“بَلعَطة”سياسيّة قبل التّسوية وتعبيد الطريق مجدّداً نحو معراب: باسيل “يُطبّل” لجعجع… وبري منزعج!
في ماراتون الوصول إلى قصر بعبدا يحاول النائب جبران باسيل تصفير المشاكل مع الجميع وآخر الأهداف… غريمه المسيحي والسياسي الأوّل سمير جعجع. يبدو أنّ الخضّة الداخلية التي يشهدها التيار الوطني الحرّ، والمفتوحة على الكثير من الاحتمالات، إضافة إلى خشية نائب البترون من حدوث تسوية رئاسية لا يكون الرقم المقرّر فيها، من العوامل التي تدفعه إلى المزيد من التبدّلات السياسية غير المعهودة، بما في ذلك تعبيد الطريق مجدّداً نحو معراب أو أقلّه كسر الحواجز، وللمفارقة يحدث ذلك في ظلّ موقفه الداعي إلى “حصول انتخاب للرئيس من دون القوات إذا استمرّت على موقفها المتعنّت حيال آليّة التشاور”.
غداة خطاب جعجع في ذكرى شهداء “القوات اللبنانية” وربطاً بالمواقف التي أطلقها رئيس القوات وزبدتها أنّ رئاسة الجمهورية لا تمرّ في عين التينة بل ساحة النجمة (البرلمان)، جاهرت قناة “إن بي إن” المحسوبة على الرئيس نبيه بري بالقول إنّ “معراب لن يكون لها محلّ من الإعراب عندما ترفض الحوار بالملفّ الرئاسي”، مع العلم أنّ بري لا يزال حتى الآن يَربط حصول الحوار أو التشاور بوجود ممثّلين عن القوات!
أمّا السقف الأعلى فعبّر عنه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي خاطب جعجع قائلاً: “لم يكن ينقص خطابك سوى أن تكون على دبّابة إسرائيلية”، حاملاً على “لبنان الميليشيات والمقاطعات”.
باسيل يُكبّر “فشخته”
لكنّ باسيل، الذي كبّر أخيراً “فشخته” باتّجاه برّي محاولاً إرساء تفاهمات سياسية مع عين التينة عبر قلب صفحة الخصومة الشرسة التي توُّجت باتّهام باسيل الرئيس بري بـ “تدمير” عهد ميشال عون، ارتأى غير ذلك.
البيان الصادر عن “التيّار” الذي خُصّص لخطاب جعجع فقط “تلقّى بإيجابية التطوّر في الموقف الذي أبداه رئيس القوات”، ورأى فيه “تلاقياً مع مواقف التيّار الانفتاحية، وتماشياً، في ما يخصّ رئاسة الجمهورية، مع ما استطعنا التوافق بخصوصه مع معظم الكتل النيابية”، طالباً من القوات “التساهل حول بعض الشكليّات البسيطة”.
برّي منزعج
تجزم مصادر في التيّار الوطني الحرّ لـ “أساس” أنّ “هذا التناقض بين التيّار وحركة أمل في قراءة موقف جعجع مشروع بحكم موقع كلّ طرف في الظرف الراهن. لكنّ دعوة النائب باسيل لم تتغيّر حيال ضرورة مشاركة الكتل السياسية الأساسية في مسار الخروج من النفق وأوّله التوافق على انتخاب الرئيس. جميعنا لدينا أسماء ولتُطرح على الطاولة بالتزامن مع إعادة تنشيط الحراك الخارجي المتعدّد الأوجه حول الملفّ الرئاسي”، مشدّدة على أنّ “هناك لمعات إيجابية في حديث جعجع يمكن البناء عليها”.
فيما لاقت مواقف التيار حيال خطاب جعجع انزعاجاً في أوساط الرئيس بري وتسليماً بالتخبّط الذي يعيشه “التيّار” راهناً فإنّ حركة زوّار باسيل لا تزال تُسجّل نشاطاً ملحوظاً لبعض قيادات حركة أمل، كما تمّ وضع “الثنائي الشيعي” في أجواء الزيارة الخاطفة التي قام بها باسيل للخارج حيث التقى الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني.
تعكس هذه الجزئية من التموضعات “الهشّة” والمرتبكة جانباً من التخبّط السياسي الذي يسود الداخل. لكن أخيراً برز ما قد يُشكّل تقاطعاً آخر بين باسيل وحركة أمل لجهة تبنّي الطرفين لمعادلة: “انتخاب الرئيس يحلّ أزمة كربجة التعيينات الأمنية والعسكرية والمالية والإدارية”. هذا الواقع وصفه النائب علي حسن خليل قبل أيام بـ “المشاكل البنيوية الكبيرة. فالإدارة اليوم في أسوأ حالاتها من المؤسّسة العسكرية والمؤسسّات الأمنيّة إلى القضاء والشغور في وظائف الفئة الأولى ومصرف لبنان… هذا الخلل القائم على الصعيد المؤسّساتي والدستوري ينعكس بشكل كبير على الواقع الإداري”.
هنا تقول مصادر مطّلعة لـ “أساس” أنّه للمرّة الأولى يتمّ تظهير الربط الوثيق من جانب القريبين من برّي بين الفراغ الرئاسي وحالة المؤسّسة العسكرية في عزّ حالة شبه الحرب التي يعيشها لبنان ومع اقتراب استحقاق نهاية ولاية التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون.
تؤكّد المصادر عينها أنّ احتمال حلّ عقدة قيادة الجيش من خلال تحريك المياه الرئاسية الراكدة شكّل محور اجتماعات عدّة أخيراً بين باسيل وشخصيات قريبة من الرئيس بري الذي يتجنّب أمام جميع زوّاره الإدلاء بأيّ موقف مسبق من التمديد المحتمل الثاني لقائد الجيش.
ملاك عقيل- اساس