الأنظار موجهة إلى المؤسسة العسكرية: الجيش يستعد للانتشار جنوباً؟… وزارة الدفاع “ما معها خبر”

‏في 11 آب 2006 أصدر مجلس الأمن الدولي بالاجماع قراراً يهدف إلى حل النزاع اللبناني الاسرائيلي، وافقت الحكومة اللبنانية عليه بالاجماع، وكذلك صوّتت الحكومة الاسرائيلية لصالحه، ‏ويوم الاثنين 14 آب عند الساعة 8:00 صباحاً تم وقف إطلاق النار وبدأ العمل بتنفيذ القرار الذي ينص في أحد بنوده على تسهيل دخول ١٥ ألف عنصر من القوات المسلحة اللبنانية وانتشارها جنوب الليطاني وتزويدها بكل التجهيزات العسكرية واللوجيستية لتتمكن من القيام بمهامها مع طلب مساعدة قوات إضافية لقوة الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان “يونيفيل”.

اليوم وبعد ١٨ عاماً على صدور هذا القرار، عود على بدء …

ففي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية بأشرس معركة ديبلوماسية للعودة إلى هذا القرار وطلب تطبيق بنوده والتمديد لقوات الطوارئ بالاتفاقية نفسها عديداً وصلاحيات، بدأ الحديث الجدي عن انتشار ١٥ ألف جندي من الجيش اللبناني على طول الحدود اللبنانية. كيف سيرفع الجيش عديده ومن سيغطي كلفة الانتشار؟ وهل الخطة قابلة للتنفيذ؟

في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي عقدت بتاريخ 14 الجاري أعطى مجلس الوزراء في قرار حمل الرقم ٤٧/ ٢٠٢٤ موافقة مبدئية على تطويع 1500 عنصر لصالح الجيش اللبناني سنداً لاقتراح قدمه الرئيس نجيب ميقاتي الذي تحدث فيه عن ازدياد الضغوط الدولية وتزايد عدد زيارات الموفدين الدوليين المطالبة بتنفيذ التزامات لبنان الدولية لا سيما منها المتعلقة بالتطبيق الكامل للقرار 1701 بمندرجاته كافة. ويتبين للرئيس ميقاتي في الاقتراح أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية قد أرخت بظلالها أيضاً على المؤسسة العسكرية التي فقدت عدداً لا يستهان به من عديدها ما انعكس سلباً على جهوزية المؤسسة العملانية واضطرارها منذ العام 2014 إلى التخفيف من وجودها في المناطق الجنوبية لمواجهة التحديات الأخرى المستجدة في حينه، ليتبين للرئيس ميقاتي وبعد التواصل مع قيادة الجيش، أنه وفي ظل تطور الأحداث في غزة وتدهور الوضع في الجنوب وإمكان الدخول في حرب مفتوحة، قامت المؤسسة بوضع خطة لتعزيز قدرات الجيش ووحداته المنتشرة في الجنوب بمساعدة المواطنين على العودة إلى قراهم ودعم نشاطات إصلاح البنية الحيوية، ومؤازرة مختلف أجهزة الدولة عند تنفيذها للمهام المطلوبة منها، وزيادة التنسيق والتعاون مع قوات “اليونيفيل” لتطبيق القرار 1701.

وتقوم الخطة على تطويع ٦ آلاف جندي لصالح الوحدات المنتشرة في الجنوب على خمس مراحل:

المرحلة صفر: ‏وهي المرحلة الحالية التي ترتكز فيها الجهود على تحسين الخطط، تعزيز التنسيق مع الجهات المانحة لتأمين التمويل واستكمال الاستعدادات اللوجيستية والادارية لاستدعاء المتطوعين الجدد.

‏المرحلة الأولى: تبدأ بعد الحصول على الموافقة السياسية وتقوم على استدعاء أول دفعة من المتطوعين وعددهم 2000 جندي، تجهيزهم وتدريبهم بالتوازي مع بدء استقبال الأعتدة والتجهيزات من الدول المانحة وبدء استقبال طلبات التطويع للدفعة الثانية.

المرحلة الثانية: وتنطلق بعد إلحاق الدفعة الأولى من المتطوعين Pulao بالوحدات المنتشرة في الجنوب وتضم الخطوات نفسها المتبعة في المرحلة الأولى.

‏المرحلة الثالثة: وتبدأ بعد إلحاق الدفعة الثانية من المتطوعين بالوحدات المنتشرة في الجنوب وتقوم على الخطوات نفسها المتبعة في المرحلة الثانية.

‏المرحلة الرابعة: وهي مرحلة التقييم لما تم تنفيذه، تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف ووضع الخطة المستقبلية لاستدراك الحاجات واستكمال القدرات لتحقيق الغاية المرجوة للخطة.

‏وقرر المجلس السير بالمرحلة الأولى من خطة قيادة الجيش على أن يصار إلى السير بالاجراءات اللازمة بحسب الأصول بالتنسيق بين وزارتي الدفاع الوطني والمالية.

