“مجزرة البايجر”: رشوة المصنع وخرق التصنيع
تعددت النظريات حول كيفية تفجير أجهزة النداء “البايجر” التي يستعملها عناصر “حزب الله” أمس.
وبينما تحدث البعض عن تسخين بطارية الليثيوم المزودة بها هذه الأجهزة حتى تنفجر، يبدو أن غالبية المحللين ترى أن تعرض سلسلة توريد الأجهزة القديمة للخرق هو الاحتمال المنطقي أكثر.
خبير الأمن السيبراني روبرت غراهام اعتبر في منشور على “اكس” أن “جعل البطاريات تفعل أي شيء أكثر من الاحتراق أمر صعب للغاية وغير معقول”.
وأشار الى أن “الأمر الأكثر ترجيحاً هو أن شخصاً ما رشى المصنع لزرع المتفجرات بالأجهزة”.
وفيما تكهن البعض أيضاً بأن إشارة إلكترونية تسببت في الانفجارات، قال الأدميرال المتقاعد والمدير التنفيذي لمفوضية “السايبر سبيس سولاريوم” مارك مونتغمري: “إذا كان هذا صحيحاً، فأنا أشك في أنه كان عيباً مادياً متعمداً تم تمكينه بواسطة الانترنت” أو إشارة تردد لاسلكي.
وقالت أستاذة الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة تورنتو ديبا كوندور إنها تشتبه في أن الأمر يتعلق بـ”نشر سلسلة التوريد”.
وأوضحت أنه في مثل هذا الهجوم، سيتسلل الجاني إلى سلسلة التوريد الأولية لجهاز النداء لتصنيع مكون أساسي بشحنة متفجرة مدمجة، من دون علم البائع النهائي.
وفي هذه الحالة يمكن للمكون المتفجر أن يظل في جهاز النداء لشهور أو سنوات قبل أن يتم تفجيره عند تلقي رسالة تؤدي إلى تشغيل الجزء المعدل.
لقد حلت الهواتف المحمولة محل أجهزة النداء في معظم أنحاء العالم، على الرغم من أن وسائل إعلام أميركية ذكرت مؤخراً أن الأطباء في المستشفيات في الولايات المتحدة ما زالوا يفضلون الرسائل المباشرة. كما تُستخدم أجهزة النداء بصورة روتينية في المرافق الطبية في لبنان.
ويستخدم عناصر “حزب الله” أجهزة منخفضة التقنية مثل أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكية لتجنب اعتراض اتصالاتهم من الاستخبارات الإسرائيلية، ويمكنهم إرسال رسائل مشفرة من دون الكشف عن موقعهم.
ويبدو أن كل المستويات في الحزب تستخدم هذا النوع من الأجهزة، بحيث تراوحت الإصابات بين عناصر ميدانية ومسؤولين أمنيين وسياسيين، وحتى السفير الإيراني مجتبى أماني أصيب بالتفجير.
وتعتبر الاستخبارات الاسرائيلية ماهرة في هندسة مثل هذه التخريبات السرية في حين لا تعترف أبداً بدورها.
ومن أشهر الهجمات التي شنتها إسرائيل هجوم ستوكسنت، الذي تم اكتشافه في عام 2010، وتضمن زرع شفرة حاسوبية دمرت ما يصل إلى 1000 جهاز طرد مركزي نووي في إيران من خلال جعلها تدور خارج نطاق السيطرة. واعتُبر هذا الهجوم على نطاق واسع جهداً مشتركاً بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي العام 1996، قُتل صانع القنابل في “حماس” يحيى عياش في مدينة غزة عندما انفجر هاتفه المحمول أثناء مكالمة هاتفية مع والده في الضفة الغربية. ويُعتقد أن جهاز الأمن الإسرائيلي “شين بيت” كان وراء عملية القتل.
وفي عام 2001، ألقي اللوم على إسرائيل في تفخيخ هاتف عمومي في وسط مدينة نابلس الفلسطينية، والذي انفجر عندما ذهب أسامة الجوابري، أحد أعضاء الجماعات الفلسطينية المسلحة، لاستخدامه.
لبنان الكبير