صراعات باسيل ونواب “التيار” تتوالى بعد الخطوة “التطهيرية”: استقالات بجبيل وتخوّف من خلافات “متنية”!
تحويل "التيار" إلى حزب مقفل وقائم على شخص باسيل فحسب
ما زالت المشاكل الداخلية في “التيار الوطني الحر” تتوالى فصولاً. ويعيش “التيار البرتقالي” على إيقاع فصل النائبين الياس بو صعب وآلان عون واستقالة النائب سيمون أبي رميا، التي دفعت العديد من العونيين إلى الاستقالة من الحزب. فالنواب المناهضون لرئيس التيار النائب جبران باسيل يسعون لتأجيج أزمة “التيار” من ناحية، فيما يحاول باسيل التقليل من تداعيات الخطوة “التطهيرية” التي لجأ إليها بطرد كل المناوئين له، من ناحية ثانية.
استقالات كثيرة في جبيل
آخر فصول الصراع بين باسيل والنواب تمثلت في شائعات سرت مساء أمس الأربعاء بأن النائب الجبيلي المستقيل سيمون أبي رميا سينظم عشاء مساء اليوم الخميس (رداً على العشاء الذي حضره باسيل متكلماً منذ أيام في جبيل) حيث سيعلن فيه قياديون، وعلى رأسهم عضو المجلس السياسي بالتيار مروان ملحمة، استقالتهم. إضافة إلى استقالة منتسبين ومسؤولي بلدات.
مصادر قيادية نفت لـ”المدن” تنظيم أبي رميا هذا العشاء من الأصل، ووضعت الأمور بنصابها، مؤكدة أن استقالة ملحمة، جاهزة منذ طرد آلان عون. فهذا القيادي المنتخب من القاعدة الحزبية (في المكتب السياسي للتيار أعضاء منتخبون من القاعدة وآخرون يعنيهم باسيل)، أبلغ رغبته بالاستقالة احتجاجاً على ما وصلت إليه الأمور في التيار بظل قيادة باسيل. وحاول باسيل التوسط معه لتهدئة الأمور في الوقت الحالي، من خلال أحد الوسطاء، أو تأجيل الاستقالة إلى مرحلة لاحقة. لكنه شرح للوسطاء حيثيات موقفه.
وشرحت المصادر أن الاستقالات من “التيار” كثيرة في جبيل وتختلف بحسب كل قرية. فالبعض أرسل الاستقالة إلى هيئة القضاء، والبعض الآخر اكتفى بإعلانها على وسائل التواصل. ويصل عدد البطاقات الحزبية في جبيل إلى نحو 3560 بطاقة. وفي بعض القرى يصل عدد المنتسبين إلى أكثر من مئتين عضو. وأبرز القرى التي حصلت فيها استقالات سواء من أعضاء أو من منسقي القرية، هي إهمج وميفوق والعاقورة وقرطبا. أما المعتكفون من العمل الحزبي فهم كثر. ومنذ أشهر تعمل هيئة القضاء على التأكد من المنتسبين، وإذا كانوا يرغبون بتجديد الانتساب. وأدى هذا الأمر إلى إشكاليات مع المناصرين الذين امتعضوا من هذه التصرفات.
مظلومية “الالتزام الحزبي”
وتضيف المصادر أن العشاء “الجبيلي” الذي حضره باسيل، هدفه لملمة تداعيات استقالة أبي رميا، في ظل الاستقالات الجماعية. لكنه خصص الجزء الوفير منه لعرض مظلوميته وبأن خياراته أتت نتيجة وجود مؤامرة لـ”فرط” التيار من داخله. وأعاد باسيل التشديد على الالتزام بقرارات الحزب، وأنه لا يجوز للنائب أن يكون له أي رأي مختلف عن “القيادة”. فقد خطب بالحاضرين أن على النائب إعلان رأيه المختلف قبل الانتخابات، كي لا يتم ترشيحه من الأساس ولا ينخدع به التيار لاحقاً، غامزاً من قناة النائب المطرود الياس بو صعب. لكن بو صعب رد عليه من خلال إعادة نشر مقابلات تلفزيونية له قبل الانتخابات، يعلن فيها بشكل واضح أنه شخص مستقل ولديه آراء تختلف عن قيادة باسيل. ما يعني أن باسيل كان راضياً على هذا التمايز وإلا لما قَبِل بترشحه للانتخابات. وبالتالي، تعتبر المصادر أن باسيل يخدع القاعدة الحزبية بشعارات مستهلكة حول الالتزام الحزبي، ويسلك مسار تحويل “التيار” إلى حزب مقفل وقائم على شخصه فحسب.
تطمينات وتكذيب في المتن
تداعيات طرد واستقالة النواب تفاعلت في منطقة المتن أيضاً. فقد اجتمع باسيل منذ يومين مع القياديين في هيئة قضاء المتن، لعرض آخر المستجدات السياسية، والطلب منهم الانفتاح على كل القوى السياسية. لكن وفق مصادر قيادية، كان هدف اللقاء الأساسي “تطمين” بعض القياديين الطامحين للترشح للانتخابات النيابية. فقد حاول باسيل طمأنة البعض بأنه حسم خياره بعدم ترشيح نائبه للشؤون الإدارية غسان خوري عن المقعد الأرثوذكسي في المتن، بالانتخابات النيابية المقبلة. فقد سبق وسرت شائعات بأن باسيل عازم على ترشيح خوري في الانتخابات، الأمر الذي يؤدي إلى خلافات “متنية” داخل الحزب. وباسيل بالغنى عن هذه المشاكل، بعد طرد بو صعب، واقتراب استقالة نائب المتن إبراهيم كنعان أو طرده هو الآخر من التيار.
وتضيف المصادر أن باسيل اعتذر عن تأخره في ترؤس الاجتماع في المتن، مبرراً أنه كان مجتمعاً مع هيئة بلدة ضهور شوير، لثني المحازبين هناك عن تقديم الاستقالة. فقد اعتكفت هيئة البلدة التي تضم نحو خمسين منتسباً عن العمل الحزبي عقب طرد باسيل أبو صعب. وأبلغ باسيل قيادات المتن أن بو صعب يحرّض الهيئة على تقديم الاستقالة من التيار.
ويؤكد أكثر من مصدر أن الهيئة في ضهور شوير ستصدر بياناً لتكذيب باسيل، لأنه لم يجتمع معها بتاتاً، بل اجتمع مع أشخاص من خارج البلدة لإقناعهم بإعادة تشكيل هيئة قيادية جديدة.
وتضيف هذه المصادر أن المعتكفين عن حضور اجتماعات المكتب السياسي أكثر من الذين يحضرون الاجتماعات. والعديد منهم نواب ووزراء سابقون وضباط سابقون أيضاً. لكن لم يجرؤ باسيل على إلغاء عضويتهم كما فعل مع النائب إبراهيم كنعان. فحسب النظام الداخلي الذي عدّله باسيل، تسقط العضوية من المجلس السياسي في حال عدم الحضور لثلاث جلسات متتالية. وقد استخدم هذا البند لتبرير إسقاط عضوية كنعان كنوع من المضايقة، لدفعه إلى الاستقالة من التيار، كما فعل زميله أبي رميا. وفي حال لم تأتِ الاستقالة منه، سيجد له المحيطون بباسيل ألف مبرر لفصله لاحقاً.
وليد حسين- المدن