المواجهة تقترب: الحرب الحتمية على لبنان مسألة وقت
تتصاعد طبول الحرب على لبنان بقوة في إسرائيل، حيث يلقي تعثر المفاوضات حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بظلاله على تطورات الجبهة الاسرائيلية – اللبنانية، مع تصاعد دعوات في إسرائيل الى شن هجوم واسع على لبنان، إذ ان كل الرهانات على امكان التوصل الى هدنة لوقف “المذبحة” الاسرائيلية سقطت أمام تمسك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بشروط جديدة ترفضها حركة “حماس”، بحيث يصر على استمرار احتلال ممر نتساريم، الذي يقسّم قطاع غزة إلى شمال وجنوب، ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، بينما تتمسك “حماس” بانسحاب كامل للجيش الاسرائيلي.
هذا الاستعصاء في ملف غزة يحتم على “حزب الله” المضي بإبقاء جبهة “الإسناد والمشاغلة” مشتعلة، على الرغم من التصعيد الخطير الذي بلغته، المصحوب بتهديدات يومية من مسؤولين إسرائيليين بضرورة شن حرب شاملة على لبنان لفرض ترتيبات أمنية، تمكن المستوطنين من العودة الى مستوطناتهم شمال إسرائيل، بحيث نقلت هيئة البث الاسرائيلية عن أقارب أسرى قولهم إن وزير الدفاع يوآف غالانت قال لهم: “الصفقة لم تتحرك، على الرغم من وجود اتفاق على 90% منها، إلا أن الوسطاء فشلوا في الوصول إلى حل بشأن 10%، فلا يوجد تقدم والأمور جامدة”. فـ”حزب الله” لا يمكنه التنازل عن السقف الذي حدده أمينه العام السيد حسن نصر الله في 10 تموز الماضي، بقوله: إن “حماس تفاوض عن نفسها وبالنيابة عن كل الفصائل الفلسطينية، وما تقبل به حماس نقبل به جميعاً”، مضيفاً: “إذا أرادت إسرائيل أن يتوقف إطلاق النار (عبر الحدود اللبنانية- الاسرائيلية)، يجب أولاَ أن يتوقف العدوان على غزة”.
ومع إنسداد آفاق الحل، كشفت “هيئة البث الاسرائيلية”، أن “الادارة الأميركية بدأت بلورة خطة بديلة لحل ديبلوماسي في الجبهة الشمالية، في ظل الطريق المسدود الذي آلت إليه المفاوضات مع حماس”. واستدركت: “لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا لنظرائهم الأميركيين إن إسرائيل لا يمكنها انتظار المزيد قبل أن تبدأ عملية عسكرية (في الشمال)، وليس واضحاً كم من الوقت يمكن الانتظار لحل ديبلوماسي”.
تزامناً، ذكرت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية أن “مسؤولين في القيادة الشمالية للجيش يقولون إنهم رصدوا استعدادات حزب الله لخوض قتال طويل الأمد مع إسرائيل، في حال انهيار المفاوضات بشأن غزة”. وتابعت: “وفق المسؤولين فإن الجماعة اللبنانية لم تحرك قواتها بعد نحو الحدود مع إسرائيل، ولكن من المتوقع أن يستمر حزب الله في مهاجمة إسرائيل من الشمال، طالما استمرت في عمليتها العسكرية بغزة”.
إزاء ذلك، يعتقد عدد متزايد من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين، وكذلك سياسيين ينتمون إلى الوسط، واليمين، واليمين المتطرّف، أن التوقيت ربما يكون مناسباً لتبني إسرائيل نهجاً هجومياً مع “حزب الله”، الذي حشد أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة، وأسلحة أخرى على امتداد الحدود الشمالية لاسرائيل. فيما يقول البعض إن الجيش يجب أن يشن “هجوماً استباقياً” في لبنان. وفي هذا السياق، قال أمير أفيفي نائب قائد فرقة غزة السابق في الجيش الاسرائيلي، ورئيس منتدى الأمن والدفاع الاسرائيلي، (وهو مركز أبحاث): “ثمة فرق كبير بشأن من يهاجم أولاً”، مضيفاً: “إسرائيل ستدمر 80 إلى 85٪ من قدرات حزب الله في هجوم استباقي”. وحذر من أن “حزب الله إذا هاجم أولاً، فسيكون ذلك مدمراً”.
وفي استطلاع رأي أجراه “المعهد الاسرائيلي للديموقراطية”، أعرب 67٪ من الاسرائيليين عن تأييدهم لنهج “أكثر عدائية” تجاه “حزب الله”، منهم 42٪ قالوا إنه ينبغي أن يشمل ضربات ضد البنية التحتية اللبنانية. وقال محللون أمنيون، إنه “مع احتمال سقوط خسائر بشرية في الجانب الاسرائيلي، سيعمل الجيش الاسرائيلي على إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن من خلال حملة جوية عقابية تستهدف الجماعة، التي تتواجد في القرى على طول الحدود الجنوبية، والبنية التحتية اللبنانية”. وأشار المحللون الى أن “من المحتمل أن تدمر إسرائيل القرى اللبنانية الواقعة بالقرب من إسرائيل، وربما تعيد احتلال جنوب لبنان، وتقيم منطقة عازلة جديدة”.
وكانت وسائل إعلامية غربية نقلت أن قيادة المنطقة الشمالية للجيش الاسرائيلي، وهي المسؤولة عن الدفاع عن الحدود مع لبنان “تضغط من أجل اتخاذ نهج أكثر عدائية ضد حزب الله، مما اتبعته إسرائيل خلال الحرب الحالية”. وكشفت عن مسؤولين من القيادة الشمالية عن خطط للقتال في لبنان تتضمن عدداً من درجات التصعيد المحتملة، كما تم تقديم خطط، تُجرى مراجعتها يومياً، إلى رئيس الأركان ومسؤولين حكوميين. بدوره قال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي، إثر تقييم مع أعضاء منتدى هيئة الأركان العامة إن “الجيش يستعد بقوة على الساحة الشمالية، وعلى أهبة الاستعداد ولديه خطط عملياتية جاهزة ومستعد لأداء كل مهمة سيكلف بها”. وطرح الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الاسرائيلي يعقوب عميدرور احتمال “ألا يكون أمام إسرائيل سوى خيار الذهاب الى مواجهة مباشرة”، مرجحاً أن يحدث هذا “إذا لم يستجب حزب الله للمطالب الأميركية، وأهمها عودة قواته إلى ما وراء نهر الليطاني (جنوبي لبنان)، وإذا استمر في نهجه الحالي الذي يمنع عودة سكان الشمال (الاسرائيلي) إلى منازلهم”.
وسط تصاعد طبول الحرب، يرى محللون اسرائيليون أن أمام إسرائيل خيارين، إما أن توافق على وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة الرهائن الاسرائيليين إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك يعني بقاء “حزب الله” على حاله، واستمرار “حماس” في المرحلة الراهنة في غزة، وإما وفي حال لم تتخذ الحكومة الاسرائيلية هذا القرار، يتعين عليها أن “تشن حرباً شاملة ضد حزب الله، بدلاً من الاستمرار في الوضع الراهن”. ويؤكد المحللون أن “الخيارين سيئان، ونحن بحاجة ببساطة إلى اختيار أحدهما”.
الاستراتيجية السائدة حالياً داخل الكيان الاسرائيلي باتت ترتكز على قاعدة “إن الحرب بين إسرائيل وحزب الله التي كانت تعتبر حتمية منذ فترة طويلة، باتت مسألة توقيت فقط”.
لبنان الكبير