«فاتورةَ» الردّ سُددتْ»: بعد المواجهة “المدوْزنة”…«التقاطِ أنفاس» واستراحة ما بين عاصفتين؟
غداة «الساعات القتالية» الأعنف بين «حزب الله» وإسرائيل على مقلبيْ الحدود والتي حملتْ، عملياً، قَفْلاً لـ «حسابِ» الردّ على اغتيال القائد الكبير في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، ساد لبنان مناخٌ مزدوجٌ من «التقاطِ الأنفاس» وتَحَسُّبٍ لموجاتِ تصعيدٍ أخرى، وإن عَكَسَ حرصُ طرفيْ المواجهة المفتوحة منذ 8 اكتوبر على إدارةٍ محسوبة لـ«مشهدية 25 اغسطس» محاذرتهما القفزَ في قلب الهاويةِ من دون أي «مظلات أمان» بإمكان الخروج منها «قِطْعة واحدة».
ورغم الدلالات البارزة لمرور عمليتيْ «يوم الأربعين» و«سلام تل أبيب» بأضرار «مدروسة» أحصى الطرفان تحت غبارها «إنجازاتٍ» طبّلتْ لها اسرائيل التي بدت مزهوّةَ بنتائج الضربة الاستباقية التي نفّذتْها والأهداف المزعومة التي أصابتْها، وأخرى هلّل لها «حزب الله» الذي «عَبَر» بين الأساطيل الأميركية وتهديدات تل أبيب لتنفيذ «وَعْد الانتقام» ولو بتراجعاتٍ عن «السقف الأوّلي» الذي كان رُسم ومعادلات الردع المبدئية (الضاحية مقابل تل أبيب)، فإن «تنفيسَ» الفالق الذي كان يَشي بـ «زلزلة» وشيكة لجبهة الجنوب لم يكن كافياً للاطمئنان إلى أنها خرجتْ من «المنطقة الحمراء».
وفي حين كان يسود تل أبيب جوٌّ بأن «فاتورةَ» الردّ على اغتيال شكر «سُددتْ»، وسط إيحاءاتٍ بأنّ «عائد» الضربة الاستباقية الواسعة في جنوب لبنان يستظله بنيامين نتنياهو لبعض المرونة في ما خص نقاطاً عالقة في المفاوضات حول هدنة غزة التي انتهتْ جولتها (الأحد) بلا توافق ولكن أحداً لم يعلن أنها بلغت الحائط المسدود، فإنّ هذا الأمر لم يهدئ كلياً المَخاوفَ مما سيكون على جبهة الجنوب في ضوء وقوعها بين «مطرقة» رَبْطٍ مُحْكَمٍ لها (من حزب الله) بحربِ القطاع و«سندان» تَمَسُّك تل ابيب بـ «فصل مسارات» التهدئة ما لم يكن الأمر في إطار تَفاهُم على ترتيباتٍ أمنية لـ«اليوم التالي» لبنانياً مازال البابُ أمامَها موصداً بـ «قِفْل» مقتضيات «وحدة الساحات» وعدم بلوغ أرضية مشتركة حول الآليات التنفيذية للقرار 1701 بوصْفه الناظم الأممي لهذه الجبهة.
وراقبت بيروت باهتمام بالغ أمس مساريْن متوازيين:
– الأول موجة جديدة من «الحرب النفسية» على جبهة «المحور الإيراني» – تل ابيب مع توعُّد الحوثيين ومجموعات عراقية موالية لإيران باقتراب الردّ على اسرائيل (على غارة ميناء الحديدة واستهداف الضاحية وطهران)، بالتوازي مع تأكيد وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي «ان ردّنا على إسرائيل (على اغتيال اسماعيل هنية) سيكون حاسماً ومحسوباً ودقيقاً وإيران لا تسعى لتصعيد التوتّر لكنّها لا تهابه»، وكلام رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري «أننا لن نقع في فخ الاستفزاز الإعلامي الذي يمارسه العدو»، والقرارات بشأن الانتقام للشهيد هنية نتخذها بشكل مستقل، ومحور المقاومة كما رأينا الأحد سيتحرك بشكل منفرد ومستقل».
