تعقيد الصراع في اليمن: “كيف يعمل الحزب لدعم الحوثيين”؟
تحت عنوان “دور حزب الله في دعم الحوثيين في اليمن” ينفرد “لبنان الكبير” بنشر تقرير حصل عليه من مصادر إيرانية معارضة يفند استراتيجية الحزب في مواجهة الشرعية اليمنية من جهة والعقوبات الدولية التي تخضع لها حركة “أنصار الله” من جهة أخرى. ويكشف التقرير كيف أن “حزب الله” اللبناني، بصفته حليفاً وثيقاً لإيران، يلعب دوراً محورياً في دعم جماعة الحوثيين في اليمن بحيث يستفيد من خبراته القتالية والعسكرية والتنظيمية في لبنان لتدريب القوات الحوثية. وتجرى هذه التدريبات في كل من اليمن ولبنان وتشمل تقنيات قتالية متقدمة، واستخدام الأسلحة المعقدة، والتكتيكات العسكرية. كما يساعد “حزب الله” في نقل الأسلحة الايرانية إلى الحوثيين ويقدم المشورة التكتيكية في تخطيط العمليات العسكرية. ويلعب الحرس الثوري الإيراني، خصوصاً “فيلق القدس” التابع له، دوراً رئيساً في تنسيق هذا الدعم. ويقول مصدر إيراني معارض لـ “لبنان الكبير”: “لقد طوروا استراتيجية بحرية لإنشاء وحدات بحرية بالوكالة في دول مثل اليمن، بهدف زيادة النفوذ الايراني وخلق تهديد للأمن البحري في المنطقة. وتشمل مشاركة حزب الله جوانب عدة من الدعم العسكري واللوجيستي، ما يساهم بصورة كبيرة في تعزيز قدرات الحوثيين وهو ما يؤدي إلى تعقيد الصراع في اليمن”.
نقل الأسلحة
يساعد “حزب الله” بصورة فاعلة في نقل الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين. وتشمل هذه العملية تنسيق مسارات النقل عبر الطرق البحرية والبرية، وتسهيل مرور شحنات الأسلحة من خلال شبكات التهريب المعقدة، ويستخدم خبرته في تجنب الرصد والاعتراض الدولي. ويتم تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر وباب المندب، بحيث تستخدم قوارب صغيرة وسفن شحن لتجنب الكشف. كما تستخدم طرق برية عبر دول مجاورة مثل عُمان على الرغم من نفيها هذه الادعاءات.
التدريب العسكري
يقدم “حزب الله” تدريبات عسكرية مكثفة للمقاتلين الحوثيين، وتشمل دورات تدريبية في اليمن ولبنان، وتعليم تقنيات القتال المتقدمة، والتدريب على استخدام الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ والطائرات من دون طيار. ويتم تدريب الحوثيين على تكتيكات حرب العصابات وتقنيات الكمائن، بالاضافة إلى التدريب على استخدام الأسلحة الثقيلة والمدفعية. هذه التدريبات تهدف إلى تحسين كفاءة المقاتلين الحوثيين وزيادة قدراتهم على مواجهة القوات النظامية والتحالفات الدولية.
الاستشارات التكتيكية
يقدم خبراء “حزب الله” مشورة استراتيجية للحوثيين في مجالات تخطيط العمليات العسكرية، ووضع استراتيجيات حرب العصابات، وتكتيكات مواجهة القوات النظامية والتحالفات الدولية. تشمل هذه الاستشارات تقديم نصائح حول كيفية تنفيذ الهجمات على الأهداف العسكرية والمدنية، واستخدام التضاريس المحلية التي يتميز بها اليمن لصالحهم والإفادة منها. كما تقدم استشارات حول كيفية إدارة العمليات اللوجيستية وتأمين خطوط الإمداد.
الدعم التقني
يوفر “حزب الله” مساعدة تقنية متخصصة للحوثيين، تشمل تشغيل وصيانة المعدات المتطورة مثل أنظمة الصواريخ، وتقديم الخبرة في مجال الطائرات من دون طيار وتقنيات الاستطلاع. ويتم تقديم الدعم في مجال الاتصالات، بما في ذلك إنشاء شبكات اتصالات آمنة واستخدام تقنيات التشفير. كما يقدم الدعم في مجال الحرب الالكترونية، بما في ذلك التشويش على اتصالات العدو (المفترض) واختراق شبكاتهم.
