التسوية المنتظرة ستأتي بعد نار حامية…وحامية جداً”: ماذا بعد رد “الحزب”؟

وفي أربعين الامام الحسين أطلق “حزب الله” ما أسماه “أربعينية” الرد على اغتيال أحد أهم كوادره المؤسسين القائد العسكري الكبير فؤاد شكر، واستناداً الى الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله فقد جاء الرد مركزاً واستهدف بصورة رئيسية منشأة عسكرية في “ضاحية” تل أبيب، مؤكّداً أن الرد انتهى عند هذا الحد “إلا إذا”، داعياً اللبنانيين للعودة إلى الحياة الطبيعية، لكن “إلا إذا” هي التي لا تزال تقلق اللبنانيين وتمنعهم من العيش طبيعياً.

وبعد انتهاء السيد من إلقاء كلمته بدأت التحليلات و”الأقاويل” المتعلقة بالرد تتوالى بين مؤيد ومنتقد، ففي حين اعتبر مؤيدو الحزب أنه حقق اختراقاً في الجبهة مع العدو الصهيوني يشبه بمفاعيله اختراق “طوفان الأقصى”، بحيث أن الصواريخ التي أشغلت القبة الحديدية سمحت للمسيرات الانقضاضية بالوصول إلى هدفها في “ضاحية” تل أبيب مستهدفة قاعدة “غليلوت”، رأى المنتقدون أن هذا الرد لم يكن بالحجم المتوقع والذي كان ينتظر أن “يزلزل” الكيان الصهيوني.

ويقول مصدر مؤيد للمقاومة إن ما يجب أخذه في الاعتبار أولاً هو أن “سيد المقاومة” حريص على عدم إدخال لبنان في ما لا قدرة له على تحمله، وهو اختار الرد بدقة شديدة، واضعاً المصلحة الوطنية اللبنانية في المقام الأول بحيث لا يتعرض لبنان نتيجة للرد إلى حرب ستكون نتائجها مدمرة له، على الرغم من أن الدمار الذي سيصيب الكيان الصهيوني سيكون مماثلاً.

ويشدّد المصدر في حديثه إلى موقع “لبنان الكبير” على أن “ما أنجزته المقاومة في ردها أنها أولاً وفت بالوعد الذي قطعته بالرد على اغتيال القائد فؤاد شكر، واستغرقت طيلة هذه الفترة لدراسة الهدف الذي يجب اختياره بحيث يشكّل رسالة للعدو الصهيوني بأن جميع مناطقه مكشوفه أمام سلاح المقاومة، والأهم من ذلك كله، أن الرد لن يستوجب ما يقال عنها الحرب الواسعة وهذا ما أثبته العدو الصهيوني الذي لم يعد خافياً على أحد عدم قدرته على أخذ الجيش الاسرائيلي إلى حرب واسعة”.

لكن هذا المنطق لا يتناسب مع نظرة مصدر معارض، سخر من الطريقة التي ردّ بها “حزب الله” على الاعتداء الذي طاوله في قلب الضاحية، معتبراً أن خطاب السيد نصر الله كان لتبرير الانتظار الطويل الذي سبق الرد والذي تسبب في خسارة لبنان لموسمه السياحي ناهيك عن الأضرار “العصبية” والمعنوية التي أصابت اللبنانيين.

ويقول المصدر المعارض لموقع “لبنان الكبير”: “كنا قد وضعنا يدنا على قلوبنا لاعتقادنا أن خسارة حزب الله بالحجم الذي مني به باغتيال أحد أهم كوادره المؤسسين، سيزلزل إسرائيل وسيجلب على لبنان ويلات لا قدرة لنا على تحملها، وإذ بالرد يأتي على شكل مسرحية شبيهة بالرد الايراني في نيسان الماضي الذي كان منسقاً مع الأميركيين بصورة فاضحة”.

ويوضح أن “الحزب يزعم أنه أطلق أكثر من 320 صاروخاً ومسيرة على إسرائيل، لكن الواقع يؤكد أن نوعية الصواريخ التي أطلقها هي من الجيل القديم أي أنها لن تحدث ضرراً كبيراً حتى لو أًصابت أهدافها، في حين يزعم السيد حسن أن المسيرات قطعت ما يزيد على 110 كيلومترات عن الحدود اللبنانية، فهل يستطيع أن يأتينا ببرهان أنها وصلت إلى الهدف الذي اختاره؟”.

أما عن الحديث بأن الحزب أخذ في الحسبان المصلحة الوطنية العليا، فيقول: “كان عليه الأخذ بالمصلحة الوطنية العليا عندما اختار أن يفتح جبهة إٍسناد غزة من دون أن يتشاور مع اللبنانيين ليعلم على الأقل إذا كان ذلك من مصلحتهم، والدمار الذي أصاب كامل الشريط الحدودي، فهل هذا خارج المصلحة الوطنية العليا؟”.

لكن المصدر المؤيد للمقاومة يشدّد على أن من الطبيعي أن يستمر الفريق المعارض في استهجان ما تقوم به المقاومة، حتى “لو أضاءت أصابعها العشرة”، وهذا المنطق لا يستقيم مع واقع الأمر.

ويسأل: “هل بإمكان أحد أن ينكر أنه لو كان بقدرة العدو الصهيوني أن يشن حرباً على لبنان لفعلها، ولماذا ينتظر، ولماذا يستنجد بحاميه الأول والرئيس الولايات المتحدة فترسل له حاملات الطائرات والغواصات وأحدث ما تملكه من طائرات حربية ومن ثم يعلن على لسان رئيس حكومته أن ما زعم أنه غارات استباقية ضد مواقع حزب الله حققت أهدافها وأن الأمر بالنسبة اليه انتهى هنا؟”.

ويستفيض بالشرح قائلاً: “لو قدرت المقاومة على فرض توازن الرعب على العدو، لكان حديثنا اليوم يتم تحت ظل الاحتلال إذاً لكان الاسرائيلي اجتاح لبنان من جنوبه إلى شماله، لكن المقاومة التي أثبتت له أنها أصبحت أقوى مما كانت عليه في أي يوم من الأيام، تجعله يقف على رجل ونصف ولا يجرؤ على القيام بمغامرة غير محسوبة النتائج”.

وفي جميع الأحوال، يبقى السؤال الأهم بالنسبة الى الفريقين: ماذا بعد الرد؟

يعتبر المصدر المعارض أن الخطر لا يزال قائماً، والدليل أن العدو الاسرائيلي مستمر في قصف المناطق الجنوبية، وطائراته لا تزال تخرق الأجواء وتشن الغارات كما يحلو لها، فأي اطمئنان يريد السيد نصر الله أن يقنعنا بأن نعيشه؟

أما المصدر المؤيد للمقاومة، فيقول: “إن الحرب لم تقف بين الحزب والعدو الصهيوني، وطالما أن وقف إطلاق النار لم يحدث في غزة، فإن الجبهة الجنوبية ستظل في كر وفر، والأمر يتوقف على مصير المفاوضات وعلى الموقف الحقيقي للولايات المتحدة، فإذا كانت جادة في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، سيكون ذلك بداية عودة الاستقرار إلى الجنوب، وفي حال كانت نواياها عكس ما تعلنه، وهذا هو الأرجح، فإن التسوية المنتظرة لن تأتي على البارد بل ستكون بعد نار حامية، وحامية جداً”.

صلاح تقي الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة