فشل كل الوساطات وسقوط كل المبادرات: هوكشتاين في “إسرائيل”… عودة على بدء
كما في الداخل كذلك على الحدود، تسير الجبهتان على خطين متوازيين من التصعيد، الذي يؤكد ان لا مخارج او حلول دون كسر توازنات القوى الحاكمة اليوم، والتي وحدها قادرة على اخراج الاستحقاقات من عنق زجاجة المواجهات. فاجتماع قصر الصنوبر حمل اقرارا من “الخماسية” بفشلها في احداث اي اختراق على جبهة الاستحقاق الرئاسي، نتيجة اصرار الاطراف بشكل غير مسبوق على مواقفها، واكبه اجواء اميركية غير مشجعة لما سينتج عن زيارة هوكشتاين، التي سبقتها رسالة اقليمية من الحوثيين، تماما كما حصل سابقا من رسائل “الهدهد”.
فعلى وقع معطيات عن قرار “اسرائيلي” بضرب حزب الله بقوة في قابل الايام، اجتمعت “اللجنة الخماسية” على مستوى السفراء المعتمدين في بيروت في قصر الصنوبر، حيث استمعت لشرح مستفيض من السفير المصري عن نتائج جولاته على عين التينة ومعراب وحارة حريك، والتي بينت ” ان الشرخ لا يزال نفسه ولم يبدّل اي من القوى السياسية موقفه من كيفية اجراء الاستحقاق”، على ما اشارت مصادر متابعة التي تشير الى ان السفير الفرنسي بدوره عرض تقريرا عن نتائج زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى الرياض، حيث تمت مناقشة مستفيضة لاكثر من صيغة وطرح، دون التوصل لحسم اي منها.
في غضون ذلك، ترصد الساحة المحلية مفاعيل زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى “تل ابيب”، حيث سيسعى الى تحقيق امرين: “لجم” اندفاعة “اسرائيل” نحو توسيع حربها على حزب الله من جهة، و”تمرير” مشروع تسوية ترسيم بري، توصل اليها نتيجة نقاشاته سابقا في بيروت، تؤدي الى “ربط نزاع” بين لبنان و”اسرائيل” كما حصل بحرا، وهو ما تستبعد اوساط اميركية امكان نجاحه، في ظل ضغط اليمين المتطرف لضرب حزب الله وابعاده بشكل واضح عن الحدود الشمالية.
ولعل اخطر ما في الامر:
– اولا : ان تصريحات المستويين السياسي والعسكري في “اسرائيل”، جاءت موحدة ونقطة تلاقٍ بين الموالاة والمعارضة.
– ثانيا: فشل كل الوساطات وسقوط المبادرات للتوصل لوقف لاطلاق على جبهة غزة، الذي يصر محور الممانعة عليه كمعبر الزامي لتجميد جبهات الاسناد.
– ثالثا: رفع حزب الله من وتيرة عملياته العسكرية كمًّا ونوعًا، ومضيفا عددا جديدا من المستوطنات إلى بنك أهدافه، ورافعا عدد الصواريخ المستخدمة، في إشارة واضحة إلى انتقاله عمليا من الإسناد إلى المواجهة المفتوحة على ما يبدو.
– رابعا: شروط “اسرائيل” غير القابلة للتنفيذ واقعيا وعسكريا، على الاقل فيما خص انسحاب حزب الله لما بعد الليطاني.
– خامسا: الضغط المتزايد للنازحين من مستوطنات الشمال وصولا الى الجليل، والتي تلاقت مطالبها مع خطاب “اليمين المتطرف” الذي يدعو إلى التصعيد ضد لبنان.
مصادر سياسية رأت ان زيارة هوكشتاين الى “اسرائيل” وبعدها الى بيروت في حال حصلت، هدفها كما زيارات كل الموفدين منذ بداية حرب غزة، ممارسة الضغوط ونقل رسائل الترغيب والترهيب، التي سقفها عدم تخطي الستاتيكو القائم حاليا، وسط اقرار جميع الاطراف بان الوضع باق على ما هو عليه حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لتبني الاطراف على نتيجتها مقتضاها.
من هنا، يبدو ان رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بحاجة إلى فتح ملف جديد لاستعادة المبادرة السياسية، متخطيا عقبة وجود غالانت في وزارة الدفاع، مدعوما من جزء من هيئة اركان جيشه، وحماسة مقبولة من قبل المستوى العسكري الاميركي، ما يؤشر الى ان المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا عسكريا وسياسيا ، متزامنا مع محاولات ديبلوماسية أميركية تحديدا، وفق السياسة التقليدية المتمثلة في “العصا الإسرائيلية والجزرة الأميركية”، بهدف “تليين” الموقف اللبناني ضمن المسار التصاعدي نحو الحرب، رغم تفضيل الجميع تحقيق نتائج دون الانزلاق إلى مغامرة عسكرية.
ميشال نصر- الديار