مصادر وزارة الدفاع أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن وزير الدفاع موريس سليم، لم يطلع لا من قريب ولا من بعيد على هذه الخطة. وقالت: “ان الرئيس ميقاتي ينتهك الطائف والدستور يومياً، وينتهك صلاحيات وزير الدفاع بصورة متكررة، وهذه أكبر جريمة ترتكب حالياً، إذ تتم الموافقة داخل مجلس الوزراء على خطة تتعلق بالمؤسسة العسكرية من دون أن يكون وزير الدفاع قد اطلع عليها أو أتت عبره، ‏وهذه مخالفة من رئيس الحكومة وقائد الجيش معاً، أيعقل أن يتسلم مجلس الوزراء الخطة من قائد الجيش مباشرة؟ أين الوزير وأين سلطته السياسية؟ ‏الخطة لم تعرض عليه ولم يطلع عليها وهذا انتهاك للدستور، والاقتراح يجب أن يأتي من وزير الدفاع الذي وبحسب صلاحياته هو من يرفع الخطة إلى مجلس الوزراء، وليس بالاتفاق بين رئيس الحكومة وقائد الجيش. هذا التصرف هو بذهنية اجتياح الدستور واختراق لقانون وزارة الدفاع، ‏وفي كل مرة يخطو وزير الدفاع خطوة باتجاه رئيس الحكومة ويبدي له نية بالتعاون والتنسيق يفاجأ بتجاوز جديد لصلاحياته”.

وأضافت المصادر: “هذه المرة لن يسكت وزير الدفاع، هذا تخطٍ آخر بعد تعيين رئيس الأركان وأصبح هناك الكثير من التراكمات، والأمر يحتاج إلى معالجة جذرية وتصحيح، وما حصل سيكون سبباً لمشكلة كبرى. كان يجب أن تناقش الخطة أولاً مع وزير الدفاع، وكل من يحترم الدستور والقانون لا يمكن له أن يقول غير ذلك ونقطة على السطر”.

مصدر أمني رفيع أكد لموقع “لبنان الكبير” أن عديد الجيش حالياً من دون الاداريين خلف الليطاني يبلغ ٤٧٠٠ عسكري وضابط، موزعين بين اللواء الخامس واللواء السابع وفوج التدخل الخامس، ومع الاداريين يرتفع العدد إلى حوالي ٥٠٠٠، وتخفيض الوجود أصلاً خلفيته سياسية، إذ يجب أن يكون من الأساس ١٥ ألفاً بحسب الاتفاق، والجيش لديه العديد الكافي، على الرغم من كل الظروف التي حصلت خلال الأعوام القليلة الماضية، وما تطلبه حالياً الدول المانحة هو رفع العدد إلى حدود ١٢ إلى ١٥ ألف عنصر، للانتشار على طول الحدود، وسألت عن الأكلاف المادية لزوم زيادة هذا العديد، فكان الجواب من القيادة العسكرية أن المبلغ المطلوب لتطويع ٦٠٠٠ عسكري جديد هو ٩٠٠ مليون دولار (تجهيز وتدريب وتسليح…)، علماً أن عديد الجيش حالياً يتراوح بين ٧٥ و٨٠ ألفاً حالياً، وتم تعليل السبب في طلب التطويع أن الجيش اللبناني يقوم بمهام القوى الأمنية في الداخل، وخصوصاً في المناطق الحساسة.

وسأل المصدر: لماذا لا يتم تخفيف أعداد المرافقين للضباط الكبار وعددهم بالآلاف؟ وهذا الأمر استوقف الدول المانحة، إذ تبين أن أحد أعضاء المجلس العسكري لديه ٣٧ مرافقاً قبل أن يتم تخفيض العدد إلى ٢٤ تنفيذاً لقرار رئيس الحكومة، ثم ان الأوان آن لإلغاء البرقية المنقولة ٣٠٠٠ التي صدرت عن مجلس الوزراء عام ١٩٩٢ولا يزال يعمل بها حتى الآن، وهي تأخذ من مهامه الأساسية في الدفاع عن الوطن وتشغله داخل المدن بمهام يجب أن تكون منوطة بالقوى الأمنية.

حتى الآن لم تجب الدول المانحة على طلب الهبة لتطويع العدد المطلوب وتجهيزه وفرزه على القطع المنتشرة، وفي المعلومات أنها طلبت (خصوصاً الولايات المتحدة وفرنسا) مهام واسعة للقوات المسلحة على طول الحدود بالتنسيق مع قوات الطوارئ، تطبيقاً للقرار ١٧٠١، من هنا طرح السؤال: هل ما تطلبه هو إقامة حرس حدود، ولصالح من؟ فالحكومة وحدها من يحدد مهام القوات المسلحة والجيش اللبناني ينفذ قرارت السلطة التنفيذية، واستراتيجية الدولة في الدفاع عن الحدود والمهمة واضحة: الدفاع عن الحدود اللبنانية والوطن ضد أخطار الخارج، والقوة الشرعية تأخذ الأوامر من السلطة اللبنانية وليس من أي بلد آخر.

على أي حال فإن ساعة الصفر للتنفيذ تبدأ في اليوم التالي بعد وقف جبهة الإسناد المرتبطة بغزة، وستكون كل الأنظار موجهة إلى المؤسسة العسكرية ومهامها واتفاقية الحدود التي لن تلبس لبوس إلا القرار ١٧٠١.

ليندا مشلب- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة