“مؤرخ” اسرائيلي دفع حياته ثمناً لدخول قلعة شمع…في محاولة لتزوير التاريخ!
اجتاح الجيش الاسرائيلي بلدة شمع الجنوبية، وتدور المعارك في محيطها، وتتعرض لقصف من الجانبين بحيث تضرب اسرائيل أطرافها بينما يقصف “حزب الله” قواتها داخل البلدة، وتم تداول مقاطع فيديو لتفجير الجيش مقام النبي “شمعون الصفا” المدفون فيها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقتحم فيها اسرائيل شمع وتحاول السيطرة عليها والتثبيت في داخلها، فخلال اجتياح عام 1978 احتلتها، واستمرت في السيطرة عليها حتى التحرير عام 2000، إلا أنها دمرتها في حرب تموز 2006، كون البلدة وقلعتها تشكلان موقعاً استراتيجياً للعمليات العسكرية.
ولكن ما أثار الاستغراب هو دخول مؤرخ اسرائيلي إلى قلعة البلدة، وقد عُرف بأمره بعد مقتله في كمين لـ”حزب الله” كان يستهدف القوات الاسرائيلية، فما كان هدفه من هذا العمل؟
وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد المرتضى أشار في تصريحات صحافية إلى أن “المستوطن إيرليخ المسمّى زوراً مؤرخاً دخل بلدة شمع حاملاً سلاحه ومرافقاً لقائد فرقة من جولاني كان قد استجلبه ليقوم بتصويره داخل مقام النبي شمعون، ولكي يقوم وإياه بعملية مسرحية مفادها أن هذا المقام تراث إسرائيلي وأن الأرض القائم عليها هي أرض إسرائيلية”.
وأوضح أن “الغاية المعلنة من دخول هذا الجندي المزور إلى مقام النبي شمعون وهي البحث عن أدلة تاريخية مرتبطة بأرض إسرائيل، تؤكد مرة أخرى الطبيعة التوسعية العدوانية لهذا الكيان الذي لن يكتفي باحتلال فلسطين أرضاً وتاريخاً وتراثاً، بل هو ساعٍ أيضاً إلى احتلال لبنان أرضاً وتاريخاً وتراثاً”.
وفي بحث تاريخي، يتبين أن تاريخ قلعة شمع يعود إلى القرن 12 ميلادي، حين بناها الصليبيون موقعاً محصناً يشرف على طريق القدس، ثم احتلها المماليك في القرن 13 ميلادي، وغابت أهميتها العسكرية، وبقيت طي النسيان حتى القرن 18 ميلادي، حين أصبحت من أملاك آل الصغير، حكام منطقة جبل عامل في ذلك الوقت، الذين أعادوا استخدامها موقعاً عسكرياً وسكنياً. وخضعت القلعة لعملية “ترميم” ضخمة بحيث صار معظم أجزائها ظاهراً للعيان.
كانت أبنية القلعة مقسمة إلى 4 أجزاء: الحصن، المعصرة، القرية ومقام النبي “شمعون الصفا”.
وشكل “الحصن” مركز الجذب الأكبر لزائري القلعة، بحيث يتألف من 3 طبقات، الطبقة السفلية كانت اسطبلاً، والثانية كانت مخزناً للمؤن، والثالثة للسكن، وتمتد أقبية الحصن أمتاراً عدة، ما أضفى جمالاً هندسياً على المكان.
ويحمل هذا المبنى تسمية الحصن لأنه مبني داخل أسوار المدينة وفي الجهة الأكثر استراتيجية: الجزء الشمالي الذي يشرف على السهل المحيط بمدينة صور وعلى الطريق الساحلية المؤدية الى فلسطين.
جغرافية القلعة الاستراتيجية كانت السبب في اتخاذها موقعاً عسكرياً من الاسرائيليين منذ اجتياحهم الأول للجنوب في العام 1978، إلا أنهم تسببوا في تشويه بنائها.
وفي العام 1990 أزالوا البوابة الرئيسية للقلعة لتسهيل دخول آلياتهم العسكرية إليها، بالاضافة إلى أنها كانت تتعرض للقصف الدائم من فصائل المقاومة بسبب وجود الاسرائيليين فيها، عدا عن القصف المدفعي المضاد من داخلها.
وعلى الرغم من ذلك بقيت القلعة متماسكة إلى حد ما لدى عودتها إلى عهدة المديرية العامة للآثار إثر التحرير في العام 2000.
وتعرضت القلعة لدمار كبير في حرب تموز 2006، وأعيد ترميم جزء بسيط منها، إلا أنها بحاجة الى الكثير من أعمال الترميم لتستعيد مجدها.
اليوم تدور المعارك في بلدة شمع ومحيط القلعة، ويقول رئيس بلدية البلدة عبد القادر صفي الدين لموقع “لبنان الكبير” ان القرية معرّضة منذ العام 1975، متحدثاً عن تاريخها حين بناها الصليبيون وأعاد إعمارها آل الصغير، والقلعة مع البلدة تشكل موقعاً استراتيجياً مهماً ما جعلها هدفاً للغزاة ومنهم الاسرائيليون، الذين بقوا فيها من 1978، حتى التحرير عام 2000، وقد تعرضت لدمار كبير في حرب تموز 2006، ورصد لها بعد الحرب في مؤتمر ستوكهولم 900 ألف يورو، إلا أنها لا تكفي لترميم القلعة، التي تحتاج الى ما بين 5 إلى 6 ملايين يورو، وقد تم ترميم جزء بسيط منها فقط.
وأكد صفي الدين أن مقام النبي شمعون هو من أكثر مقامات الأنبياء التي تستقبل زواراً، كونه أحد تلامذة المسيح.
ولم يجد أحد أي صلة للمقام أو القلعة بالتراث اليهودي، ما يؤكد نظرية محاولة تزوير التاريخ، وهو أمر يدعو الى القلق كأن هناك نية بتهويد مناطق في جنوب لبنان كما حصل في فلسطين.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير