العمل جار على قدم وساق: سعي حثيث لقيام جبهة مسيحيّة واسعة
لطالما كان الهدف توحيد كلمة المسيحيين في الملفات المصيرية، التي من شأنها إزالة الاخطار المحدقة بلبنان، وهذا ما جهد اليه الافرقاء السياسيون، وبقي ذلك الهدف الاول للبطريرك الماروني بشارة الراعي على الرغم من صعوبته، إلا انه لم ييأس من مهمة بدت شبه مستحيلة على مدى عقود من الزمن، بفضل ما يجري من تناحر بينهم لا ينتهي، بحيث لا يزال سيّد بكركي يعمل على مواجهة تحديات كبرى في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مدرك تماماً لحجم هذه التحديات، لان الساحة المسيحية تنتظر توافقاً من قيادييها على القضايا الهامة، لكن الخلافات المتجذرة لم تساعد سيّد بكركي في مراحل عديدة على نجاح مهمته، وتأمين مناخ داخلي يتيح تأمين التوافق، بعدما تبيّن له أن الازمات المتتالية لها بُعد خطر داخل البيت المسيحي.
الى ذلك، تمنى الراعي على بعض القيادات التحضير لتلك المهمة، عبر مسؤولين من الصف الاول من مختلف الاحزاب المسيحية والشخصيات السياسية والمستقلة، وكل سياسي مؤمن بسيادة لبنان وحريته واستقلاله، بهدف تشكيل جبهة لتقول كلمتها الموحدة في الاستحقاقات الهامة، وضرورة التمسّك بالثوابت اللبنانية والمسلَّمات الوطنية، ومشروع الدولة القوية وتأييد الحياد، ويبدو ان هناك سعيا حثيثا لقيام هذه الجبهة وفق معلومات خاصة افادت بأنّ العمل جار خلف الكواليس وبعيداً عن الاعلام، لتأمين الحضور العريض المطلوب والمشاركة الفعلية، في ظل غياب الرئيس والمرؤوس في الجبهة المذكورة، لان الهدف إنقاذ لبنان وليس البحث عن الزعامة، انما حشد كل الطاقات المؤمنة بهذا الوطن ووجوده، ووضع خارطة طريق ستحوي مشروعاً متكاملاً، لمواجهة الاخطار التي تحدّق بلبنان، وكل التحديات التي تطوقه من كل حدب وصوب، في ظل ضعف الدولة وغياب رئيس الجمهورية.
وتشير المعلومات الى انه يجري التفاهم اولاً على اسم الرئيس، لتأمين حضوره الفاعل والقوي وعدم شرذمة صلاحياته، بل مواجهة السياسة الانقلابية، التي تستهدف الثوابت كالميثاقية والديموقراطية وإشراك الجميع في القرار، وإعطاء الأولوية لبناء الثقة بين كل مكونات الوطن، والعمل الحثيث على استرداد الوكالة من المنظومة التي دمّرت المؤسسات الدستورية، ومعالجة ملف النزوح السوري، وتنفيذ الاصلاحات السياسية والمؤسساتية والمالية والاقتصادية والى ما هنالك، وصولاً الى استعادة القرار السيادي، والتشديد على استقلالية القضاء، والتأكيد على ضرورة كشف ملابسات تفجير مرفأ بيروت وتحقيق العدالة.
الى ذلك، تنقل مصادر المشاركين في هذه الجبهة المرتقبة،” أنّ العمل جار على قدم وساق، لاننا لا نملك ترف الوقت، فالوطن يكاد يغيب عن الخارطة الدولية، والمطلوب التنازل عن المصالح الخاصة امام مصالح الوطن، والطرف الآخر مدعو لتحمّل مسؤولياته في هذا الاطار قبل وصول لبنان الى الطريق المقفل”.
وعن إمكان مشاركة “التيار الوطني الحر” في هذه الجبهة، اشارت المصادر المذكورة الى ان التيار ركن اساسي من هذه الساحة لذا نأمل مشاركتهم، لكن من الصعوبة ان ينضم التيار الى هذه الجبهة. فمواقف التيار غير واضحة سياسياً، لاننا نشهد تصريحات مغايرة كل يومين للنائب جبران باسيل، فتارة يهاجم المعارضة ويؤيد مواقف حلفائه السابقين وطوراً نرى العكس. فقبل فترة رفض شعار وحدة المصير والساحات، وانتقد فتح جبهة الجنوب تضامناً مع غزة بالقول “لسنا مرتبطين بمعاهدة دفاع مع غزة، ومَن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسماً من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والانتصار يكون للوطن وليس لقسم منه، والدخول في المواجهة قد لا يبعد الخطر بل يزيده”، وفجأة انقلب الموقف من مدة غير بعيدة لنسمع كلاماً مغايراً، وهذا التناقض شهدناه ايضاً بعد ساعات قليلة من خطاب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع حلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية، حين أيده باسيل في بعض بنوده داعياً الى الانفتاح على “القوات”.
صونيا رزق- الديار