إسرائيل والحزب: روايتان للردّ “الأول”.. وتنبؤ بموعد الرد “الثاني”!
السيناريو المفجر للحرب الشاملة لم يحدث
ثمة ثلاث رسائل استندت الرواية الإسرائيلية إليها بخصوص موقعة “المرحلة الأولى” لرد حزب الله على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والذي تمثل بإطلاق عشرات الصواريخ والمسيّرات الهجومية على مواقع إسرائيلية فجر الأحد.
تمثلت الرسالة الدعائية الأولى بالترويج لـ”نجاح” الجيش الإسرائيلي في صد هجوم “قاسٍ” لحزب الله، و”احتوائه” بدرجة كبيرة. في حين، استعرضت الرسالة الثانية عضلات إسرائيل الاستخباراتية، عبر الزعم أنها علمت “مسبقاً” بخطة حزب الله الهجومية، و”أحبطتها” بهجوم استباقي على آلاف المنصات المعدة لإطلاق صواريخ، إضافة إلى اعتراض مسيّرات مفخخة.
أما الرسالة الثالثة، فهي التأكيد، ضمناً وصراحة، أن تل أبيب لا تريد حرباً شاملة في هذه المرحلة، وأن قصفها الاستباقي هو “دفاعي.. لصد رد حزب الله، وإزالة خطر كبير”.
المعلومة الأمنية الخارقة
وحول مفاخرة إسرائيل بامتلاكها “المعلومة الأمنية الخارقة”، لم يحسم الإعلام العبري الإجابة على سؤاله عن كيفية حصولها على “معلومات دقيقة بشأن نية حزب الله شن عملية مغايِرة لهجماته السابقة خلال القتال المستمر منذ نحو 10 أشهر؟”، بينما أكدت معطيات أخرى أن جيش الاحتلال قام بهجومه بعد ملاحظته “أنشطة غير اعتيادية” جنوب لبنان، كتحريك ونصب منصات صواريخ.. علماً أن الإعلام العبري أشار سابقاً إلى أن معظم القصف الإسرائيلي في الأيام الأخيرة كان “استباقياً أساساً”، للسيطرة على رد الحزب المنتظر!
إعلانان متزامنان.. وسؤالان
لكن ما لفت مذيع التغطية لمجريات الحدث في إذاعة “مكان”، هو أن الطرفين، أي إسرائيل وحزب الله، أعلنا بشكل متزامن عن انتهاء المرحلة الأولى الخاصة بهما.. بمعنى، أعلن الحزب انتهاء المرحلة الأول لرده، وفي الوقت نفسه سارعت تل أبيب إلى إعلان انتهاء المرحلة الأولى لهجومها الاستباقي.
وسأل المذيع محللين استضافهم عن دلالات هذه التزامنية، فأجمعوا على أن إعلانهما المتزامن دليل على عدم رغبتهما بالانجرار إلى حرب واسعة.
رغم ذلك، بقي سؤالان شاغلين للإعلام العبري، حتى بعد انتهاء جولة الرد الأول لحزب الله، وهما: “ماذا حدث؟”، و”أين نحن الآن؟”.
تقييم النتائج
هنا، قال المراسل العسكري لهيئة البث العبرية الرسمية، إيال عاليما، إن ما يمكن استخلاصه في هذه المرحلة، أن حزب الله وإسرائيل يقيّمان نتائج الحدث. وأقر عاليما أن الرواية الإسرائيلية مختلفة تماماً عن رواية حزب الله بشأن ما حدث، سياقاً ورقماً.
وأضاف المراسل العسكري أن هجوم إسرائيل “الاستباقي” بدأ عند الرابعة والنصف، أي قبل نصف ساعة من التوقيت الذي حدده حزب الله لشن هجومه الواسع ضد أهداف استراتيجية في شمال ووسط فلسطين المحتلة.
ووفق الدعاية العبرية، فإن الهجوم الاستباقي تقرر بعد حصول الاستخبارات الإسرائيلية على معلومات “دقيقة” بشأن خطة حزب الله للرد، وساعة الصفر لتنفيذه، بينما نوه حزب الله إلى أنه نجح في تضليل الاحتلال بمسألة الصواريخ؛ من أجل إنجاح وصول مسيّراته “الانقضاضية” إلى أهدافها المتمثلة بمواقع استراتيجية في العمق الإسرائيلي.
