طفح الكيل مع إسرائيل: قمّة استثنائية في الأيام المقبلة في السعودية
لا شيء سوى الاستعصاء السياسي والتصعيد العسكري، هو الذي قدّمه الإسرائيليون في مواجهة كل الطروحات لوقف إطلاق النار في غزة ومنع توسع الحرب. ما أظهرته الحكومة الإسرائيلية بمنهجيتها العسكرية في غزة، وبمحاولات فتح معارك متتالية في الضفة الغربية، هو استراتيجية توسعية، عبّر عنها الإسرائيليون في القطاع من خلال دعواتهم إلى تهجير الفلسطينيين، أو إعادة بناء المستوطنات، وكذلك في الضفة الغربية، من خلال العمليات الأمنية والعسكرية والتضييق على الفلسطينيين، حيث يحاول الإسرئيليون اتخاذ ذريعة من أي عملية عسكرية أو أمنية ضدهم للمضي قدماَ في المواجهة والمهاجمة، ولا سيما مهاجمة مصر والأردن.
خط تضامن
اختصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المشهد وملامحه، وما يجري البحث حوله بين عدد من القوى والدول، وقال أردوغان خلال فعالية لجمعية للمدارس الإسلامية بالقرب من إسطنبول: “الخطوة الوحيدة التي ستوقف الغطرسة والبلطجة الإسرائيلية والإرهاب الحكومي الإسرائيلي هي تحالف الدول الإسلامية”. وأضاف أن الخطوات التي اتخذتها تركيا في الآونة الأخيرة لتحسين علاقاتها مع مصر وسوريا تهدف إلى “تشكيل خط تضامن ضد التهديد التوسعي المتزايد”، والذي قال إنه “يهدد أيضاً لبنان وسوريا”.
عملياً، قدّم أردوغان مطالعة واضحة حول الرؤية الإستراتيجية الإسرائيلية، لا سيما أن موضوع التوسع الإسرائيلي الأمني أو العسكري كان قد تجلّى في سوريا منذ سنوات، من خلال رفع معادلة “انسحاب القوات الإيرانية لمسافة 40 كلم عن الحدود”. وهو ما عاد وتكرر تجاه جنوب لبنان من خلال الدعوة إلى خلق منطقة عازلة تمتد لمسافة 10 كلم. وينفّذ الإسرائيليون عملية تدميرية لكل مقومات الحياة داخل حدود هذه المسافة.
كل هذه السياسة الإسرائيلية المترابطة من غزة إلى الضفة فلبنان وسوريا، يبدو الهدف منها ضرب أي طرح سياسي أو حلول ديبلوماسية خصوصاً أن تل أبيب عملت على إجهاض كل محاولات وقف إطلاق النار.
إسرائيل الكبرى
بعد عملية معبر الكرامة، عند الحدود الأردنية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل “محاطة بأيديولوجيا قاتلة يقودها محور الشرّ الإيراني”. وبذلك يكون نتنياهو قد شمل كل هذه الجبهات أو الساحات مع بعضها البعض، إلى جانب مشروعه الأساسي في تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، ومن الضفة إلى الأردن، ضمن مسعى إعادة إحياء مفهوم “إسرائيل الكبرى” أو المتوسعة.
كذلك، شكّل هجوم نتنياهو المباشر على مصر وتحميلها مسؤولية تهريب السلاح إلى حركة حماس عبر محور فيلاديلفيا مساراً جديداً للتضامن مع مصر، من خلال بيانات متعددة صدرت عن دول عربية وإسلامية. وترافق ذلك، مع اتصالات بين مسؤولين من الدول العربية والإسلامية. وهو ما أوضحه كلام أردوغان حيّال السعي لخلق مسار جدّي بين دول عربية وإسلامية، واتخاذ موقف موحد ضد المشروع الإسرائيلي.
قمة استثنائية
وفي هذا السياق، تكشف مصادر ديبلوماسية متابعة، عن حصول تواصل بين تركيا، مصر، السعودية، إيران وقطر من أجل عقد مؤتمر قمّة استثنائية للدول العربية والإسلامية خلال الأيام المقبلة في السعودية.
كان العمل على بلورة هذا المسار قد بدأ قبل فترة بزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى أنقرة، ولقائه بنظيره التركي هاكان فيدان. كذلك تعزز المسار خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، بالإضافة إلى تعزيز التواصل بين الرياض، الدوحة، طهران، أنقرة والقاهرة، من أجل إنجاح هذه القمة الاستثنائية، والخروج بثوابت واضحة، أهمها إظهار موقف مواجه للمشروع الإسرائيلي.
ذلك لا ينفصل عن ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حول الاتفاق بين السعودية والولايات المتحدة، والذي يتضمن تطبيعاً سعودياً إسرائيلياً. معتبراً أن إسرائيل ترفض أي صيغة اتفاق تنص على حلّ الدولتين، وترفض الاعتراف بدولة فلسطينية. وبالتالي، لا يمكن أن يكون هناك اتفاق بين الجانبين. وذلك يستدعي إعادة إنتاج قوة مواجهة للإسرائيليين من قبل قوى عربية وإسلامية.
في هذا السياق، تلعب قطراً دوراً أساسياً، انطلاقاً من علاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية كدولة حليف من خارج الناتو، بالإضافة إلى علاقاتها الجيدة مع كل من السعودية، مصر وتركيا، في إطار بلورة رؤية سياسية جامعة بين كل هذه القوى، والتقريب في وجهات النظر فيما بينها، والسعي لانتزاع موقف أميركي داعم لمقررات القمّة، التي ستركز على وجوب وقف إطلاق النار في غزة، ووقف الاعتداءات في الضفة الغربية، والانتقال إلى مرحلة البحث السياسي عن حلّ للقضية الفلسطينية.
منير الربيع- المدن