إنشاء شبكات لوجيستية
يساعد “حزب الله” الحوثيين في إنشاء شبكات لوجيستية فاعلة لتسلم الأسلحة وتوزيعها، وتطوير طرق سرية لنقل المعدات والأفراد، وإنشاء مخابئ ومستودعات آمنة للسلاح والذخيرة. ويتم استخدام هذه الشبكات لضمان تدفق مستمر للإمدادات العسكرية واللوجيستية، ما يعزز قدرة الحوثيين على الاستمرار في القتال لفترات طويلة، وتشمل هذه الشبكات استخدام طرق تهريب غير تقليدية وتجنب النقاط الأمنية.
التهرب من العقوبات
يستخدم “حزب الله” خبراته في مساعدة الحوثيين على إيجاد طرق لتلقي الأسلحة والتمويل على الرغم من العقوبات الدولية، وتطوير أساليب لإخفاء مصادر التمويل والدعم، وإنشاء شبكات مالية بديلة لتسهيل التحويلات المالية. ويتم استخدام شركات وهمية وحسابات مصرفية سرية لتحويل الأموال، بالاضافة إلى استخدام العملات الرقمية المشفرة لتجنب الرصد، كما تستخدم شبكات تهريب لتمويل العمليات العسكرية.
الآثار الاقليمية والمحلية
من الواضح أن للتعاون الوثيق بين “حزب الله” والحوثيين تداعيات إقليمية واسعة، بحيث يساهم في تعزيز النفوذ الايراني في المنطقة، ويزيد من تعقيد الصراع في اليمن ويصعّب جهود السلام، ويرفع من مستوى التوتر مع دول الخليج، خصوصاً المملكة العربية السعودية. كما يشكل تهديداً للملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، ما يؤدي إلى تصعيد النزاع ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية التي يرزح تحت ركامها اليمنيون.
الموقف الدولي
أدان المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة ودول الخليج هذا الدعم. وبذلت جهود حثيثة لاعتراض شحنات الأسلحة ومواجهة التهديدات البحرية المتزايدة. كما وثقت تقارير الأمم المتحدة انتهاكات إيران لقرارات مجلس الأمن، وفرضت عقوبات إضافية على الأفراد والكيانات المتورطة في تهريب الأسلحة، وتم تعزيز التعاون الدولي لمراقبة ومنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين. ولكن ما هو متعارف عليه ديبلوماسياً هو أن الإدانة تقتصر على فعل الرفض وعدم التأييد وحسب، ليبقى الموقف حبراً على ورق الخطابات الدولية.
إذاً تكشف التقارير والوثائق خطورة الدعم الايراني للحوثيين في اليمن، سواء عبر الحرس الثوري الإيراني أو “حزب الله” اللبناني، على استقرار المنطقة وأمنها البحري. هذا الدعم، الذي يشمل الأسلحة المتطورة والتدريب العسكري والدعم اللوجيستي، أطال أمد الصراع وفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن تعزيز القدرات البحرية للحوثيين يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، ما يؤثر على التجارة العالمية وأمن الطاقة. من هنا يتعين على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لوقف تدفق الأسلحة إلى الحوثيين وفرض عقوبات أشد على الجهات المتورطة. في هذا السياق يقول مصدر إيراني معارض لـ”لبنان الكبير”: “إن دعم الحركات الديموقراطية في إيران، بما فيها وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة كبديل ديموقراطي، يساهم في الضغط على النظام لتغيير سياساته الاقليمية، إذ إن تحقيق الاستقرار الاقليمي يتطلب نهجاً شاملاً يجمع بين الجهود الديبلوماسية والاقتصادية والأمنية، مع تعزيز قدرات الدول المجاورة على حماية أمنها وسيادتها. إن مواجهة هذه التحديات تتجاوز التصدي للتهديدات العسكرية لتشمل معالجة الأسباب الجذرية للصراعات في المنطقة والسعي إلى تنمية مستدامة وشاملة لجميع شعوبها”.
عاصم عبد الرحمن- لبنان الكبير