لماذا لا يهاجم “الحزب” اسرائيل لإزالتها من الوجود… وتدميرها بـ7 دقائق”؟

من الواضح أنه إذا احتكمنا إلى المنطق تصبح شعارات محور الممانعة مثيرة للسخرية، إذ غالباً ما تستخدم هذا العبارات مثل “تدمير اسرائيل بـ7 دقائق” و”إزالتها من الوجود”، والرسالة الأخيرة من سرايا القدس أمس دعت “حزب الله” إلى التحرّك لإزالة اسرائيل من الوجود!

لا شك في أن هذه الشعارات التي وُلِدت في مخيّلة النظام الايراني وفصائله المنتشرة في بعض الدول وبينها لبنان، وُجِدَت لتكون “أفيون” شعوب المنطقة وتخديرها ورفع معنوياتها أمام التفوّق التكنولوجي العسكري الاسرائيلي المدعوم أميركياً.

لا أحد يستطيع منع الأحلام، وقد تكون هزيمة اسرائيل موضوعية بوضعها الحالي، من سابع المستحيلات، وخصوصاً أن حلفاءها الغربيين يقفون إلى جانبها، لكن لا أحد ينكر أن محور الممانعة بقيادة إيران يُزعج تل أبيب، والهجوم الذي قامت به “حماس” على غلاف غزة في 7 تشرين الأول 2023، دغدغ عواطف الأذرع العسكرية لإيران، مستفيدة من ثغرات استخباراتية اسرائيلية، لكن رد الفعل فيما بعد الذي أدى إلى تدمير غزة، برهن أن هذه الأذرع فاعلة نسيباً، إلا أنها محدودة وعاجزة عن حماية نفسها وشعوبها من آلة الدمار الاسرائيلية!

واللافت أن “حزب الله” كان دائماً يهوّل بأنه يستعد لإجتياح الجليل، وقد شكّل، بعد حرب تموز 2006، ما يُسمّى “وحدة الرضوان”، لتحقيق هذا الهدف، ولا ينفي مسؤولو “الحزب” في مواقفهم الاعلامية أن هذا الاحتمال وارد مع الاحتفاظ بالتوقيت المناسب. في المقابل، تتهيّب اسرائيل قيام “الحزب” بمثل هذا الغزو يوماً ما، لذلك تركّز في كل المفاوضات مع الموفدين الديبلوماسيين الأميركيين، وأبرزهم آموس هوكشتاين، على ضرورة إبعاد مقاتلي “وحدة الرضوان”، ما لا يقل عن 10 كيلومترات، عن حدودها الشمالية، وإنشاء منطقة عازلة ينتشر فيها الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل”، تطبيقاً للقرار 1701.

تعرف اسرائيل أن “الحزب” مجهّز ومدرّب جيداً، وقد أجرت تدريبات ومناورات عالية المستوى منذ حرب تموز 2006، استعداداً لمواجهته على كل الصعد، وقد أثبتت أنها متفوّقة عليه بأضعاف منذ 8 تشرين الأول 2023، بدليل أنه سقط له زهاء 410 مقاتلين حتى اليوم، مقابل بعض الجنود الاسرائيليين، وهذا يعني الكثير بالعلم العسكري.

مع ذلك، يُقال إن “الحزب” لم يستخدم ثلث قوّته حتى اليوم، وقد بثّ فيديو عن أنفاق أطلق عليها إسم “عماد 4″، وهي أنفاق متطوّرة مجهّزة لقتال طويل الأمد، وتتضمن كل ما يسمح بإطلاق صواريخ شديدة الدقة وحديثة، وربما تساعد “الحزب” على مواجهة أي توغّل بري للجيش الاسرائيلي.

وقد صدر تقرير أميركي، بعد هذا الفيديو، لم يوزّع للإعلام، يشير إلى أن إصدار “الحزب” لهذا الفيديو واستعراض إمكاناته، يُقلّل من احتمال أن يستخدم هذه الأنفاق والصواريخ العالية الدقة، وحتى أن اسرائيل لم تعر الأمر أهمية كبيرة، بل قامت برد فعل سريع عبر قصف مخزن للصواريخ في البقاع، وكأنها تريد أن تبلغ “الحزب” رسالة بأنها قادرة على الوصول إلى صواريخه أينما كانت!

تأخذ اسرائيل أقصى احتياطاتها إذ قامت بإجلاء حوالي 60 ألف شخص من مستوطناتها الشمالية، بما في ذلك 14 ألف طفل، ما يعني، وفق التقرير الأميركي، أن اسرائيل أعدّت نفسها لحرب طويلة، لكن هواجسها بأن “الحزب” قد يهاجم الجليل ليست واقعية في هذه الظروف، إلا إذا اتخذت الحكومة الاسرائيلية قراراً بمهاجمة المنشآت النووية الايرانية، لأن عملاً عسكرياً من هذا النوع يضر بالمصالح الجيوستراتيجية الحيوية لـ”الحزب”، وأهمها الدفع إلى تغيير النظام في إيران!

وتحدّث التقرير عن أن المنطقة تغلي، وخطأ عسكري صغير من الجانبين، قد يؤدي إلى حرب شاملة، وعندها ترتفع احتمالات أن توجّه اسرائيل ضربة وقائية ضد المنشآت النووية الايرانية، ويُصبح من غير المستبعد أن يُهاجم “الحزب” اسرائيل. لكن التقرير يؤكّد أن “الحزب” البراغماتي في الواقع بعيداً عن الشعارات الفضفاضة لرفع معنويات بيئته، يعلم أن إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف سوف تضع خططاً طارئة للتعامل معه بصورة مدمّرة. صحيح أن شبكة الأنفاق السريّة قد تشكّل عائقاً لاسرائيل، لكنها ستستخدم نهج التدمير الكامل الذي اتبعته قوات مشاة البحرية الأميركية في الفلوجة. وسوف تستخدم الأسلحة الحارقة والقنابل الذكيّة فتغلق الأنفاق، وتحرق قرى جنوب لبنان، مع إجبار كل السكان على الانتقال شمالاً، وستعتمد التدمير السريع والثقيل.

ويختم التقرير أن اسرائيل دولة نووية أولاً وأخيراً، فإذا واجهت هجوماً على أراضيها على مستوى “الهولوكوست”، لا شيء سيردعها عن استخدام أسلحة دمار شامل أو أسلحة محظّرة دولياً لتفتك بأعدائها، وكل العالم شاهد ما فعلته في غزة، إضافة إلى أن حلفاءها الاستراتيجيين مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، لن يقفوا مكتوفي الأيدي، لذلك يتعيّن على “الحزب” التفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة كبيرة مثل الهجوم على شمال اسرائيل، فالتحالف الأميركي-الاسرائيلي قادر على انهاء مغامرة إيران وكل أذرعها العسكرية إذا شاء ذلك.

جورج حايك- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة