إمّا اتفاق يمنع التصعيد وإما تصعيد يُؤدّي الى اتفاق: ماذا تفعل أميركا في لبنان؟

في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة الأميركية على منع توسع الصراع في الشرق الأوسط الى حرب شاملة، وتسعى فيه بالتواصل مع ايران بشكل مباشر وغير مباشر الى رسم حدود وخطوط حمر، كفيلة بعدم تحقيق هدف رئيس الحكومة “الاسرائيلية” بنيامين نتانياهو جرّ الجميع الى الحرب، أتت زيارة قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي مايكل إريك كوريلا إلى “إسرائيل” يوم الأحد الماضي، حيث أجرى تقييما للأوضاع في الشمال مع رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي هرتسي هاليفي.

ليس هذا الأمر جديداً بالطبع، فالأميركيون مشاركون بالحرب في المنطقة والعدوان على غزة منذ اليوم الأول، إنما كان لافتاً في هذا التوقيت الذي ترتفع فيه وتيرة التهديدات “الاسرائيلية” لعمل عسكري ما في لبنان، أن يزور كوريلا مقر قيادة المنطقة الشمالية في الجيش “الإسرائيلي” برفقة قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين، لإجراء تقييم مشترك للوضع على الجبهة الشمالية، وعرض الخطط العملياتية للجيش “الإسرائيلي” في لبنان، فكيف يمكن قراءة هذه الخطوة الاميركية في هذا التوقيت؟

بحسب مصادر سياسية فإنه حتى الساعة، لا يمكن الحديث عن دعم الولايات المتحدة لعملية عسكرية “إسرائيلية” في جنوب لبنان، لكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن واشنطن لن تتخلى عن “تل أبيب” في حال تطورت الأمور على هذا الصعيد، وبالتالي يمكن القول هنا أن أميركا تكرر موقفها المعروف مسبقاً، بأنها ستكون حاضرة إلى جانب “إسرائيل” دائماً.

في هذا السياق من الضروري، بحسب المصادر، التنبه إلى أن هذه الرسالة تأتي في وقت تتزايد فيه الدعوات داخل “إسرائيل” إلى شن عملية عسكرية ضد حزب الله، بغض النظر عن تهديدات المسؤولين، من أجل إستعادة الردع على هذه الجبهة، وتشدد المصادر على أن أميركا لا تزال على موقفها الرافض لتوسيع الحرب في المنطقة، ولكنها بالمقابل تعمل على خطين بما يتعلق بالجبهة اللبنانية: فإما اتفاق يمنع التصعيد، وإما تصعيد يبقى محصوراً في لبنان ويؤدي الى إتفاق.

لا تشجع واشنطن على الحرب، نظراً إلى أن المصلحة الأميركية الراهنة تبقى بعدم خروج الأمور عن السيطرة، خصوصاً في ظل إستمرار الرهان على الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، إنما بحال نجحت الولايات المتحدة الاميركية بفصل الجبهات نوعاً ما، وتحييد اللاعبين الاساسيين في المنطقة عن الحرب، فإنها قد لا تمانع حصول عملية عسكرية “اسرائيلية” في الجنوب اللبناني لعدة أيام، بشكل لا يؤدي الى حرب كبرى وهو ما ترفضه، ولا يؤدي الى تدخلها العسكري المباشر وهو ما لا تُريده، وتدفع بحسب وجهة نظرها حزب الله الى الجلوس على طاولة التفاوض وتقديم التنازلات، بما يُتيح “للاسرائيليين” الحديث عن تحقيق أهدافهم وإعادة مستوطنيهم الى منازلهم في الشمال.

هذه الفكرة لا يجب سحبها من عقول المسؤولين اللبنانيين، إذ لا أمان “لاسرائيل” وبالتأكيد لا أمان للأميركيين أيضاً، ولكن من الضروري معرفة رأي الاميركيين بالمواجهة الواسعة بين حزب الله و”اسرائيل”، فالأميركيون يعتبرون أن الحرب الواسعة ستكون مؤذية “لاسرائيل”، أما الحرب المحدودة أو العملية العسكرية المحدودة قد تكون حلاُ يُعيد الهدوء الى الجبهات.

بالمقابل، تؤكد المصادر أن المقاومة في لبنان تُدرك أن قرار التصعيد بيد أميركا، لكن قرار التوسع بعد التصعيد لن يكون بيدها، مشيرة الى أن المحور سيتصرف رداً على أي عملية عسكرية وفقاً لمصالحه، التي قد تكون بحصر الصراع وقد تكون بتوسيعه، إنما الأكيد أن القرار لن يكون بيد الأميركيين.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة