تأخر الرد الإيراني على إسرائيل.. هل تكون نيويورك كلمة السر؟
قبل 3 أسابيع بدت المنطقة وكأنها تنحدر إلى حافة الهاوية، حين علا صوت الوعيد والتهديد، “انتقاما” لاغتيال اثنين من أبرز قادة حلفاء إيران.
فمنذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في طهران ( لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها)، والرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، أواخر يوليو/تموز الماضي، شعر الزعماء الدوليون بالقلق حيث تعهدت إيران والحزب بالرد.
ومع تهديد إسرائيل بالرد بقوة في كل من إيران ولبنان، حذر الدبلوماسيون وزعماء العالم من أن الضربات المتبادلة قد تخرج عن نطاق السيطرة وتغرق المنطقة في حرب أوسع.
وفيما كان العالم يترقب على مدار الأسابيع الماضية، ذلك الرد، خرج مسؤول عسكري إيراني كبير، يوم الثلاثاء، ليعلن أن أن الانتقام من إسرائيل “قد يستغرق وقتا طويلا ويتخذ أي عدد من الأشكال”، مما يشير إلى أن الهجوم المحتمل ربما تم تأجيله.
وقال الجنرال علي محمد نائيني، المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، في مؤتمر صحفي في طهران: “الوقت في صالحنا، ومن المحتمل أن تستغرق فترة الانتظار للرد وقتا طويلا”.
مضيفا “من الممكن ألا يكون رد إيران تكرارا للعمليات السابقة. إن جودة الرد والسيناريوهات والأدوات ليست هي نفسها دائمًا”.
وأشار نائيني إلى أن كبار قادة الحرس الثوري والجيش، إلى جانب كبار القادة الإيرانيين الآخرين، “يزنون جميع جوانب الموقف وسيتخذون قرارا حذرا وحكيما”.
في حين لم يوضح نائيني الخيارات التي تدرسها إيران، فإن إشارته إلى “العمليات السابقة” بدا أنها تعني الضربة الإيرانية على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، عندما أطلقت طهران مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار ضد خصمها القديم.
وجاء ذلك الهجوم، ردا على ضربة إسرائيلية استهدفت مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، والتي قتلت عددا من كبار القادة العسكريين الإيرانيين.
لما أجلّت إيران ردها؟
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ذهبت بالإجابة على هذا السؤال إلى ” المصالح الوطنية والاعتبارات الداخلية في إيران التي ريما تفوق في الوقت الحالي الحماسة الإيديولوجية”.
وبينما أمر المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي بشن ضربة مباشرة على إسرائيل في الصباح التالي لمقتل هنية، يقول محللون إنه مع مرور الوقت، أفسحت الصدمة المجال لتقييم أكثر واقعية للمخاطر المترتبة على الحرب مع إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، يقول الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إن أجندته هي نزع فتيل التوتر في المنطقة.
أوباما وترامب.. سر الخلاف الذي تحول إلى «ثأر شخصي»
وتقول سنام وكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن “التقييم هو أنهم لا يستطيعون القيام بكل شيء. إنه وقت حساس للغاية بالنسبة للرئيس الجديد (في إيران)”.
ولفتت إلى أن الضربة الإسرائيلية للبنية الأساسية الحيوية في إيران مثل محطات الطاقة ومصافي النفط والمرافق النووية قد تعيد البلاد إلى الوراء سنوات وتزيد من تعميق أزمتها الاقتصادية.
علاوة على إمكانية أن يؤدي أي انقطاع للكهرباء والبنزين إلى موجة احتجاجات جديدة تفاقم الوضع في إيران.
الأمر الأكثر أهمية هو أن الحرب من شأنها أن تضع حكومة بزيشكيان الجديدة على مسار مواجهة ليس فقط مع الغرب ولكن أيضا مع الدول العربية في المنطقة في وقت تحاول فيه إيران تعزيز العلاقات الوثيقة.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت سفنا حربية وغواصة إلى المنطقة للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل، حليفتها الوثيقة، كما فعلت في أبريل/نيسان.
وعزز وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة على أمل أن يؤدي ذلك إلى خفض التوترات الإقليمية.
هل تنتظر إيران هذا اجتماع نيويورك؟
ويرى مراقبون أن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي لزعماء العالم في منتصف سبتمبر/أيلول في نيويورك، تلعب أيضا دورا في حسابات إيران.
إذ سوف يظهر الرئيس الإيراني الجديد لأول مرة على المسرح العالمي، ومن المتوقع أن يوجه رسالة التغيير والاعتدال، وليس رسالة الحرب والفوضى.
وخلصت الصحيفة الأمريكية إلى أن القادة الإيرانيين ربما استنتجوا أيضا أن الضربة العسكرية لن تغير أي شيء حقا.
وهو ما لفت إليه أفشون أوستوفار، الأستاذ المشارك في شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية وخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية: “هذه الفكرة القائلة بأنه حتى لو أطلقوا آلاف الصواريخ – فماذا بعد ذلك؟” “المخاطر واضحة حقا”.
سيناريوهات الهجوم المحتمل
ومنذ أن سادت حالة الترقب، كثُر الحديث عن تكهنات حول سيناريوهات الرد الإيراني.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تطرقت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية إلى سيناريوهين اثنين.
الأول: هو أن أن تشن إيران هجوما من أراضيها باستخدام صواريخ باليستية متوسطة المدى وصواريخ كروز ضد أهداف إسرائيلية.
أما السيناريو الثاني فهو شن هجوم يتضمن وابلا من الصواريخ التي يطلقها وكلاء إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، الأمر الذي يقلل من الوقت المتاح لإسرائيل وحلفائها لإسقاط تلك الأهداف بشكل استباقي.
MSN