ورغم أن هذا المسار بدا مربوطاً برفْع الضغوط على نتنياهو للسير بمفاوضات هدنة غزة الشائكة وتخفيف شروطه، فإنّ«فتيلَ الردّ»، وإن هذه المرة من ساحات «المحور» الأخرى (وتحديداً اليمن والعراق باعتبار أن تريث طهران مرشّح للتمديد) يشي باستمرار إقامة لبنان والمنطقة فوق الصفيح الساخن القابل للانفجار بأي سوء تقدير أو قرار تفجيري كبير.
– والثاني تقارير إعلامية في اسرائيل رجّحت أن يشن الجيش الإسرائيلي «هجوماً استباقياً» آخَر ضد حزب الله هذا الأسبوع، بالتوازي مع ما نُقل عن مصادر في الجيش الاسرائيلي من «ان الهجوم الاستباقي ضد حزب الله لم يغيّر الواقع ولا يمكن إعادة سكان الشمال لبيوتهم».
والأخطر ما كشفته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن محادثة متوتّرة جرت (الاسبوع الماضي) بين نتنياهو وعائلات الرهائن لدى حماس كما الأسرى الذين أُفرج عنهم، وعن أنه سُمع في تسجيل صوتي وهو يحاول إقناع هؤلاء بأن هجوم السابع من أكتوبر أقل حجماً بكثير من المحرقة لأنه «خلال الهولوكوست، ارتكبوا هجوم السابع من أكتوبر 4500 مرة يومياً».
وبدا نتنياهو في المقطع الذي بثته القناة الـ12 الأحد، انه كان يحاول إقناع الحاضرين بضرورة التركيز على دفاع إسرائيل عن نفسها في مواجهة إيران و”حزب الله”، أكثر من التوصل إلى صفقة للإفراج عن الرهائن. وقال لعائلات الرهائن: «أريد أن أخبركم بما أنا مشغول به. أنا أتعامل مع منْع تدمير هذا البلد»، وصولاً لسخريته ممن يعتقدون أن التوصل لاتفاق سيحل مشكلات إسرائيل، وأضاف: «إيران تخطط لإبادتنا، وحزب الله يخطط لإبادتنا، إنهم في حلقة حولنا، ونحن نقول إننا لن نذهب مثل الخراف إلى المسلخ».
ويؤشر كلامُ نتنياهو بحسب أوساط سياسية في بيروت إلى أن تجاوز «قطوع» الردّ من «حزب الله»، لا يعني بأي حال انتهاء العاصفة، وسط خشية من أن يكون الأمر أقرب إلى استراحة «بين العاصفتين»، متوقفة في هذا الإطار عند أن اسرائيل لم توقف «حرب جدار الصوت»الذي كّررت خرقه أمس في أجواء بيروت، بالتوازي مع مضيّها في استهدافات لقرى وبلدات جنوبية وعودتها بالضربات الى مدينة صيدا حيث حاولت اغتيال أحد مسؤولي«حماس»فيما اكتفى «حزب الله» نهاراً بعملية واحدة ضد موقع راميا، وأعلن الجيش الاسرائيلي «إسقاط مسيّرة شرق بحيرة طبريا تسلّلت من سورية».
وجاءت الضربة في عاصمة الجنوب عبر مسيّرة استهدفت بعد الظهر سيارة على طريق حارة صيدا – عبرا، في ظل تضارُب المعلومات حول المستهدَف ومصيره.
وفيما أفادت وسائل إعلام لبنانية أن القيادي في«حماس» نضال حليحل هو الذي استُهدف بصاروخين أثناء مغادرته منزله وتوجّهه الى سيارته وأنه أصيب إصابة بالغة في قدميه، قال المسؤول الإعلامي في حركة «حماس» وليد كيلاني إن عملية الاغتيال في مدينة صيدا باءت بالفشل، مشيراً إلى أن المركبة التي تم استهدفها تعود لكادر في إحدى التنظيمات الفلسطينية«ولم يُصب بأيّ أذى».
الراي الكويتية