“لا خطأ تسبب بحرب”
وبغض النظر عن ماهية الروايتين ونتيجة الحدث، فإن ما يمكن الجزم به، هو أنه تم تجاوز “الخطأ” الذي خشي منه الجميع، أي لم ينتج عنه عدد كبير من القتلى الإسرائيليين، وهو السيناريو المفجر للحرب الشاملة، لو حدث.
بيدَ أن القراءات الإسرائيلية بالرغم من تأكيدها انتهاء التطورات في هذه المرحلة، إلا أنها اعتبرت أن الساعات والأيام المقبلة هي المعيار الوحيد لقياس وجهة الجبهة الشمالية، وأنه لا أحد يعلم “إلى أين نحن ذاهبون؟!”.
بكل الأحوال، تؤكد الإشارات الصادرة عن الجيش، حسب مراسل “مكان” العسكري، أنه لا يرغب بتوسيع العملية، كما استبعد المراسل أن يكون حزب الله قد استنفد قدراته للرد، مؤكداً أن لدى الحزب قدرات كبيرة، بل وأكبر مما استُخدم، وأنه هو الآخر لا يريد حرباً واسعة.
ورأت تحليلات إسرائيلية أن كل طرف امتلك رواية للنزول عن الشجرة، وأن الاتجاه هو نحو احتواء التطورات، وإن اعتبرت الساعات المقبلة، وكيفية ردود حزب الله خلالها، بمثابة المقياس لمآلات الأمور.
وتابعت، أن إسرائيل وحزب الله ليسا اللاعبين الوحيدين بالساحة، وأن تل أبيب أبلغت أميركا، قبل وبعد هجومها الاستباقي على جنوبي لبنان، بأنه يندرج فقط في إطار “الصد والدفاع.. لا التسبب بحرب شاملة”.
جاهزية الجيش
مع ذلك، أكد الجيش الإسرائيلي استمرار جاهزيته لكافة السيناريوهات؛ لأن حكاية الرد لم تنتهِ بعد، رغم أن مراسلين عسكريين أفادوا بأن الجيش امتنع حتى الآن عن تغيير معاييره تجاه لبنان، خلافاً لتهديداته بتغييرها. إذ بقيت الجبهة المركزية في قطاع غزة، والشمال ما زال “جبهة بالمرتبة الثانية”.. وهو ما دفع هؤلاء المراسلين إلى الاستنتاج بأن هذا يشكل دليلاً آخر على مساعٍ إسرائيلية لاحتواء التطورات؛ منعاً للحرب الشاملة “الآن”. كما أشار صحافيون إسرائيليون إلى مسؤولين كبار في تل أبيب، بأن واشنطن طلبت من إسرائيل تجنب أساليب تتسبب بفقدان السيطرة، وتؤدي إلى حرب واسعة.
وتحدثت وسائل الاعلام نفسها عن أن تحشيد القوات الأميركية في المنطقة على نحو لم يسبق له مثيل، هدفه تحذير جميع الأطراف، وكبح الحرب الواسعة. وربما يرتبط ذلك بأن كل طرف لا يريد أن تكون الحرب الشاملة بتوقيت “العدو”، وإنما بتوقيته هو، ويبدو أن هذا دافعاً آخر لتأجيل الحرب الكبيرة!
تنبؤ بموعد الرد “الثاني”!
ولم يفت الإعلام العبري الانتقال إلى التنبؤ بموعد المرحلة الثانية لرد حزب الله، مبيناً أنه قد يكون في اليوم الأربعين لتأبين فؤاد شكر، وأنه سيكون له “معنى” بالرد الإيراني أيضاً.
في غضون ذلك، لم تنتهِ حالة التأهب في إسرائيل، إذ باشرت بعد رد حزب الله إلى إعلان جبهتها الداخلية عن “حالة خاصة مؤقتة”، وهي دون مستوى “الطوارئ الشاملة”، حيث تتضمن تقييداً لحركة الإسرائيليين، بينها وضع معايير للتجمهر، بحيث يصل العدد إلى 300 شخص كحد أعلى داخل المباني، وإلى 30 شخص فقط في المناطق المفتوحة.
ادهم مناصرة- المدن