنا من طوفان الأزمات فوق رؤوسنا؟✔

داني حداد- ام تي في

مقالات ذات صلة